مثقفون جزائريون في المهجر شرفوا أنفسهم وشرفوا الوطن الأم «الجزائر» وموطن الهجرة أيضا وقفة مع الدكتور نور الدين بلحوت مؤسس «كلية العلوم الإسلامية بباريس» وحديث طويل حول هذه الكلية ومؤسسها
باريس من سعدي بزيان/ التقيت بالدكتور نور الدين بلحوت عدة مرات في معهد العالم العربي بباريس، وزرته في مكتبه «بالمعهد الأوربي للعلوم الاجتماعية بمدينة سان دوني» ST DENIS بشمال باريس وأطلعني على سير المعهد، ومكتبته الغنية بأمهات الكتب العربية، والفرنسية، واستضافني في منزله بمدينة «لاكورناف» صحبة مجموعة من الأساتذة الجزائريين، كما زرته أكثر من مرة …

باريس من سعدي بزيان/
التقيت بالدكتور نور الدين بلحوت عدة مرات في معهد العالم العربي بباريس، وزرته في مكتبه «بالمعهد الأوربي للعلوم الاجتماعية بمدينة سان دوني» ST DENIS بشمال باريس وأطلعني على سير المعهد، ومكتبته الغنية بأمهات الكتب العربية، والفرنسية، واستضافني في منزله بمدينة «لاكورناف» صحبة مجموعة من الأساتذة الجزائريين، كما زرته أكثر من مرة في مقر عمله في كلية العلوم الإسلامية بباريس وأجريت معه حديثا لجريدة «المساء» الصادرة بالجزائر، وكنت أشرف على ركن بعنوان: «من الضفة الأخرى» وهو صفحة أسبوعية يرى النور كل يوم اثنين وأعاد نشره في نشرية الكلية، وشاركنا معا في الملتقى الدولي بالجزائر العاصمة في 25-26-27 مارس 2013م الذي نظمه المجلس الإسلامي الأعلى تحت إدارة المرحوم د.أبو عمران الشيخ، وكان الملتقى بعنوان: الجاليات الجزائرية في الخارج وقضاياها الدينية والاجتماعية والثقافية، وشاركت في هذا الملتقى بمداخلة بعنوان: التجربة الجزائرية في مجال تدريس اللغة العربية لأبنائها في المهجر، في حين قدم د.نور الدين بلحوت مداخلة بعنوان: الهوية الثقافية للجزائريين في المهجر، فرنسا نموذجا، دراسة مفاهيمية، تاريخية إحصائية، وكانت فعلا من أهم الدراسات التي قُدمت في هذا الملتقى مدعمة بالأرقام والإحصائيات، وانطلاقا من تجربة اكتسبها من خلال الممارسة، فقد درّس اللغة العربية لجميع المستويات وحاضر عن الموضوع في أكثر من مناسبة ومع وسائل الإعلام.
ها هو د.نور الدين بلحوت يرحل بنا عبر تجربته الرائدة كمؤسس لكلية العلوم الإسلامية بباريس، ويحدثنا عن تجربته الرائعة والشجاعة التي بدأت كفكرة ثم أصبحت حقيقة جسدها على أرض الواقع، وليس ذلك أمرا هيّنا: انبعثت فكرة إنشاء مؤسسة تعليمية مستقلة في مجال الدراسات الإسلامية واللغة العربية في أذهان ثُلّة من الأساتذة والمتخصصين في مجال التعليم بفرنسا منذ عام 2003م رغبة منهم في المساهمة في مستوى التعليم الإسلامي وسد النقص الملحوظ في هذا المضمار، إذ أن الإقبال عليه في تزايد مستمر، وبعد اثني عشر عاما من الخبرة في تخصصات متعددة، وفي ظل هذه الأجواء تكونت نواة أول فريق مؤهل لإطلاق المؤسسة التي سميت «كلية العلوم الإسلامية» بباريس وتعمل هذه الكلية بترخيص من السلطات الرسمية وهي مسجلة لدى وزارة التعليم العالي الفرنسية، وهكذا ولدت كلية العلوم الإسلامية بباريس التي تتفرع إلى أقسام متعددة وهي كالتالي:
قسم العلوم والدراسات الإسلامية باللغتين العربية والفرنسية.
