لسنا ملائكة ولكّن
د. سعيدة درويش */ رمضان على الأبواب كزائر محبوب وعزيز على الروح والقلب، وسرعان ما يبدأ ذلك التسابق على اقتناء الأغذية وتخزينها، والأواني وتكديسها، ويذهب النّاس في ذلك مذاهب شتَّى، بين مقبلٍ على الغرس في رجب، والسّقي طيلة شهر شعبان، وحريصٍ على جمع الحسناتِ كي يحدث التوفيق والنّوال في رمضان، ومسارعٍ لجمع الأغذية وتحضيرها وتجميدها، …

د. سعيدة درويش */
رمضان على الأبواب كزائر محبوب وعزيز على الروح والقلب، وسرعان ما يبدأ ذلك التسابق على اقتناء الأغذية وتخزينها، والأواني وتكديسها، ويذهب النّاس في ذلك مذاهب شتَّى، بين مقبلٍ على الغرس في رجب، والسّقي طيلة شهر شعبان، وحريصٍ على جمع الحسناتِ كي يحدث التوفيق والنّوال في رمضان، ومسارعٍ لجمع الأغذية وتحضيرها وتجميدها، كي تكتملَ بالنّسبة إليه أجواء رمضان؛ فلا يفوته شيءٌ من لذة الطعام والشراب بعد يوم من الصيام.
وفي الحقيقة، نحن بشرٌ، نخطئ ونصيب.. بل ما أكثر ما نخطئ، وما أقلّ ما نصيب، فلسنا ملائكة نطيع ولا نعصي، ونذكر ولا ننسى، وننقطع للعبادة ولا ننقطع عنها.. فكلُّ هذا جزء من بشريَّتنا التي تحقّق لنا «عبادية» لله في الدنيا، وعبودية رفيعة المقام له في الآخرة بحسب أعمالنا الموصولة به، وبحسب مفهومنا لبشريَّتِنا وتصوّرنا لها.
فهل بشريَّتُنا تمنحنا حقّ التحجّج بالضعف والرّكون للشهوات، وقطع الشعائر والفرائض عن مقاصدها، وإلحاقها بمقاصد «هالووينية» و»فالنتانية» و»ريفيونية»، نكتفي فيها، باليقطينة الشَّبح في «Le Halloween »، وبقلوب الفالنتاين في«La Saint Valentin »، وبكعكة الحطب «La buche De Noel»؟!!
قطعا كلّا، و-حتمًا- ليس عيبا أن يفكّر النّاس في ما يأكلونه في رمضان، وليس عيبا أن يقتنوا بعض الأواني والأغراض كي يكون رمضان مميّزا وجميلا بحسب فهم كلِّ صاحب فهمٍ لطبيعة هذا الشهر الفضيل، ولغاياته وأبعاده.
لكنّنا نخطئ كثيرا إذا توقّفنا عند هذا الحدّ الدُّنيوي من الفهم، فننشغل بالفاني عن الباقي، وبالبطن عن الروح، وبالطّبخ عن الذِّكر، وبالأواني عن المصاحف، وبالسّهرات عن الخلوات.
لسنا ملائكة. ولكن فلنحاول ألّا نكون الشّياطين التي لا تُصَفَّد.
* أستاذة بجامعة باتنة