“رحبة الجمال”.. مدينة عجيبة في قلب مدينة قسنطينة
دعك من المساحات الكبرى التي “نبتت” في المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة وفتوحات الماركات العالمية التي زيّنت الفضاءات التجارية. دعك من هذه المساحات العصرية التي تتنقل فيها بين طابق وآخر، بمصاعد زجاجية وسلالم كهربائية، دعك من محلات تخطف ناظرك بأضوائها وروائحها العطرة وبائعاتها الشابات الحسناوات. دعك من كل هذا، وعرّج، ولو للحظة وجيزة، إلى “رحبة […] The post “رحبة الجمال”.. مدينة عجيبة في قلب مدينة قسنطينة appeared first on الشروق أونلاين.


دعك من المساحات الكبرى التي “نبتت” في المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة وفتوحات الماركات العالمية التي زيّنت الفضاءات التجارية. دعك من هذه المساحات العصرية التي تتنقل فيها بين طابق وآخر، بمصاعد زجاجية وسلالم كهربائية، دعك من محلات تخطف ناظرك بأضوائها وروائحها العطرة وبائعاتها الشابات الحسناوات.
دعك من كل هذا، وعرّج، ولو للحظة وجيزة، إلى “رحبة الجمال” في قلب مدينة قسنطينة العتيقة، لتعرف بأن العراقة لا تُهزم أبدا. وكلما انطلقت التجارة في فضاءات العصرنة، كلما ازدادت العراقة صمودا، فسقطت أسماء الساحات العصرية الكبرى برغم روعتها أمام “رحبة الجمال”، بـ”بيتزتها” المربعة، وحمصها الفريد، وأيضا بـ”آيفوناتها” المتطورة وألبسة الموضة التي لم يمر على ظهورها هناك ما وراء البحر أكثر من ساعات وربما دقائق معدودات.
هنا تسوّق مارسيل خليفة ونزار قباني
لا يزيد حي “رحبة الجمال” بقلب قسنطينة، من حيث المساحة، عن شارعين ضيقين متداخلين في بعض، ومنعرجات معقدة، حوّلها الإنسان إلى مكان وبزارات على قدر ضيقها، تتسع لكل سلع العالم، فإذا أردت نظارة من آخر الصيحات عليك بـ”رحبة الجمال”، وإذا أردت أن ترتدي حذاء لم يلبسه أحد في البلاد من قبل، فعليك بـ”رحبة الجمال”، وحتى أكبر بائعي “الآيفون” في الجزائر المرتبطين مباشرة بالصين وفنلندا، يرفعون أحيانا الراية البيضاء استسلاما أمام سلعة غير متوفرة، ويشيرون لمن يقصدهم إلى “رحبة الجمال”، في كل الحالات “رحبة الجمال” هي الحل.
عندما تواجد الفنان اللبناني التقدمي مارسيل خليفة في الجزائر، ومكث لبضعة أسابيع في مدينة قسنطينة في ثمانينيات القرن الماضي، كان يتوجه يوميا إلى “رحبة الجمال” ليقتني آخر أشرطة الغناء الجزائري والعربي والعالمي، فلا يكاد يبحث عن أغنية حديثة أو مقطع موسيقي إلا ووجد الشريط، فاستأنس بالمدينة وبـ”رحبة الجمال”، التي اشترى منها لباسا وتناول فيها الحمص اللذيذ، وأدى أغنية “مناضلون” و”أحنّ إلى خبز أمي” في مسرحها المتواجد ملتصقا بـ”رحبة الجمال”.
من ميزات “رحبة الجمال”، أنها متواجدة في قلب مدينة قسنطينة، مقابلة للبريد المركزي بوسط بلدية قسنطينة وملتصقة في مبنى المسرح الجهوي، وبفروع بنكية، ولا يفصلها عن أهم شوارع المدينة سوى بضعة أمتار، لأجل ذلك دخلها وأكل من حمصها اللذيذ الراحل وديع الصافي والشاعر نزار قباني، وكان من بين زبائنها والمتفسحين فيها الفنان الجزائري الكبير رويشد، الذي قال في حوار سابق لـ”الشروق العربي”، بأنه لا يتصور نفسه في قسنطينة من دون أن يجلس في مطاعمها الضيقة جدا، لأجل تناول الحمص “دوبل زيت”.
تحسّ وأنت في قلب “رحبة الجمال”، بالرغم من الزحام الذي يجعل مسارك أحيانا مشكلة في حدّ ذاتها، بأنك تعلّب الحضارات في كيس واحد، فقد يفاجئك شيخ في الثمانين يبيع خاتم فضة ملك لجده يعود للعهد العثماني، وقد يقف أمامك شاب يبيع عملة ليست صعبة لبلد ربما لا تعرف إلى أي قارة ينتمي وربما لم تسمع به من قبل.
دكاكين الحمص هي نفسها في سنة 2025، مسيّروها يحفظون نفس النغمة التي ردّدها ربما أجدادهم: “مرحبا بيك حمّص على الفحم دوبل زيت”، لكن الجديد الوحيد هو سيطرة الهواتف النقالة بكل أنواعها وماركاتها على المشهد العام، بعد أن كانت أشرطة الشاب حسني والشاب عزيز ومايكل جاكسون وماجدة الرومي هي التي تباع في هذه المحلات، التي لا تكاد تتوقف فيها الحركة منذ افتتاحها صباحا إلى غاية المساء.
يقول رمزي، وهو بائع في “رحبة الجمال”: “أتواجد مع ابن عمي منذ حوالي ثلاث سنوات في “رحبة الجمال”، الجميل أنك تتعلم التجارة هنا في بضعة أيام، فالحركة شبيهة بالبورصة العالمية، لا تضيّع وقتك إطلاقا، في كل دقيقة يأتيك مواطن يريد بيع أشيائه، وفي دقيقة يأتيك من يريد شراء ما لم تتصوره من سلعة، وبين هذا وذاك، يتنمّى الحسّ التجاري عندك ويعطيك تاجرا متمرسا خبيرا في عزّ الشباب”.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post “رحبة الجمال”.. مدينة عجيبة في قلب مدينة قسنطينة appeared first on الشروق أونلاين.