ذكريات المقاومة الجهادية وواجبنا نحو التحديات السياسية والعسكرية (1)

أ. محمد مكركب أبران نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/ ذكرى يوم المجاهد في الجزائر، تعود إلينا هذه السنة، والشعوب المسلمة في مشرقها ومغربها تتعرض لأخطر التحديات، السياسية والعسكرية، وقرون الفتنة في هذه التحديات: اليهود الذين يحتلون فلسطين، والأخطر منهم، المتواطئون معهم، الذين يوالونهم ويعينونهم في السر والعلن. أولا: المحطة التاريخية ليوم المجاهد. {يعود ذلك …

أغسطس 11, 2025 - 14:37
 0
ذكريات  المقاومة  الجهادية  وواجبنا نحو التحديات السياسية والعسكرية (1)

أ. محمد مكركب أبران
نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/

ذكرى يوم المجاهد في الجزائر، تعود إلينا هذه السنة، والشعوب المسلمة في مشرقها ومغربها تتعرض لأخطر التحديات، السياسية والعسكرية، وقرون الفتنة في هذه التحديات: اليهود الذين يحتلون فلسطين، والأخطر منهم، المتواطئون معهم، الذين يوالونهم ويعينونهم في السر والعلن.
أولا: المحطة التاريخية ليوم المجاهد. {يعود ذلك ليوم:20 أوت 1955م. والمناسبة هي الحادثة المعروفة {بهجومات الشمال القسنطيني} ومن نتائج هذا اليوم التاريخي من أيام الثورة الجهادية الجزائرية، أنه لأول مرة تسجل قضية الثورة الجزائرية في جدول أعمال منظمة الأمم المتحدة، في الدورة العاشرة. سنة:1955م} (كتاب الثورة الجزائرية. المؤلف بوعلام بن حمودة:ص :229) فبمراجعة الذاكرة الوطنية في باب يوم المجاهد، نبحث في ملف التهديدات الفرنسية، ماذا كان يقول الفرنسيون في ذلك الزمان؟ وماذا يقولون الآن؟ وحتى يكون الشعب الجزائري، وكل الشعوب العربية ثابتة لا تُربكها تهديدات الفرنسيين، ولا اليهود، ولا من هم وراء اليهود، ولا المطبعون مع اليهود، ولا غيرهم، أقول: فإن الاستعمار منذ القديم يستعمل سلاح التهديد، والغطرسة والوعيد، ولكنه كطبل في مهب الريح، إذا كانت هذه الشعوب متحدة متعاونة، ويقظة مستعدة، واسمعوا ما ذا قال: (فرانسوا ميتران) وزير الداخلية الفرنسي، 5 نوفمبر 1954م: {الجزائر هي فرنسا، ثم من افلاندر إلى الكونغوا هناك قانون واحد ومجلس نيابي واحد، هذا هو دستورنا وهذه هي إرادتنا. وإن المفاوضات الوحيدة هي الحرب} وما أمر التهديد والغطرسة الاستعمارية الجديدة إلا كأحلامهم القديمة، فإن الصراع الذي يديره الأعداء ضد المسلمين، يمارسونه في الحاضر، كما مارسوه في الماضي، يريدون أن يُذِلُّوا المسلمين، وأن يخضعوهم لمصالحهم . لهذا لا ينبغي أن ننسى التاريخ، فكما قال آباؤنا للاستعمار القديم: (يافرنسا قد مضى وقت العتاب.
وطويناه كما يطوى الكتاب) حان الوقت لأن يقف المسلمون وقفة إيمانية، يقولون من خلالها للكافرين المعتدين: قفوا عند حدكم، والزموا المواثيق التي تقولونها بألسنتكم بأنكم تريدون الحرية والسلم والعدالة!! فأين حريتكم في فلسطين، وأين حرية المسلمين المعذبين في كثير من أرجاء العالم، وأين السلم في البلدان التي تسعون لتمزيق شعوبها في الشام وليبيا والسودان والعراق واليمن، وتثيرون الفتن بين أبنائها بالتواطؤ مع الأعداء. وأين العدالة الاقتصادية، بين من لا يجد رغيف خبز، ولا مغارة يأوي إليها، ومن يرمي الرز والبقول في البحر، ويلقي القنابل على مساكن الأبرياء؟؟ قلت: {إن ذكرى يوم المجاهد في الجزائر، تعود إلينا هذه السنة، (2025م) والشعوب المسلمة في مشرقها ومغربها تتعرض لأخطر التحديات} ولم يبق الشعب الفلسطيني وحده المعرض للخطر، إن كل البلدان الإسلامية في خطر، الخطر السياسي والثقافي والتربوي بل والخطر الحربي. ولا يجدي المسلمين اليوم مجرد عتاب الغرب والشرق، ولا لوم الأعداء على جرائمهم في الماضي والحاضر، ولا يجدي التنديد الذي سَئِمَهُ الإعلام منذ ستة عقود وإلى اليوم. إنما ذكريات الجهاد، والغزوات، والمقاومات. تقول للشعوب المسلمة المظلومة، أو المعرضة للتهديد والاستفزاز والتضييق، تقول ذكرى يوم المجاهد:كونوا رجالا ونساء مؤمنين، كأولئك المجاهدين الصادقين، الذين أخبر الله عز وجل عنهم. ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ (آل عمران:173) فلما أجمعوا أمرهم، وأعدوا عدتهم، وتوكلوا على ربهم، ﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ فمهما كان حجم التحديات، فلن يخيف المؤمنين والمؤمنات، إن كانوا صادقين في الإيمان والإخلاص والإعداد، ثم إن كانوا صادقين في الأخوة والتكامل والاتحاد. قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ لقد بقي الاستعمار الفرنسي في الجزائر مائة واثنين وثلاثين سنة. (132 سنة) ولكن الشعب الجزائري عندما استعد بعزم إيماني خالص، وتوكل على الله العزيز الحكيم، وأعلنها ثورة جهادية أخوية، كان له النصر من عند الله سبحانه. أتعلمون ما ذا قالت فرنسا على لسان حاكمها العام في الجزائر. جاك سوستال. يوم 23 فيفري 1955م قبل يوم المجاهد بخمسة أشهر. قال وهو في حالة من الزهو والغطرسة: {إن فرنسا هنا في ديارها، أو على الأصح فإن الجزائر وجميع سكانها جزء من فرنسا، كما أنها جزء لا يتجزأ منها..قال: إن مصير الجزائر فرنسي..وهو اختيار قررته فرنسا.. وهذا الاختيار يدعى الاندماج.} (أرشيف الملفات الوثائقية لجبهة التحرير الوطني. نشر وزارة الإعلام. أوت1976م) وهذا الكلام والتذكير والتنبيه نقوله لجيل الاستقلال كان ولا يزال يجهل الكثير عن التحديات الاستعمارية القديمة والحديثة والمعاصرة، والدعوة في هذا المقال، إلى الجيل الحالي في الجزائر وكل المغرب الكبير والشمال الإفريقي، بأن يتسلح بالتوكل على الله، والوعي الإيماني والعلمي، وأن يتحلى بالروح الوطنية الحقيقة، واليقظة الدائمة. لقد كانت هجومات المجاهدين يوم 20 أوت 1955م. دليلا قاطعا على أصالة الشعب الجزائري المسلم، ودليلا على أصالة ثورته الجهادية المسلمة. وكان يوم المجاهد دليلا على أن الشعوب المستعدة دَوْمًا والمعتصمة بالله سبحانه، وإن فُتِنَتْ بالكافرين المعتدين، وإن تعثرت يوما ما، فإنها تستيقظ وتقوم وتنهض من جديد، والحرب بين الكافرين والمسلمين مستمرة، وذلك من جملة امتحان الدنيا. قال الله تعالى. ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾ فعلى الشعوب الإسلامية، أن تعلم بأن تطاول الكافرين واعتداءاتهم ما هي امتحان قد يطول، وقد يقصر، وفق مشيئة الله عز وجل. قال الله تعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾ وقال تبارك وتعالى: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ فعلى الجيل الحاضر أن يتحمل المسؤولية كاملة نحو دينه وسيادته ووطنه، ذلك لأن الرصيد الروحي والمادي، الذي تركه الشهداء، لهذا الجيل، والظرف الزمني الذي يعيشه هذا الجيل، فيه من الحظوظ الزائدة لصالح هذا الجيل، على ما كان عليه الأجداد والآباء. والقوة ليست في الطائرات المسيرة، والقنابل الذرية، والأسلحة الكيماوية فقط، وكان الأولى بالمسلمين أن تكون لهم اليد العليا في هذا، ولكن قدر الله وما شاء فعل. فإن قوة المسلمين الواجب اللجوء إليها والحالة هذه. تتمثل: في تجديد الإيمان، وإقامة العبودية لله تعالى، والاتحاد، واجتناب كل تفرق، وكل نزاع، وكل خلاف. وحينها يتحقق فيهم قول الله تعالى.
﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾.