هل الظاهرة الترامبية سحابة صيف عابرة

يوصف أي زعيم سياسي بالظاهرة، لمايقوم باتخاذ قرارات غير عادية أو استثنائية مقارنة بأترابه من الزعماء السياسيين،سواء على مستوى البلد الواحد أو على مستوى البلدان المشكلة لكتلة واحدة من حيث طبيعة النظام السياسي. هكذا شكّل أدولف هتلر ومن قبله بسمارك ظاهرةسياسية ألمانية بامتياز، كما شكّل جمال عبد الناصر ومن قبله محمد علي ظاهرة سياسيةمصرية تعدّت حدود …

أبريل 12, 2025 - 14:56
 0
هل الظاهرة الترامبية سحابة صيف عابرة

يوصف أي زعيم سياسي بالظاهرة، لمايقوم باتخاذ قرارات غير عادية أو استثنائية مقارنة بأترابه من الزعماء السياسيين،سواء على مستوى البلد الواحد أو على مستوى البلدان المشكلة لكتلة واحدة من حيث طبيعة النظام السياسي. هكذا شكّل أدولف هتلر ومن قبله بسمارك ظاهرةسياسية ألمانية بامتياز، كما شكّل جمال عبد الناصر ومن قبله محمد علي ظاهرة سياسيةمصرية تعدّت حدود مصر لتستقر في عديد من الدول العربية.في هذا السياق، يمثل دونالد ترامبظاهرة سياسية أمريكية-عالمية نظرا لماضيه الشخصي والسياسي ونشاطه الحزبي المتباين،وخطابه الإيديولوجي وقراراته السياسية والدبلوماسية والاقتصادية خلال الممارسةالرئاسية بالبيت الأبيض، وهو ما يمثل استثناءً مقارنة برؤساء أمريكا السابقين.فما الترامبية؟ وهل وجدت قبل دونالد ترامب؟ ما هي مظاهرها؟كيف تجسّدت في العهدة الأولى؟ وما هي مآلها في العهدة الثانية؟ وهل تزول بزوالدونالد ترامب أم ستستمر كعقيدة سياسية للحزب الجمهوريبأعضائه الجدد؟ 
-1 في تعريف الترامبية ظهر مصطلح الترامبية كظاهرة سياسيةمع بروز دونالد ترامب على مستوى الحزب الجمهوري الأمريكي بعد فوزه في الانتخاباتالتمهيدية للحزب على منافسه “تيد كروز” بعد معركة سياسية تخللتها تبادلالتهم  حتى فيما يتعلق بفضائح الزوجات بينالرجلين. ثم فوزه من بعد في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2016 علىغريمته الديمقراطية هيلاري كلينتون بفارق أصوات ضعيفة مما شكل مفاجأة للمتابعينللشأن السياسي الأمريكي.وقد أصبحت الترامبية حركة سياسية واقتصاديةواجتماعية وثقافية تجاوزت شخص دونالد ترامب، وأمست حسب الاختصاصيين خليط بيناليمين السياسي والديني المتطرف والقومية الأمريكية الشعبوية، معارضة في ذلكاليمين التقليدي ونخبه السياسية وخطاباته المعتدلة، وهو ما جذب قطاع واسع من الشعبالأمريكي المنغلق على نفسه ثقافيا وحتى دينيا، خاصة الأمريكي الأبيض البروتستنتيذي الأصول الأنكلوسكسونية، والذي يمثل نسبة مرتفعة جدا من الشعب الأمريكي. 
 2- عقيدة دونالد ترامب السياسيةتختلف العقيدة السياسية من بلد لثانيومن سياسي لآخر، وذلك حسب التكوين الأكاديمي والانتماء الحزبي والثقافي والدينيوالتأقلم مع الأوضاع الداخلية والخارجية للبلد. وعلى هذا الأساس، فالعقيدةالسياسية بإيجاز هي مجموعة من المبادئ السياسية والأفكار الإيديولوجية والقيمالروحية والدينية التي تُحوّر وتوجه المواقف في الواقع السياسي والاجتماعي سواء على المستوى الداخلي أو على المستوىالخارجي.