المرأة الفلسطينية تاريخ ونضال صانعة الأجيال وحاملة الأمانة
د. نجيبة عابد/ المرأة الفلسطينية الأم والمربية حجر الزاوية في المجتمع الفلسطيني، فهي لا تقوم بدور الأم فحسب، بل تتعدى ذلك لتكون مربية للأجيال، حاملة لواء الهوية الفلسطينية، ومورثة للقيم والتقاليد من جيل إلى آخر. فالمرأة الفلسطينية هي مصنع الرجال، فهي أم الشهيد وزوجة الشهيد وابنة الشهيد وأخت الشهيد. المرأة الغزية خاصة -والفلسطينية عامة- لا …

د. نجيبة عابد/
المرأة الفلسطينية الأم والمربية حجر الزاوية في المجتمع الفلسطيني، فهي لا تقوم بدور الأم فحسب، بل تتعدى ذلك لتكون مربية للأجيال، حاملة لواء الهوية الفلسطينية، ومورثة للقيم والتقاليد من جيل إلى آخر.
فالمرأة الفلسطينية هي مصنع الرجال، فهي أم الشهيد وزوجة الشهيد وابنة الشهيد وأخت الشهيد. المرأة الغزية خاصة -والفلسطينية عامة- لا تدفع ابنها لمقاومة المحتل فقط، بل تقاوم بفكرها وبتربيتها وبنشرها الوعي بين الأجيال الصاعدة. فنراها تغرس في صغيرها العقيدة، وتربيه على حب المقدسات، وترضعه روح المقاومة وتنسج في عقله طلب الحرية، حتى إذا استشهد كتمت حزنها وتجلدت وصبرت، واحتسبته شهيدا يشفع لها يوم القيامة ولنا في خنساوات فلسطين أكبر المثال.
صنعت لنا المرأة الغزاوية جيلا ربانيا فريدا، جيلا يؤمن بالكرامة والحرية يأبى الذل والمهانة، جيل تراه كأنك ترى صورا من صور السلف الصالح التي كنا نقرأ عنها في كتب التراجم والسير، في أخلاقهم في تعاملاتهم في تضحياتهم في صبرهم وجلدهم في بذلهم الغالي والنفيس في سبيل الله.
تقف الكلمات عاجزة وتصطف الحروف بكماء أمام هذه المراة النادرة .
الأم الغزية وكلمة أم لها من المعاني مالا يخفى، ينفطر قلبها على فلذة كبدها وهي ترى نصفه أو ثلثه تارة، ومتجمدا من البرد أمامها تارة أخرى، لا تجد ما تطعمه أحايين كثيرة، ماذا يفعل قلب الأم ياسادة؟
لله درك أيتها الغزاوية ماذا ربيت، كيف لك أن تضحي بفلذة كبدك، ترين أبناءك أشلاء متناثرة وأنت تنفضين الركام عن نفسك صابرة محتسبة لله رب العالمين؟
نعم إنها الأم والمربية الغزاوية التي قدمت وتقدم دروسا لنساء العالم والمسلمات خصوصا في فنون التربية والصبر والتمسك بالدين في أصعب المواقف، فلم نرها يوما دون حجابها حتى وهي تخرج من تحت الأنقاض وركام المنازل، رأيناها وهي تسرد القرآن وبين يديها صغيرها، رأيناها تنقذ الجريح وتداوي المريض وكل عائلتها قد استشهدت… رأيناها تذوذ عن أطفالها وتستفرغ جهدها في حمايتهم …ولكن هيهات هيهات أمام آلة الدمار والإبادة الجماعية الصهيونية التي لاتبقي ولا تذر… سرق منها حياتها وقتل أحلامها …ولكن ولأنها المرأة الغزية نراها صابرة محتسبة حفيدة الخنساء وأم عمارة.
الأم الغزية نقف لك إجلالا واحتراما فأنت القدوة في زمن انهيار القدوات، وأنت الأنموذج في زمن التفاهة وانهيار الأخلاق، قد غيرت أقطاب المعادلة، أبرزت التربية على نهج وعقيدة الإسلام، فكنت مهندسة مدرسة غزة بحق، صانعة الأجيال وحاملة الأمانة.