روسيا والترامبية الجديدة

د. مظهر محمد صالح سيكون الشرق الأوسط الجديد ضحية نشوء القطبية الثنائية التوافقية والتصالحية الخالية حتى من مرحلة العزلة والتي كانت تسمى الحرب الباردة بين القطبين (الأمريكي – السوفياتي السابق) ومن خلال المختبر الجيوسياسي الشرق أوسطي السوري المحاط بالقطبية الثنائية المتصالحة والمؤسسة لبدايات عالم ما بعد الإمبريالية‪…‬‬ إن إدراك المجال الحيوي الدولي الجديد لسياسة القضم …

مارس 16, 2025 - 07:07
 0
روسيا والترامبية الجديدة

د. مظهر محمد صالح

سيكون الشرق الأوسط الجديد ضحية نشوء القطبية الثنائية التوافقية والتصالحية الخالية حتى من مرحلة العزلة والتي كانت تسمى الحرب الباردة بين القطبين (الأمريكي – السوفياتي السابق) ومن خلال المختبر الجيوسياسي الشرق أوسطي السوري المحاط بالقطبية الثنائية المتصالحة والمؤسسة لبدايات عالم ما بعد الإمبريالية‪…‬‬
إن إدراك المجال الحيوي الدولي الجديد لسياسة القضم والتفكيك في النظرية الجيو بولتكية لأميركا في عهد الرئيس ترامب (الترامبية الجديدة) تقوم على شرعية ابتلاع أجزاء من أوكرانيا الأوروبية ًرسمياً لمصلحة روسيا والاستمرار في محور تطور تفكيك سوريا كانتونيا عبر إشاعة الشرق الأوسط الجديد‪.‬‬
إذ تجد روسيا في نطاق القضم الروسي، المشرعن أمريكياً، نفسها في الحرب في الجبهة الأوراسية هي القاضم للأرض والمنتصرة على أوروبا بأكملها. ويأتي ذلك بالتزامن والتوازي في قضم الولايات المتحدة ومحاولتها تهديد كندا أيسلندا وبنما وخليج المكسيك لتوسيع نفوذها الجيو سياسي والاقتصادي، بعد السماح الأمريكي لروسيا إن تؤدي الدور نفسه في حربها في قلب أوراوسيا عبر تفاهمات الرياض في العاصمة السعودية موخراً‪ .‬‬
ونجد بالمقابل إن الشرق الأوسط مهدد بالتقسيم في محور سوريا اليوم كمرتكز جيو سياسي هيلامي وتحت نفوذ واحتلالات أربعة بلدان اثنتان منها أطلسية (هما أميركا وتركيا) عدا روسيا وإسرائيل حلفاء أميركا كلاً على طريقته الخاصة في الضم والتفكيك‪ .‬‬
إضافة الى ذلك، فقد اظهر التاريخ السياسي الحديث، إن حلفاء الأخرين لأميركا لديهم طرق مختلفة في تحالفهم معها، بناءً على مصالحهم الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية. فبعض الدول مثل بريطانيا واليابان تعتمد على تحالفات عسكرية وأمنية قوية، بينما دول أخرى مثل ألمانيا وفرنسا قد تختلف أحيانًا مع السياسات الأمريكية لكنها تظل شريكة رئيسة اقتصاديًا وسياسيًا‪.‬‬
وهناك دول تربطها بأمريكا تحالفات براغماتية تقوم على المصالح المتبادلة، مثل بعض دول الشرق الأوسط التي تعتمد على الدعم العسكري أو السياسي. ولكن في النهاية، كل حليف يتعامل مع أمريكا وفقًا لأجندته الخاصة ولكن العبرة ما سيؤول إليه العالم بعد الحرب الأوكرانية والتغيير في سوريا‪ .‬‬
هنا طالعنا المفكر الكبير إبراهيم العبادي في مقال مهم له عنوانه: تغيير الشرق الأوسط الحلقة 2 بالقول (من المتوقع أن تضع حرب أوكرانيا أوزارها عبر تسوية يتقاسم فيها الروس والأمريكان النفوذ، مقابل منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى المعادن النادرة في أوكرانيا، التي تشكل عنصرًا أساسيًا في استراتيجية الحفاظ على التفوق التكنولوجي الأمريكي)‪.‬‬
ويظهر أن بوتين قد فهم طريقة تفكير ترامب، وبدأ بتقاسم النفوذ معه، مستهلًا ذلك بملف أوكرانيا الذي يشكل أولوية أمنية لموسكو، قبل أن ينتقل إلى مقايضة الأوراق الروسية في الشرق الأوسط. ومن بين أهم مخرجات هذا التفاهم، تخلي واشنطن عن وسطاءها التقليديين في الملف الإيراني لصالح روسيا، التي أصبحت الوسيط الجديد بين الولايات المتحدة وإيران. ويختتم العبادي القول إن المراجعة والتكيف مع المتغيرات بوعي ومسؤولية يبقى الخيار الأفضل، بدلًا من التمترس في الخنادق دون أفق واضح‪).‬‬
لذا تقوم الترامبية الجديدة على إقرار مبدأ (الثنائية القطبية الأمريكية الروسية والقائمة على مبدأ تسويغ القضم أو الضم) وعلى نحو تصالحي مع روسيا القطب الثنائي المتجدد تحديداً‪ .‬‬
وفي مقدمة ذلك السماح لروسيا النووية بقضم أوكرانيا كمسوغ لأميركا لقضم مناطق نفوذها الجيوسياسية الجديدة التي أعلنت عنها في خرائط القارة الأمريكية الشمالية وأوروبا وأجزاء من القارة الأمريكية الوسطى، ذلك في (إخراس) أوروبا بقوة التحالفات الروسية الأمريكية في أوكرانيا (المقسمة) لإظهار هيمنة القطب الثاني والصديق الروسي المتصالح في الوقت نفسه مع المنهج الترامبي الجديد وجعل الصين وحروبها الناعمة وأوروبا خارج الأقطاب المتشكلة في هذه الثنائية‪.‬‬
في حين يبقى الشرق الأوسط يسير في الأنموذج السوري التفكيكي في رعاية أمريكية روسية متحالفة، وتبقى تركيا وإسرائيل على الأرض السورية هما خطان يوازيان النموذج الأمريكي الروسي في بناء فكرة الشرق أوسطية نفسها لتكون نتاج التفكيك والقضم لعالم ما بعد حرب اوروسيا‪ .‬‬
ختاماً، سيتعزز القطب الثاني بإرادة توافقية أمريكية على سياسة تسويغ القضم ويستمر الشرق الأوسط في التقوقع في كانتونياته العرقية أو الدينية في ظلال الإرادة القطبية الروسية الأمريكية نفسها في القضم والتفكيك‪!‬‬
إذ سيكون الشرق الأوسط الجديد ضحية نشوء القطبية الثنائية التوافقية والتصالحية الخالية حتى من مرحلة العزلة والتي كانت تسمى الحرب الباردة بين القطبين (الأمريكي – السوفياتي السابق) ومن خلال المختبر الجيوسياسي الشرق أوسطي السوري المحاط بالقطبية الثنائية المتصالحة والمؤسسة لبدايات عالم ما بعد الإمبريالية.