حقيقة المؤثرين بين قدواتنا وواقعنا

بن زموري محمد */ في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبح للمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي حضور قوي في تشكيل آراء وسلوكيات المجتمعات، خصوصًا الشباب. لكن هل هؤلاء المؤثرون هم القدوات الحقيقية التي تستحق أن تُتّبع؟ بين قدوات الماضي العظيمة وواقعنا الحالي، يبرز تساؤل مهم: ما هو الفارق بين المؤثر الحقيقي والمزيف، وكيف نوجّه أبناءنا للتمييز بينهما؟ …

مارس 2, 2025 - 14:10
 0
حقيقة المؤثرين بين قدواتنا وواقعنا

بن زموري محمد */

في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبح للمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي حضور قوي في تشكيل آراء وسلوكيات المجتمعات، خصوصًا الشباب. لكن هل هؤلاء المؤثرون هم القدوات الحقيقية التي تستحق أن تُتّبع؟ بين قدوات الماضي العظيمة وواقعنا الحالي، يبرز تساؤل مهم: ما هو الفارق بين المؤثر الحقيقي والمزيف، وكيف نوجّه أبناءنا للتمييز بينهما؟

المؤثرون في العصر الحديث: الحقيقة والتأثير
المؤثر في المفهوم الحديث هو الشخص الذي يملك جمهورًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، ويستطيع التأثير في آرائهم أو قراراتهم، سواء في أمور استهلاكية أو فكرية أو اجتماعية. لكن المشكلة تكمن في أن كثيرًا من هؤلاء المؤثرين يركزون على الشهرة والمكاسب المادية أكثر من تقديم محتوى هادف، مما يؤدي إلى نشر ثقافة الاستهلاك، والتفاهة، وأحيانًا القيم السلبية التي تضر بالمجتمع.

القدوة الحقيقية وتأثيرها عبر التاريخ
على مر التاريخ، كانت القدوة الصالحة هي المحرّك الحقيقي لبناء المجتمعات. فالرسول ﷺ كان النموذج الأكمل في الأخلاق والتربية والتأثير، فغيّر العالم في سنوات قليلة، وكان الصحابة والتابعون امتدادًا لهذا النور، فأثروا في البشرية علمًا وسلوكًا وعدلًا. حتى في الجزائر، كان العلماء والمصلحون، مثل عبد الحميد بن باديس، رموزًا للإصلاح والتغيير الحقيقي، فساهموا في بناء الوعي والحفاظ على الهوية الإسلامية في وجه الاحتلال والاستعمار الثقافي.

المقارنة بين المؤثرين الحقيقيين ومؤثري مواقع التواصل
بينما كان المؤثرون الحقيقيون على مر التاريخ ينشرون العلم والقيم النبيلة ويضحون من أجل الحق، نجد أن كثيرًا من المؤثرين اليوم يبنون شهرتهم على الترفيه الفارغ، والمبالغة في الاستعراض، وتقديم محتوى غير هادف، بل أحيانًا ضار أخلاقيًا واجتماعيًا. وهنا يُطرح السؤال: أيّ الفريقين يستحق أن يكون قدوة؟
كيف نُقدّم بديلاً حضاريًا ذا صبغة شرعية؟
الحل ليس في محاربة التكنولوجيا أو رفض مواقع التواصل، بل في استثمارها بشكل إيجابي. يجب أن نُخرج مؤثرين حقيقيين يحملون فكرًا راقيًا، ويستخدمون الأسلوب الجذاب والمحتوى القيم لتقديم رسالة هادفة مستمدة من تعاليم الإسلام. يمكن ذلك عبر:
1. إعداد محتوى هادف وجذاب يتناسب مع لغة العصر، ويُقدّم بأسلوب عصري ومؤثر.
2. دعم المبدعين الصالحين وتشجيعهم على تقديم محتوى هادف.
3. إقامة منصات إعلامية بديلة تجمع بين الاحترافية والمبادئ الإسلامية.
كيف نربي أبناءنا على التمييز بين المؤثر الصالح والفاسد؟
• تعزيز الوعي النقدي لدى الأبناء، ليكونوا قادرين على تحليل المحتوى وعدم الانسياق وراء أي مؤثر لمجرد شهرته.
• غرس القيم الإسلامية التي تجعلهم يميزون بين المحتوى المفيد والضار.
• توفير البدائل الهادفة، مثل الكتب، والمواقع التعليمية، والمؤثرين الصالحين.

وأخيرا المستقبل للأصلح
كما قال الله تعالى: «فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض». كل مؤثر لا يبني ولا يوجّه نحو الخير مصيره الزوال، أما الذين يعملون لله ويقدمون ما ينفع الناس، فهم الباقون، وهم المؤثرون الحقيقيون الذين يستحقون أن يكونوا قدوة. لذا، فلنكن نحن من يصنع البدائل الراقية، ولنعمل على تربية جيل واعٍ يميز بين المؤثر الحقيقي والمزيف.