سهرة ثالثة من المالوف تعانق الألوان الليبية والتركية والجزائرية

عرفت السهرة الثالثة من فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة، الذي يحتضنه المسرح الجهوي محمد الطاهر فرقاني، برمجة فنية متنوعة جمعت بين أنغام من ليبيا وتركيا والجزائر، في لوحة موسيقية تعكس ثراء هذا الفن الأندلسي العريق. فقد تألقت الفنانة الليبية انتصار عطية بصوتها النسوي وهي تقدم المالوف الليبي لأول مرة على الركح القسنطيني، لتصنع حالة […] The post سهرة ثالثة من المالوف تعانق الألوان الليبية والتركية والجزائرية appeared first on الجزائر الجديدة.

سبتمبر 24, 2025 - 22:34
 0
سهرة ثالثة من المالوف تعانق الألوان الليبية والتركية والجزائرية

عرفت السهرة الثالثة من فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة، الذي يحتضنه المسرح الجهوي محمد الطاهر فرقاني، برمجة فنية متنوعة جمعت بين أنغام من ليبيا وتركيا والجزائر، في لوحة موسيقية تعكس ثراء هذا الفن الأندلسي العريق. فقد تألقت الفنانة الليبية انتصار عطية بصوتها النسوي وهي تقدم المالوف الليبي لأول مرة على الركح القسنطيني، لتصنع حالة استثنائية من التفاعل مع جمهور عاشق لهذا الطابع. ومن الجزائر أطرب الفنان فوزي عبد النور الحاضرين بباقة من روائع المالوف، فيما أضفت فرقة “أرابيس” التركية لمسة شرقية خاصة تزاوجت مع الروح الأندلسية للمهرجان. أما الفنان الجزائري فيصل كاهية فقد وقع بدوره حضورا مميزا أكد به مكانة قسنطينة كعاصمة للمالوف. وقد جرت هذه الأمسية، وسط أجواء احتفالية أعادت التأكيد على أن المالوف يظل لغة جامعة تتجاوز الحدود ليحتضن التنوع ويكرس سحر الانتماء لهذا التراث العريق.

انتصار عطية تنعش الذاكرة بالمالوف الليبي النسوي

سهرة استثنائية تؤكد حضور المرأة في فضاء التراث الأندلسي

أحيت الفنانة الليبية انتصار عطية سهرة فنية مميزة ضمن الليلة الثالثة من فعاليات المهرجان الثقافي الدولي لموسيقى المالوف في طبعته الثالثة عشرة بمدينة قسنطينة، حيث أطلّت على الجمهور مرتدية “البدلة الكبيرة” التقليدية الليبية بمرافقة فرقة “المقام” بقيادة عازف الكمان أحمد الحافي، لتقدم نوبتين من أعرق نوبات المالوف الليبي هما “قلبي يهوى معيشق” بطبع رصد الذيل و”يا أهل الحمى” بطبع المزموم. شكل ظهورها حدثاً ثقافياً لافتاً كونها أول امرأة تغني المالوف الليبي منذ ستينيات القرن الماضي، الأمر الذي جعل مشاركتها تتجاوز الطابع الفني لتصبح خطوة جريئة تعيد الاعتبار للصوت النسوي في فضاء ظل طويلاً حكراً على الرجال. جاء أداؤها دليلاً على أن المالوف ليس مجرد تراث جامد بل فن حي قابل للتجدد، وأن إدخال الصوت النسائي الليبي إلى خشبة المهرجان يمنح الباحثين والمهتمين مادة غنية للتوثيق ويشجع نساء أخريات على خوض التجربة. افتتحت عطية وصلتها بنوبة “قلبي يهوى معيشق” ذات الطابع العاطفي العميق الذي يعكس الحنين الصوفي ويفيض بالصور الشعرية المعبّرة عن التوق والوجدان، ليضفي الأداء النسوي أبعاداً وجدانية جديدة على لحن متوارث منذ قرون. ثم انتقلت إلى نوبة “يا أهل الحمى” المعروفة بإيقاعاتها المتوازنة ولمساتها الراقصة، حيث بدا النص الغنائي وكأنه نداء مفتوح إلى جمهور قسنطينة لمشاركة هذا الإرث الأندلسي العابر للحدود، فتحول المسرح إلى جسر يصل بين طرابلس وتونس والجزائر، مؤكداً أن المالوف الأندلسي يظل لغة فنية جامعة تتسع لكل الأصوات مهما طال زمن الترحال.

المالوف الليبي أول رهاني وأتمنى أن أقدمه في بلادي

بعد سهرتها المميزة في المهرجان الثقافي الدولي لموسيقى المالوف بقسنطينة، جلست الفنانة الليبية انتصار عطية لتروي تفاصيل تجربتها الأولى على ركح المالوف، مؤكدة أن هذه المشاركة لم تكن مجرد ظهور عابر بل محطة فنية فارقة في مسيرتها. تقول بابتسامة يغلب عليها مزيج من الفخر والتحدي، حيث أوضحت “غناء المالوف الليبي هنا كان أول اختبار حقيقي لي، وقد جمعت فيه بين إعادة هذا التراث إلى الواجهة بصوت نسوي وبين خوض تجربة شخصية صعبة تمثلت في إتقانه خلال فترة قصيرة.”

