رحيلك يا “بشير ” ترك فينا مرارة وألم
…..كل الكلمات مهما كانت قوة تعبيرها لا يمكنها أن تفي أبدا مرارة الألم و قساوته التي تركها فينا رحيلك،لقد حجب عنا المرض اللعين الذي ألم بك و أسرع في الفتك بجسدك لقاء وداعك الأخير إلى مثواك الأبدي .لم يترك لنا فرصة النظر إلى وجهك السمح ، الوجه الذي لم تنسحب منه …

…..كل الكلمات مهما كانت قوة تعبيرها لا يمكنها أن تفي أبدا مرارة الألم و قساوته التي تركها فينا رحيلك،لقد حجب عنا المرض اللعين الذي ألم بك و أسرع في الفتك بجسدك لقاء وداعك الأخير إلى مثواك الأبدي .لم يترك لنا فرصة النظر إلى وجهك السمح ، الوجه الذي لم تنسحب منه ابتسامتك حتى و أنت في أوج معاناتك و قد صار جسدك الذي نال منه المرض هشام تضعضعا ،كنت باستمرار تخفي عنا معاناتك ، حزنك ، رفضت البوح بما كانت تحمله دواخلك من آهات الألم المليئة بالحزن و الحسرة و الكآبة،تتألم لآلام عائلتك و لمعاناة المقربين منك كنت تؤثر نفسك و أنت بأمس الحاجة إلى من يساعدك و يأخذ بيدك.
تبا لثقافة الأخ الأكبر في مجتمعاتنا.
كنت باستمرار تحب من يستمع الى مستجدات أبحاثك و دراساتك فكنا نتفق دائما على موعد نلتقي فيه للحديث عن كل شيء عن الجامعة وعن البحث وعن مستجدات وطننا الحبيب وكان أفضل الأحاديث تلك التي تبدأ فيها سرد أسماء علمية كنت تحب بإفراط الحديث عنها فتسهب في تناول أفكار الأستاذ جمال غريد و الأستاذ لقجع عبد القادر رحمهما الله و كل الأسماء التي كانت تتقاطع مع اهتمامك البحثي ثم نغادر المقهى و أحيانا تفضل أن نتبادل أطراف الحديث أثناء المشي .
لقد فضلت في السنوات الأخيرة الفرار من ضجيج يوميات جامعية بائسة مليئة بثقافة البؤس و الشقاء إلى درجة الارتكاس و فقد الأمل فأخذت قرارا أساسيا توجهت من خلاله إلى تجريب الاجتماع و الأناسة عبر الكتابة لأنك كنت تعتقد أنها وحدها الكتابة تملك القدرة على منحك جرعات تخفف عنك معاناة الحزن و الكآبة و كأنك كنت تعلم أن موتك صار يدنو منك فوجدت في الكتابة خلاصك من يوميات المحن من جهة و إثبات لذاتك و ثبات لقناعتك الأنطولوجية من جهة أخرى، فرُحت تخفي نفسك عن الأنظار لساعات طويلة حتى أيام العطل في مكتبك بالطابق الأول من إدارة الكلية -كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية-لأنك أدركت بأن الكتابة هي الأخرى أسلوب للمقاومة، مقاومة الضجر والكآبة و الملل و حتى الموت ،لأنها-الكتابة – ستنتصر لك في زمن فضل الكل الانشغال بغيرك و أنت الذي انشغلت بهم طوال حياتك .لقد تركوك لوحدك تواجه المرض اللعين تقاوم موتك في صمت لقد أدرك الموت فيك عنادك و مقاومتك له فراح يرتب لوحده ظروف مغادرتك لهذا العالم الذي لم يكن يوما ورديا كما رسمته لنا الحكايات و الأساطير.
بقلم/ الدكتور: عبد القادر بودومة