مقامات المختلفين حيال القضايا الإنسانية

في الرؤية المادّية للظواهر الاجتماعية ذات الجذور الإيمانية، تزلّ أقدام كثير من الباحثين ممن يحاول مقاربة السلوك الاجتماعي ومعالجته، ومن ثم يقعون في بوار التوصيات وكذا السياسات التي تُبنى عليها. فقضية مثل الحجاب تتعلق بفريضة إسلامية قبل أن تكون زيّا تقليديا يخضع لتغير الظروف؛ لذلك لا تأتي المقاربات على ذكر هذا البُعد من قريب ولا […] The post مقامات المختلفين حيال القضايا الإنسانية appeared first on الشروق أونلاين.

يوليو 15, 2025 - 18:18
 0
مقامات المختلفين حيال القضايا الإنسانية

في الرؤية المادّية للظواهر الاجتماعية ذات الجذور الإيمانية، تزلّ أقدام كثير من الباحثين ممن يحاول مقاربة السلوك الاجتماعي ومعالجته، ومن ثم يقعون في بوار التوصيات وكذا السياسات التي تُبنى عليها.

فقضية مثل الحجاب تتعلق بفريضة إسلامية قبل أن تكون زيّا تقليديا يخضع لتغير الظروف؛ لذلك لا تأتي المقاربات على ذكر هذا البُعد من قريب ولا من بعيد، على الأقل كي يفهم القارئ الكريم مجتمعا مسلما كالجزائر كيف يفكر، ويقينًا أنه لا يفكر ماركسيًّا كما هو شأن أغلب من تخرَّج من الجامعات العلمانية.
إنه بين السعي نحو امتثال تام بتعاليم الإسلام وبين الضعف فيه يترنّح المجتمع، نساء ورجالا، وجميعهم يقرّ بحسن الإسلام لو أن الله يوفِّقه إليه. وتبقى قضية الأزياء والمجال المشترك والخاص بكل من المرأة والرجل نموذجا تتقاذفه ثقافتان تتدافعان على طول الدولة وعرضها، نظرا لانتظام الجزائريين على قواعد علمانية مستحكمة بقوة السلطة الحاكمة وأخرى إيمانية يختزنها المجتمع وينافح عنها.
المفارقة في كل هذه القصص التي تروى عن النساء والرجال، أن جيل الآباء والأجداد لم يطرح سؤال التحدي هذا كيف للزواج أن يستمرّ أطول فترة ممكنة، وكأن عليه أن يتوقف في يوم ما، لقد كان ذلك الارتباط الذي بسببه وجدنا نحن “سرا مقدسا”، قد لا تطيق الرجولة أحيانا عبث زوجة مراهقة بالقرب منه، ولكن “الكلمة” التي أفضت بها المرأة إلى الرجل وأفضى بها إليها، كانت تعصم الحياة الزوجية من الانفراط، ومع الأيام عززت صلاتها أرمادا من البنات والبنين، فيئست أن تفسدها الشياطين.
“كارل ماركس” قال إن التحوُّلات الاجتماعية منبعها صراع اجتماعي واقتصادي من أجل تحسين أوضاع العمال وتحرُّرهم من البرجوازية، وبصمة ذلك بيّنة في تحليل هذه الظواهر لدى أكثر الكتّاب الغربيين ومن تتبّع سننهم من دعاة الثقافة الشرقيين.
في السياسة لا ننصف مؤسس الدولة الجزائرية الأمير عبد القادر رحمه الله ما دمنا لا نزال نسلّط الضوء على الجانب الروحي من شخصيته، وكأنه كان راهبا في صومعة، رغم أننا لم نستوعب مقولاته في هذه الناحية ولم نفتح نوادينا للنقاش حول أسرارها العرفانية. إن للأمير صفاتٍ قيادية وسياسية لا بد من مقاربتها بعمق، لأنها جوانب تهم الشعب الجزائري أكثر من علاقة هذا الرجل بربه. وإن للأمير مؤلفات رائعة يُعمى عنها قصدا، كمؤلفه البارع في نظام الجند الذي جمع فيه بين العسكرية والأخلاق تحت عنوان “وشاح الكتائب وزينة الجيش المحمّدي الغالب”.
تذهب بي الظنون مذاهب لمّا أقرأ ما يتدفق في الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي من كلام نابي بين الإخوة المغاربة لم يسبق أن انحدروا إلى قاعه في تاريخهم الإسلامي كله، فقلت في نفسي إن روح الإيمان تنادي إلى الوحدة بين أبناء المغرب الكبير فلمَ كل هذه البغضاء؟ وعلى كل حال، أليست هويتي محلية ومغاربية وشرقية أيضا؟ إنها تمازجٌ ثقافي فريد من نوعه لو أن أحدهم يتحسّس حسنه وحاجة الناس إليه، وفي النفس ما فيها من ذكريات عبقة بمجد لا يزال ماثلا في الأندلس.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post مقامات المختلفين حيال القضايا الإنسانية appeared first on الشروق أونلاين.