رسالة ذكرى يوم الشهيد إلى الشعوب والقادة والشباب للبناء والتشييد

أ. محمد مكركب/ تعود إلينا ذكرى يوم الشهيد ليوم 18 فبراير المجيد، مجيد بقدر دماء الشهداء، ودعوة العلماء. لبنا وقْفة رسالية، لنتذكر كل شهداء الحق والصدق من بداية الجهاد في سبيل الله سبحانه، عبر تاريخ البشرية، إلى يومنا هذا، لنعتبر إن كنا واعين، ولنتعظ إن كنا يقظين، نتذكر مواقف وبطولات كل الذين قُتِلوا في سبيل …

فبراير 24, 2025 - 16:29
 0
رسالة ذكرى يوم الشهيد إلى الشعوب والقادة والشباب للبناء والتشييد

أ. محمد مكركب/

تعود إلينا ذكرى يوم الشهيد ليوم 18 فبراير المجيد، مجيد بقدر دماء الشهداء، ودعوة العلماء. لبنا وقْفة رسالية، لنتذكر كل شهداء الحق والصدق من بداية الجهاد في سبيل الله سبحانه، عبر تاريخ البشرية، إلى يومنا هذا، لنعتبر إن كنا واعين، ولنتعظ إن كنا يقظين، نتذكر مواقف وبطولات كل الذين قُتِلوا في سبيل الله دفاعا عن الدين والأوطان، استشهدوا لِيُعبد اللهُ وحده لا شريك له، ولنعتبر بسير من جاهدوا وقاوموا ليعيش المسلمون في أمن وأمان. تعود ذكرى يوم الشهيد هذه السنة، والعالم يعيش فتنا واضطرابات، في كل القارات، والمستضعفون يُدَمَّرُون ويبادون في كثير من ربوع الأرض، وصار العالم كله مهددا بحرب عالمية ثالثة، وكل هذا الذي يجرى لا ينسينا أمرين كبيرين بالنسبة لنا نحن معشر الجزائريين. الأمر الأول: اهتمامنا بوحدتنا الوطنية، ويقظتنا وانتباهنا إلى ما يجري حولنا، ومواصلة البناء والتجديد والتعاون على البر والتقوى، للإعمار والتشييد، ولمواجهة التحديات الكبرى العلمية، والعسكرية والاقتصادية. والأمر الثاني: اهتمامنا بالأمة الإسلامية ومنها، حفظ الأمانة الفلسطينية، والوقوف مع فلسطين، والعمل على تحريرها، وتمكين السيادة للشعب الفلسطيني ليعيش حرا على أرضه وفي دياره وتحت رايته في عزة وشرف وكرامة. وهذا دون أن ننسى كل الشعوب المسلمة للتعاون معهم، ومد يد العون لهم، بما يرضي الله سبحانه، وبما نستطيع عمله لتحقيق المصالح المشروعة لكل الشعوب المظلومة، كالشعوب التي ابتليت بفتن النزاع والتقاتل بما ينزغ به شياطين الجن والانس بينهم. وبمناسبة ذكرى يوم الشهيد نوجه لأنفسنا رسائل النصح والتذكير، لنكون يوم القيامة من الذين: ﴿آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ أولا: رسالة إلينا نحن معشر الجزائريين، لنثبت على المبادئ التي استشهد من أجلها كل شهداء الحق، وما يهدينا إلى تباع الحق، هو الثبات على المبادئ التي دعا إليها الله سبحانه في كتابه، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، في سنته. ومنها: أن لا نختلف، ولا نتنازع، وأن لا نتفرق إلى أحزاب ولا إلا طوائف ولا إلى فرق، فاقرؤوا تاريخ الشعوب تجدون أعظم الفتن وأكبر المصائب في الاختلافات السياسية وتفرق الشعوب والجماعات والأمم إلى زعماء ومشايخ وعصبيات وجهويات وفرق وطوائف وأحزاب دنيوية مصلحية. ولنتعظ، ونعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال: [آمركم بخمس الله أمرني بهن، السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع، ومن ادعى دعوى الجاهلية فإنه من جثا جهنم، فقال رجل: يا رسول الله وإن صلى وصام؟ قال: وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين، عباد الله] (الترمذي: 2863). ثانيا: رسالة إلى كل الشعوب المتخالفة المتقاتلة مع بعضها. يقال لهم: إن الاستمرار في التقاتل وزرع العداوة والأحقاد بين أبناء أي شعب، إنما هو انتحار عن عمد، ومشاركة في خدمة الكافرين والملحدين الذين يتآمرون على إبادة المسلمين. نُذَكِّرُ إخواننا في البلدان التي أُوقِدَتْ فيها نيرانُ التقاتل والصراعات الدموية بينهم. ونبدأ بالنصيحة للفلسطينيين، بأن يتحدوا، وأن يعلموا أن المحتلين الكافرين لن ينفعوا من يتحالف معهم، أو من يُطَبِّعُ معهم، أو من يستعين بهم.. قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (الأنفال:46) وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ (هود:113) فإذا لم تكفكم أيها المتقاتلون مع إخوانكم وأبناء وطنكم، إذا لم تكفكم نصيحة الله ووصيته؟ فَبِمَ نوصيكم؟ فيامن نزغ الشيطان بينك وبين إخوتك، أو بينك وبين مواطنيك، أنت تقتل ابن وطنك لفائدة من ؟ ولحساب من؟ من أجل منصب قد تخرج منه مذلولا، ومُحَمَّلا بالأوزار؟. هل تقتل من أجل المال، ثم تتركه لغيرك وستحاسب عليه يوم لا ينفع فيه المال، ولا السلاح، ولا الطغيان.؟؟ ثالثا: رسالة إلى كل الحكام والأمراء والملوك، يقال لهم: إن زمن الدنيا قصير، وزمن الدار الآخرة دائم أبدي مستمر، فلماذا لا يقف الحاكم في دنياه موقف ساعة يرضي فيها ربه ويفوز بالسعادة الأبدية؟؟ ودعوة كل الحكام والملوك والأمراء إلى العمل بما أمر الله سبحانه:
﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ الأعراف:3). واتعظوا بما أمر الله به نبيه داوود عليه السلام، فقال له:
﴿فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى﴾ (ص:26) وقال لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾ (المائدة:48) واجتناب ما نهى الله عنه، ومما نها الله عنه: ﴿لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ (المائدة:51) لا في السياسة، ولا في التربية، ولا في الثقافة، ولا في التبعية الاقتصادية، لا تطيعوا الكافرين. واعلموا أنه مهما بلغت قوة الكافرين فإن قوة الله أقوى، واتعظوا بالمسلمين المتوكلين المتيقنين، الذين اعتصموا بالله وتوكلوا عليه عن يقين: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ (آل عمران:173) رابعا: رسالة إلى الشباب الجزائري خاصة. أقول لهم في ذكرى يوم الشهيد: لا تخطئوا كما أخطأ كثير وكثير ممن يريدون عيش الدنيا للدنيا، وشهوات الدنيا للاستمتاع، وشهرة الدنيا للتطاول والخيلاء، أيها الشباب، فلا يغريكم مال الدنيا، واحذروا طيش المراهقين. أنتم الشبان الجزائريون، الذين أتيحت لهم الفرص، الذين عشتم في حرية الاستقلال، الرسالة لكم: بأن تكونوا من الذين لهم بصمات يُذكرون بها في الدنيا بالخير، وتُثْقِلُ ميزانَ حسناتهم يوم القيامة. فاقتدوا بابن باديس، وبن بولعيد، وغيرهما ممن يذكرون بالمواقف والبطولات، ولا تكونوا من الذي يعيشون لدنياهم، فلتكن حياتكم لله سبحانه، وعيشوا للإسلام، ثم لخدمة الجزائر، ولتكن بطولتكم في العلوم، والأعمال الصناعية، والاقتصادية، في الإبداع والاختراع، فيا شباب الجزائر، ما الفرق بينكم وبين الذين يصنعون العجائب في ميدان الذكاء الاصطناعي؟ ما الفرق بينكم وبين الذين يُبْدِعُون في الصناعات الدقيقة والعالية، وتطوير أساليب الخدامات الراقية؟؟ ألا فاصنعوا دواءكم، ومراكبكم، وثيابكم، وأسلحة الدفاع عن وطنكم بأيديكم، وفاء لأمانة الشهداء، وعملا بوصايا العلماء.