قسم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
قسم الدراسة عن بعد بالمراسلة.
قسم الخط والزخرفة والفنون الإسلامية.
قسم التاريخ والحضارة الإسلامية.
قسم الرحلات اللغوية والثقافية في مختلف بقاع العالم، والعالم الإسلامي خاصة، وبالفعل فقد نظمت الكلية عدة رحلات شملت القدس ومسجدها الأقصى ورحلة إلى الأردن، ورحلة إلى الأندلس ورحلة إلى صحراء الجزائر، وزيارة لقرية غوفي «مسقط رأس كاتب هذه السطور» وهي قرية تتمتع بمناظر خلابة وأماكن أثرية وهي تابعة لدائرة آريس ولاية باتنة عاصمة الأوراس، كما نظمت كلية العلوم الإسلامية رحلة إلى مصر لزيارة الأهرامات، وقد ساهمت هذه الرحلات في التعرف على الحضارة الإسلامية.
كلية العلوم الإسلامية بباريس تستقبل عدة أساتذة محاضرين أمام طلبة كلية العلوم الإسلامية، وفي مقدمة هؤلاء الأستاذ والباحث الصادق سلام، الأستاذ سابقا في معهد الغزالي، التابع لمسجد باريس ومؤلف عدة كتب حول الإسلام في فرنسا، دينا وحضارة، وقد حاضر أمام طلبة الكلية، كما حاضر أمام هؤلاء الطلبة والطالبات، تابليت علي، ود.أمين بلغيث، من جامعة د.سعد الله.
13 سنة من تاريخ ميلاد كلية العلوم الإسلامية في قلب باريس
يحتفل طلبة كلية العلوم الإسلامية بذكرى مرور 13سنة على ميلاد كلّيتهم، وكان أصعب الأمور ابتداؤها، إذ سجلت في العام الثاني من افتتاحها في 2014 تسجيل واستقبال 120 طالبا وطالبة بناء على إمكانياتها المادية وارتفع العدد إلى 300 طالب وطالبة في عامها الثاني والثالث، وسجّل العام الدراسي عام 2017م تسجيل 500 طالب وطالبة، وهذا إن ذلّ على شيء فإنما يدل على أن الإرادة تصنع العجب بل تصنع ما يوصف بالمستحيل.
الكلية تشارك في مختلف النشاطات الثقافية وتحضر الملتقيات، إذ شاركت في مؤتمر لوبورجي للجمعيات الإسلامية السنوي وذلك سنة 2014، الذي دام 3أيام كاملة وقد سجل جناحها ارتياد المئات من الزوار، وسجلت تقدير زوارها وإعجابهم بجناحها، وقد استطاع مدير الكلية د.نور الدين بلحوت ربط علاقات قوية مع أعضاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، (conseil français) du culte musulman C.F.C.M الذي أسسه سيركوزي سنة 2003 عندما كان وزيرا للداخلية ووضع على رأسه عميد مسجد باريس دليل بوبكر.
النشاط الإعلامي لمدير ومؤسس كلية العلوم الإسلامية د.نور الدين بلحوت
قام خلال زيارته للجزائر بالاتصال بإدارة جريدة «البصائر» وأسرة تحريرها كما أدى زيارة مجاملة لرئيس جمعية العلماء، وفي باريس أجرى عدة أحاديث إذاعية وتليفزيونية وأهمها «إذاعة الشرق» التي تبث من باريس 24 ساعة على 24 ساعة، وقد أسسها رئيس جمهورية لبنان سابقا المرحوم رفيق الحريري -وتحدث- بلحوت في برنامجها: بلا جسور، عن تجربته في تدريس اللغة العربية لأبناء المهاجرين في فرنسا، كما تحدث على مشاكل التعليم الإسلامي في فرنسا، وتكوين الأيمة في هذا البلد، كما تحدث د.نور الدين بلحوت إلى المشرف على الصفحة «من الضفة الأخرى» الذي يديره، سعدي بزيان، عبر جريدة «المساء» والذي دام 10 سنوات كاملة من 2006 إلى 2016، وذلك في عهد مدير المساء عبد الرحمن تيغان أدام الله عمره ووفقه في حياته.