إسدال الستار على الأيام المسرحية العربية بعاصمة الهضاب سطيف

اختتمت بدار الثقافة بسطيف أمسية الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 فعاليات الأيام المسرحية العربية في أجواء احتفالية غلب عليها التفاعل الفني وتبادل الخبرات، حيث تميزت السهرة بتتويج أفضل العروض والأداءات التي صنعت مجد هذه الدورة.

وقد تمكن مسرح قسنطينة الجهوي من حصد النصيب الأوفر بعمله الموسوم “كرنفال روماني”، إذ توجت رجاء هواري بجائزة أفضل أداء نسائي، ونالت شاهيناز نغواش جائزة أفضل سينوغرافيا، فيما حازت المخرجة موني بوعلام جائزة أفضل إخراج، ليظفر العرض كذلك بجائزة أفضل عرض متكامل. أما جائزة أفضل أداء رجالي فقد كانت مناصفة بين جلال الدين السعدي من تونس عن مسرحية “المهاجران” ومازن مصطفى من العراق عن مسرحية “المفتاح”، وهو العمل الذي نال أيضاً جائزة أفضل نص.

وشهدت التظاهرة مشاركة سبع دول عربية هي الأردن وتونس ومصر ولبنان وفلسطين والسودان والعراق، بما أضفى على الحدث بعداً عربياً جامعاً. كما ضمت لجنة التحكيم أسماء بارزة من الجزائر والعالم العربي على غرار محمد فريمهدي وسميرة صحراوي وجمال عبيدي وعبير عيسى من الأردن ووحيدة الدريدي من تونس، حيث أشرفت على تقييم الأعمال بحرص وموضوعية. ولم يقتصر البرنامج على العروض المسرحية فحسب، بل تخلله التعريف بالمشرفين على الورشات التكوينية الموجهة للشباب في مجالات الأداء والإخراج والسينوغرافيا والكتابة الدرامية، وهو ما عزز الطابع التكويني للتظاهرة.

كما عرفت لحظات الافتتاح بعداً وفائياً من خلال تكريم الفنان والباحث توفيق مزعاش وصليحة بلكيرد شقيقة الشهيد الذي تحمل الأيام اسمه، في مشهد مؤثر استعاد بدايات المسرح في سطيف وإسهاماته في المشهد الثقافي الوطني. أما لحظة الختام فازدانت بلوحة رمزية بعنوان “صمود حنظلة” تعبيراً عن التضامن مع القضية الفلسطينية، لتؤكد البعد الإنساني للمسرح وقدرته على حمل رسائل الحرية والكرامة.

وقد خلصت لجنة التحكيم في توصياتها إلى ضرورة تنظيم المشاركة عبر قنوات رسمية وتشكيل لجنة خاصة لانتقاء الأعمال الفنية، مع التأكيد على أهمية الالتزام باللغة العربية الفصحى وإضافة جوائز جديدة تشجع المبدعين وتفتح أمامهم آفاقاً أرحب. وهكذا جاءت هذه الأيام لتجسد غنى المشهد المسرحي العربي وتبرز قيمته كجسر للحوار الفني والثقافي، مؤكدة أن المسرح يظل فضاءً جامعاً يكرس لغة الفن والحوار بين الشعوب.

خليل عدة

كرنفال روماني يضيء ركح الأيام المسرحية العربية

موني بوعلام تفتح جدل الحرية والسلطة في عرض ساخر واحتفالي

شهدت دار الثقافة هواري بومدين بسطيف ضمن فعاليات اليوم الثالث من الدورة الثالثة للأيام المسرحية العربية عرضاً استثنائياً لمسرحية “كرنفال روماني” من توقيع المخرجة موني بوعلام وإنتاج المسرح الجهوي محمد الطاهر فرقاني بقسنطينة، حيث حمل العمل رؤية فنية مبتكرة كسرت حدود السرد التقليدي وفتحت المجال لتجربة مسرحية متفردة. اعتمدت بوعلام المزج بين جماليات الكرنفال والطرح الفكري العميق، فجعلت من الركح فضاءً للاحتفال والسخرية السوداء وللتأمل في أسئلة الوجود والحرية في مواجهة السلطة ومجتمع مأزوم. تنوعت أدواتها بين لغة الجسد والحركة والإيحاء الرمزي، بينما لعبت الإضاءة دوراً بارزاً في التنقل بين السطوع والانكسار لتوليد أجواء كرنفالية مبهرة، أضافت إليها الأزياء والألوان بعداً بصرياً مكثفاً عزز من تناقضات الشخصيات ودلالاتها. وجاء الأداء التمثيلي متناغماً بين الطابع الجاد وخفة الظل، ما سمح للجمهور بالتنقل بسلاسة بين لحظات الضحك والسخرية اللاذعة وبين مشاهد درامية عميقة طرحت تساؤلات حول الحرية والوعي والمصير. وقد ابتعد العرض عن السرد الكلاسيكي واعتمد الرمزية والتفكيك ليترك لكل متفرج فرصة استنطاق معانيه الخاصة والتماهي مع شخصياته أو استحضار تجاربه الفردية. التفاعل الكبير داخل القاعة، بين التصفيق المتكرر والتجاوب مع الحوارات الساخرة والمواقف الدرامية، عكس نجاح “كرنفال روماني” في مد جسور حية بين الخشبة والجمهور، ليصبح العمل مرآة صادقة لتناقضات المجتمع ومنصة للتفكير في جدلية الحرية والسلطة وإمكانات التغيير.

خليل عدة

The post إسدال الستار على الأيام المسرحية العربية بعاصمة الهضاب سطيف appeared first on الجزائر الجديدة.