يرى بعض المحللين أنّ دونالد ترامب ليس له عقيدة سياسيةمتماسكة، فهي مضطربة كاضطراب نفسيته حسب الدراسات السيكولوجية العديدة التي أقيمتحول سلوكياته وتصرفاته اليومية وخطاباته السياسية. فهي تستند أكثر إلى التفضيلاتالشخصية والعاطفية بدلا من إتباع نموذج سياسي صارم. فترامبكما يُعرّفه الكاتب المحافظ “مايكل أنتون”: “ليس من المحافظين الجدد أو المحافظينالقدماء، ولا من الواقعيين التقليديين ولا من الليبراليين الدوليين”.ومع هذا يمكن الإشارة إلى أفكار عديدة تلخصعقيدته السياسية المتمثلة أساسا في القومية الواستفالية التي جسّدها بشعار”أمريكا أولا”.قال في خطاب له في سنة 2017 خلال عهدتهالأولى بقمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي، ألقاه أمام زعماء 21 دولةبفيتنام: “العالم فيه العديد من الأماكن، والعديد من الأحلام والعديد منالطرق، ولكن في كل العالم لا يوجد مثل الوطن”. وقد أعاد دونالد ترامب تعريفالشعار ببساطة حين ذكر “أنّ أمريكا تضع مواطنيها وقيمها واهتماماتها فيالمقام الأول، مثلما ينبغي أن تفعله جميع الدول”. كما أشار إلى أن السياسةالخارجية قائمة على الواقعية المبدئية وإستراتيجية العمل من أجل المصلحة الوطنيةبما يتفق مع مبادئ أمريكا. هذا التعريف دفع بعض المحللين إلى تحديد السياسةالخارجية لدونالد ترامب بالانعزالية والتدخل حسب الموقف قياسا لمصالح أمريكا.القومية الواستفالية دفعت دونالد ترامب إلىالاستهزاء بالمنظمات الدولية والاتفاقات المتعددة الأطراف. فهو يحبذ الاتفاقاتالثنائية بين الدول على غرار العقود التجارية التي يبرمها رجال الأعمال. وقد جسدهذا الاتجاه في طريقة التعامل مع مختلف الدول فيما يتعلق بالرسوم الجمركية حيثتختلف باختلاف الدول التي تمثل تهديدا للاقتصاد الأمريكي مثل الصين ومن يدور فيفلكها وكذا دول أوروبا.          
-3 الترامبية قبل دونالد ترامب هليمكن إسقاط الترامبية كليا أو جزئيا على رئيس أمريكي سابق أو على مرحلة سياسيةأمريكية سابقة؟ لقد عرفت الولايات المتحدة الأمريكية منذ تأسيسها أي منذ أول رئيسلها (جورج واشنطن 1789-1797) إلى حكم الرئيس دونالد ترامب 46 رئيساأمريكيا، اختلفوا في المتغيرات واتفقوا في الثوابت سواء في السياسة الداخلية أوالخارجية رغم التنافس الكبير بين الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي.لنقف كمؤشر على شعار “أمريكا أولا”وسياسة الانعزالية التي كانت قائمة قبل الحرب العالمية الثانية ومعادة الغربالأوروبي في سياسته الاستعمارية. فعلى سبيل المثال، ارتكزت عقيدة الرئيس “جيمسمونرو” التي عبّر عنها في ديسمبر 1823 خلال خطاب حول حالةالاتحاد الأمريكي أمام الكونغرس على معارضة الاستعمار الأوروبي في نصف الكرةالشمالي واعتبره فعلا عدائيا.أشار الرئيس ريغان في فبراير من سنة 1985 إلى أنه لايجب أن نخون ثقة من يخاطرون بحياتهم من أفغانستان حتى نيكاراغوا لمجابهة العدوانالمدعوم من الاتحاد السوفيتي، ويجب أن نصون الحقوق التي طالما كانت لنا منذالولادة. وقد عرفت أمريكا داخليا أزمة اقتصادية خانقة بسبب التضخم. لكن الرئيسريغان كان عليه أن ينهي الصراع مع الاتحاد السوفيتي الذي أمسى قاب قوسين علىالسقوط. ومنذ سقوط القطب الشيوعي ظهرت أصواتا عديدةتدعو إلى شبه الانعزالية وإنهاء حلف الشمال الأطلسي الذي أنهك ميزانية أمريكا.وأمسى شعار “أمريكا أولا” متداولا بين السياسيين. ففي سنة 2000، وخلالالسباق الرئاسي استعمل “بات بيوكانان” شعار “أمريكا أولا”خلال حملت