وعن الجمهور القسنطيني، عبرت عطية عن انبهارها قائلة “الجمهور هنا مثقف وواع بأدق تفاصيل هذا الفن، وقد منحني حماسا مضاعفا جعلني أشعر أنني أغني أمام عشاق حقيقيين للمالوف.” ثم أضافت وهي تسترجع لحظة الصعود على الخشبة “كان ذلك دافعا قويا لي لأقدم أفضل ما عندي.”

أما عن فكرة إشراكها في هذه المغامرة، فتوضح “الاقتراح جاء من قائد فرقة المقام الأستاذ أحمد الحافي، الذي شجعني ودعمني، وخلال فترة وجيزة تمكنت من حفظ القصائد والسيطرة على طبوعها.” أما عن سر قدرتها على الاستيعاب السريع أجابت “أعتقد أن خلفيتي الأكاديمية في الإعلام لعبت دورا مهما، فقد اكتسبت خلال دراستي الجامعية مهارات التركيز وسرعة الحفظ، وهو ما ساعدني كثيرا على التعامل مع النصوص الموسيقية.”

وفي ختام حديثها، أكدت عطية رغبتها الكبيرة في تقديم هذا اللون في ليبيا، مشيرة إلى أن الغناء بالنسبة للمرأة في بلدها يظل تحديا صعبا، لكنه ضروري لصناعة المجد الفني وإبراز طاقات الأصوات النسوية القادرة على حمل هذا التراث الأندلسي العريق.

سيمو حقي: مشاركتي في مهرجان قسنطينة منحتني فرصة لاكتشاف التراث الجزائري

عبّر الفنان التركي سيمو حقي، عضو فرقة “أرابسك”، عن سعادته الكبيرة بالمشاركة في السهرة الثالثة من المهرجان الثقافي الدولي الثالث عشر لموسيقى المالوف بمدينة قسنطينة، مؤكداً أن تفاعله مع الجمهور الجزائري منحه تجربة استثنائية لا تنسى. وقال حقي إنه يزور الجزائر للمرة الأولى وقد بهرته هذه المدينة العريقة بأجوائها وحفاوة سكانها، خاصة داخل قاعة المسرح الجهوي محمد الطاهر فرقاني، حيث شعر وهو يؤدي وصلاته الغنائية أن الكلمات والألحان تذوب في تفاعل حي مع الجمهور، مما جعله يعيش لحظات صادقة يصعب وصفها. وأوضح أنه قدم مقطوعة السماعي إلى جانب موشحات أندلسية طالما أحب الاستماع إليها في حياته اليومية، فهي الأقرب إلى قلبه وترافقه دائماً حتى في استراحاته الخاصة. وأضاف أنه لم يكن يعرف الكثير عن الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية، وإن كان قد استمع من قبل إلى بعض الأغاني الشعبية، لكن مشاركته في المهرجان فتحت له الباب للتعرف عن قرب على هذا التراث الثري، وهو ما اعتبره مكسباً فنياً وشخصياً سيظل حاضراً في تجربته.

 

الأخوان حقي ينسجان جسراً موسيقياً بين ضفتي المتوسط

أضاء الأخوان سيمو وأركان حقي ركح المسرح الجهوي محمد الطاهر فرقاني بمدينة قسنطينة، ضمن السهرة الثالثة من فعاليات المهرجان الثقافي الدولي الثالث عشر لموسيقى المالوف، حيث قدما عرضاً مميزاً جمع بين روح الموسيقى التركية ووهج الطرب الأندلسي. وقدمت فرقة أرابسك التركية، التي يشتهر أفرادها بإعادة إحياء المقطوعات المستوحاة من الموسيقى الصوفية والشعبية، باقة من الألحان الممزوجة بآلات شرقية كالعُود والناي والدف، مما أضفى على السهرة طابعاً وجدانياً وروحياً عميقاً. وبين الأجواء الشعرية المستوحاة من إرث جلال الدين الرومي وأغاني الحب والحنين في التراث التركي، صدحت أصواتهما بقطع من روائع الطرب الأندلسي على غرار “يتثنى” و”قدك المياس”، في مزج متقن كشف عن القواسم المشتركة بين المالوف الجزائري والموسيقى التركية التقليدية. وقد نجح الأخوان حقي في أسر الجمهور بتوليفة موسيقية تنسجم تماماً مع روح المهرجان الذي يسعى دوماً إلى مد جسور التواصل بين ضفتي المتوسط من خلال الموسيقى كلغة عالمية موحدة.

