مبادرات باريس للذاكرة مجرد تنديد لا طائل من ورائه
قال المؤرخ الفرنسي، بجامان ستورا، إن الخطوات التي أقدمت عليها السلطات الفرنسية بشأن الماضي الاستعماري في الجزائر، تبقى محدودة من الناحية السياسية، بالنظر إلى حجم الآلام والمآسي التي ألحقها الاستعمار الفرنسي بالشعب الجزائري، طيلة 132 سنة من احتلال استيطاني بغيض. ولاحظ المستشار بالرئاسة الفرنسية لشؤون الذاكرة أن “التنديد المجرد والعامّي بالاستعمار لا يجدي نفعا من […] The post مبادرات باريس للذاكرة مجرد تنديد لا طائل من ورائه appeared first on الشروق أونلاين.


قال المؤرخ الفرنسي، بجامان ستورا، إن الخطوات التي أقدمت عليها السلطات الفرنسية بشأن الماضي الاستعماري في الجزائر، تبقى محدودة من الناحية السياسية، بالنظر إلى حجم الآلام والمآسي التي ألحقها الاستعمار الفرنسي بالشعب الجزائري، طيلة 132 سنة من احتلال استيطاني بغيض.
ولاحظ المستشار بالرئاسة الفرنسية لشؤون الذاكرة أن “التنديد المجرد والعامّي بالاستعمار لا يجدي نفعا من الناحية السياسية. لقد أُلقيت بالفعل خطابات اعتذار، منها على سبيل المثال خطابات فرانسوا هولاند أمام المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري). قيل كلام كثير. لماذا؟ لأن المسألة هي توضيح الطبيعة الحقيقية للتاريخ الاستعماري، وعمقه، حالة بحالة، خطوة بخطوة. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال أمثلة وحالات محددة وملموسة، وليس باللجوء إلى أيديولوجية مجردة”.
وفي حوار مطول خص به الإذاعة والتلفزيون البلجيكيين الناطقين باللغة الفرنسية الإثنين 15 سبتمبر الجاري، ثمن ستورا الخطوات التي أقدمت عليها باريس لحد الآن من قبيل الاعتراف باغتيال كل من المناضل من أجل الثورة الجزائرية، موريس أودان، وأحد أبرز القادة السياسيين للثورة التحريرية علي بومنجل.. غير أنه شدد على أن المطلوب هو القيام بخطوات عملية تكون في مستوى القمع الذي تعرض له الجزائريون طيلة الحقبة الاستعمارية، لأن “التنديدات المجردة”، كما قال، لا تعدو أن تكون مجرد “حرب الذاكرات”.
وأضاف بنجامان ستورا: “تسعدنا الإدانات المجردة أحيانًا، لكنها لا تُسهم في تقدم المعرفة الحقيقية”، وذلك بينما كان يتحدث عن تداعيات الاستعمارين الفرنسي والبلجيكي في القارة الإفريقية، ويجيب على السؤال الكبير الذي لم تبلور بشأنه إجابة إلى غاية اليوم، وهو “هل يجب علينا الاعتذار عن الاستعمار؟”، والذي كان عنوانا لكتاب شارك في تأليفه كل من المؤرخين بنجامان ستورا وباسكال برونشار.
وعن طبيعة المطالب الجزائرية، التي تحاول بعض الأوساط الفرنسية المغرضة تحويل النقاش بشأنها، قال بنجامان ستورا، إن “الجزائريين لا يطالبون بتعويضات مالية. ببساطة إنهم يطالبون بمزيد من الاحترام على المستوى الرمزي، أي الاعتراف الرمزي. غير أنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء تقدير تكلفة التغلغل الاستعماري، على سبيل المثال، والذي أدى أو كان سيؤدي إلى تهميشهم الاقتصادي. لذا، دعونا لا نضخم الأمور”.
وسُئل رئيس لجنة بحث ملف الذاكرة من الجانب الفرنسي عن موقفه من أولئك الذين يقولون إن الاستعمار كانت له آثار إيجابية كثيرة؟ وهنا رد ستورا قائلا: “يجب أن يسأل من عاشوا الاستعمار، أي من كانوا مستعمرين سابقا”. وأضاف: “عندما أقرت فرنسا قانونها عام 2005، (يمجد الممارسات الاستعمارية)، الذي أقرته الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة السفلى للبرلمان)، ثم رفضه جاك شيراك، كان أول سؤال يتبادر إلى ذهني بسيطا للغاية: “هل سألت وجهة نظر المستعمَرين سابقا؟” لمعرفة ما إذا كانت إيجابية أم لا”.
ومعلوم أن قانون 23 فبراير 2005، الذي سنه اليمين بدعم من ساركوزي حينها، أشاد بالممارسات الاستعمارية الفرنسية، ما تسبب في أزمة مع الجزائر، كان من بين تداعياتها إلغاء معاهدة الصداقة، التي كان مقررا التوقيع عليها من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حينها ونظيره الفرنسي، جاك شيراك، الذي تدخل بحكم صلاحياته وأسقط مواد مستفزة من هذا القانون عبر المجلس الدستوري، غير أن ذلك لم يرمم ما سببه من تداعيات على العلاقات الثنائية حينها.
وبرأي بنجامان ستورا فإن “فهم تاريخ الآخرين ومعرفته سيسمح لدول مثل فرنسا وبلجيكا باستعادة مكانتها في محفل الأمم. لكن إذا لم نرد النظر في تاريخ الآخرين، فإننا سنحاصر أنفسنا في الماضي بعظمته كما يراه المستعمِر”، عكس المستعمَر الذي يعتبره حقبة كالحة من الظلم والاستبداد.
كما توقف ستورا عند الضجة التي خلفتها تصريحات المؤرخ والناشط جون ميشال أباتي حول مجزرة أورادور سير غلان، في أعقاب تشبيهه مجازر الاحتلال الفرنسي للجزائر بالممارسات النازية، وقال: “أراد جان ميشال أباتي تسليط الضوء على حقائق غير معروفة للعامة. بالتأكيد. يجهل عامة الناس في فرنسا ظروف وملابسات غزو الجزائر بين عامي 1830 و1880، هذه الحرب يمكن وصفها بأول حرب جزائرية، قد طواها النسيان تماما. لم نتطرق بعد إلى بدايات هذه القصة. وهذا يعني، بالطبع، وجود سوء فهم بين الفرنسيين، من جهة، الذين يبنون ذاكرتهم على نهاية حرب الجزائر مع الأقدام السوداء والحركى”.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post مبادرات باريس للذاكرة مجرد تنديد لا طائل من ورائه appeared first on الشروق أونلاين.