 

فيصل كاهية يضيء سماء قسنطينة بصوت عنابة الأصيل

تكريم خاص لفنان حمل المالوف عبر الأجيال

احتضن المسرح الجهوي محمد الطاهر فرقاني بقسنطينة ليلة فنية بديعة ضمن السهرة الثالثة من المهرجان الثقافي الدولي الثالث عشر لموسيقى المالوف، حيث صعد الفنان العنابي فيصل كاهية إلى الخشبة وسط تصفيقات حارة من جمهور متعطش لهذا اللون الأصيل. أطلّ بصوته الدافئ الذي يجمع بين العذوبة وقوة الأداء، فافتتح وصلته بمقطوعات من الذيل والمصدر، منها “يا ناس متى اعذروني” و“يا ساقي اسقي حبيبي” إلى جانب “بطايحي ماذا نعيت”، ليعيد الجمهور إلى عوالم المالوف العريق ويمزج بين إرث الماضي ولمساته الفنية الخاصة. تجاوب الحضور معه بحرارة، ما أكد أن المالوف ما يزال يحافظ على مكانته في قلوب الجزائريين من عنابة إلى قسنطينة. وقد بادرت محافظة المهرجان إلى تكريم الفنان فيصل كاهية اعترافاً بعطائه وإسهاماته في صون هذا الموروث ونقله إلى الأجيال الجديدة.

فيصل كاهية: المالوف بحاجة إلى بحث علمي لإحياء النصوص المفقودة

في تصريحاته على هامش مشاركته في المهرجان، شدد المطرب فيصل كاهية على ضرورة اعتماد عمل علمي ممنهج للبحث في النصوص المفقودة للمالوف، لافتاً إلى أن من بين 24 نوبة لم يتبق سوى 12، وما يحفظه الفنانون اليوم لا يمثل سوى قطرة من بحر هذا التراث الواسع. وأكد أن وسائل التواصل يمكن أن تكون أداة مساعدة في هذا المسعى، لكن الأساس يبقى التكوين والتوثيق العلمي. كما اعتبر أن المهرجان يشكل منصة محورية لتقريب الجمهور من هذا الفن الذي يجمع بين التثقيف والتهذيب والجمال الفني، مثنياً على ثباته ووصوله إلى الدورة الثالثة عشرة تحت شعار “من المدرسة إلى العالمية”، وداعياً إلى إدماج المالوف ضمن التعليم الموسيقي المدرسي كخطوة استراتيجية للحفاظ عليه. وأوضح أن هذا الفن الذي وُلد قديما ظل صامداً لأكثر من عشرة قرون ولم يندثر رغم كل المتغيرات. وتوقف كاهية عند تجربته في فرنسا حيث لاقى المالوف إعجاباً كبيراً لدى الأجانب، معتبراً أن هذا الاهتمام يستدعي توثيقاً أوسع وترويجاً منظماً خارج الجزائر. وختم بالقول إن تسجيل المالوف لدى اليونسكو يتطلب وقتاً وجهداً، لكنه استحقاق طبيعي لهذا الموروث الفني الذي يمثل أحد أهم أعمدة الهوية الموسيقية الجزائرية.

 

فوزي عبد النور يستحضر روح فرقاني ويؤكد وفاءه لأمانة المالوف

وقف الفنان فوزي عبد النور على ركح المسرح الجهوي بقسنطينة محاطاً بذكريات وحنين خاص لشيخه الراحل الطاهر فرڨاني، حيث عبر عن شعوره بأن روحه لا تفارقه وأن نصائحه كانت حجر الأساس في مسيرته الفنية. وأكد أنه خلال السهرة أدى نوبة الرمل الكبير، رغم صعوبتها، بنفس الطريقة التي كان يقدمها أستاذه الراحل تخليداً لذكراه، مبرزاً أنه سيبقى دائماً تلميذاً وفياً له ولن ينسى فضله الكبير في صقل مساره الفني. كما أشار إلى أن المالوف يمثل مسؤولية تاريخية يجب الحفاظ عليها، معتبراً أن الجيل الحالي قادر على حمل الأمانة، مستشهداً بأسماء مثل عباس ريفي وعدلان فرقاني اللذين يقدمان صورة مشرفة ويمنحان الأمل في استمرارية هذا الفن.

وفي جانب آخر تحدث عبد النور عن تجربته كسفير للمالوف في المهجر، موضحاً أن هناك مشروعاً حقيقياً كان بصدد إنشائه لمدرسة تعنى بهذا الفن خارج الوطن، غير أن جائحة كوفيد عطلت تجسيده إلى اليوم. وأضاف أن هذه المدرسة لو قامت لكانت مبنية على أسس تجمع بين الأخلاق والفن وتوجه بالأساس للجالية الجزائرية المتعطشة لهذا التراث، وهو ما يتجلى من خلال حضورها وتفاعلها الدائم مع حفلات المالوف في الخارج. ولم يخف أن الاهتمام بهذا الفن تخطى حدود الجالية العربية ليصل إلى الأوروبيين الذين أبدوا رغبة في تعلمه، بعدما انبهروا بعذوبة مقطوعاته وعمق نصوصه، مؤكداً أن الهدف من هذه الجهود جميعها هو أن يبقى المالوف واجهة للثقافة الجزائرية وسفيراً لها في العالم.

خليل عدة

The post سهرة ثالثة من المالوف تعانق الألوان الليبية والتركية والجزائرية appeared first on الجزائر الجديدة.