الشهيد بوعلام واد فل, مسار نضالي جمع بين السياسي

البليدة - يزخر المسار النضالي للشهيد بوعلام واد فل, ابن مدينة الأربعاء بولاية البليدة, بانجازات بقيت شاهدة على وطنيته العالية وحنكته السياسية وكفاءته العسكرية التي أهلته لتولي مناصب قيادية خلال ثورة التحرير المجيدة. وتؤكد العديد من الوثائق الرسمية و كذا شهادات لمقربيه, عشية تخليد الذكرى ال66 لاستشهاد بوعلام واد فل, المعروف ب"بوعلام تيتك", الكفاءة العسكرية العالية التي كان يتمتع بها بفضل التدريبات العسكرية التي خضع لها خارج الوطن وحنكته السياسية و روحه الوطنية العالية التي استغلها لاسترجاع حرية واستقلال الجزائر. وقال ابن أخ الشهيد, نبيل واد فل, في حديث لوأج, أن جميع الروايات التي سمعها من والده المرحوم و من عمه الاخر الذي تعذر عليه تقديم تصريحات بسبب المرض, تعكس إيمان الشهيد بعدالة قضية وطنه التي كرس كل حياته القصيرة (توفي في عمر 25 سنة) لنصرتها و طرد المستعمر الغاشم ليعيش أبناء الجزائر في كرامة و حرية. و ذكر نفس المتحدث أن الشهيد واد فل قال, في إحدى الجلسات العائلية رفقة والده و إخوته الخمسة الذين كان لكل واحد منهم دور في الثورة التحريرية, أنه يفضل الموت ليعيش الشعب الجزائري في كنف الحرية ويتخلص من ظلم و استبداد المستعمر الفرنسي, مشيرا إلى أنه رفض فكرة الزواج أكثر من مرة ليتفرغ للعمل الثوري. و حسب تصريحات إبن أخ الشهيد, انخرط بوعلام واد فل في العمل الثوري في سن مبكرة مستغلا فطنته و ذكائه و رصيده المعرفي الذي اكتسبه طيلة مشواره الدراسي حيث كان يقوم بقراءة الجرائد التي كانت تصدر خلال تلك الفترة و يطلع سكان المدينة التي يقطن بها بمحتواها بهدف اطلاعهم على المستجدات الوطنية خاصة وأن العديد منهم يجهل القراءة. وتتضمن وثيقة صادرة سنة 2020 عن فرع الاربعاء لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمناسبة إحياء يوم الشهيد, اشارة إلى الدور الهام الذي لعبه هذا البطل في غرس روح الوطنية لدى المواطنين لاسيما بعد انخراطه في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية, لدرجة قيام السلطات الاستعمارية سنة 1949 بغلق مدرسة "الاحسان" التي كان يدرس بها خوفا من تأثير نشاطه على زملائه وعلى سكان المدينة. و بعد هذا الحادث, قرر المشرفون على المدرسة إرسال الطالب النجيب واد فل إلى جامع الزيتونة بتنوس لمواصلة دراسته. و بعدها بعام, عاد لأرض الوطن ليواصل النضال و نشاطه السياسي في صفوف الحركة الوطنية إلى غاية إلقاء القبض عليه سنة 1951 بتهمة التحريض على التجمع و التظاهر و العصيان المدني و يسجن لمدة عام بسجن بربروس بالجزائر العاصمة (سركاجي). و بعد خروجه من السجن سنة 1952 , ساعده الشهيد السعيد عصماني على الالتحاق بجامع الأزهر بمصر لمواصلة دراسته إلى غاية سنة 1955.   مهام جديدة لتدريب جنود جيش التحرير الوطني   وتطرق السجل الذهبي لأهم الأحداث التاريخية للولاية لمديرية المجاهدين للمرحلة الهامة التي أوكلت خلالها للشهيد بوعلام واد فل مهام تدريب جنود جيش التحرير الوطني و تلقينهم فنون القتال واستخدام الأسلحة ليدخل بعدها فصل جديد من الكفاح. و في سنة 1956 و بعد عودته من مصر, أرسل إلى العراق لقضاء فترة تدريب بالأكاديمية العسكرية بأمر من جبهة التحرير الوطني التي لمست فيه كفاءة وحنكة تخدم أهداف الثورة التحريرية. و بعد استكمال فترة التدريب, عاد إلى أرض الوطن رفقة مجموعة من المجاهدين محملين بالأسلحة و الذخيرة وكلف بعدها بتدريب الجنود بالمنطقتين الثانية والثالثة بالولاية الرابعة التاريخية حيث كان حريصا على تلقينهم المصطلحات الحربية باللغة العربية لدرجة أنه كان يكرر باستمرار كلمة "تيك تيك" فسمي بذلك "بوعلام تيتك", وفقا لنفس المصدر. و نظرا لجمعه بين الحنكة السياسية والمهارات العسكرية, عين قائدا عسكريا بالناحية الثانية للمنطقة الثانية بالولاية التاريخية الرابعة ثم قائدا عسكريا بالمنطقة الأولى من ذات الولاية. و مع بداية سنة 1959, عاد بوعلام واد فل إلى مرتفعات مدينة الأربعاء واتخذها مقرا لمواصلة نشاطه العسكري و القيادي ليتفاجئ يوم 10 مايو من نفس السنة - و هو في اجتماع رفقة مجموعة من المجاهدين بمنطقة تالوت, بمحاصرة قوات المستعمر المكان الذي كان يوجد به, بالدبابات و المصفحات العسكرية. وغادر المكان بعد تأكده من بلوغ معلومات الى العدو حول تحركاته, غير أنه وقع في كمين رفقة المجاهدين الذين كانوا معه, فوقع اشتباك مع قوات المستعمر برهن خلاله على شجاعته و عدم استسلامه قبل أن يسقط في ميدان الشرف مع رفاقه محمد رزيق و محمد حمزة و العيد بوعدل. و بالرغم من مرور نحو ستة و ستون سنة على استشهاده, لا يزال اسم بوعلام واد فل خالدا كرمز للشجاعة والحنكة و الذكاء, لاسيما بمسقط رأسه, مدينة الأربعاء, التي يفتخر سكانها بهذا البطل الذي يحمل العديد من أبنائها اسمه تخليدا لذكراه.

مايو 9, 2025 - 19:56
 0

البليدة - يزخر المسار النضالي للشهيد بوعلام واد فل, ابن مدينة الأربعاء بولاية البليدة, بانجازات بقيت شاهدة على وطنيته العالية وحنكته السياسية وكفاءته العسكرية التي أهلته لتولي مناصب قيادية خلال ثورة التحرير المجيدة.

وتؤكد العديد من الوثائق الرسمية و كذا شهادات لمقربيه, عشية تخليد الذكرى ال66 لاستشهاد بوعلام واد فل, المعروف ب"بوعلام تيتك", الكفاءة العسكرية العالية التي كان يتمتع بها بفضل التدريبات العسكرية التي خضع لها خارج الوطن وحنكته السياسية و روحه الوطنية العالية التي استغلها لاسترجاع حرية واستقلال الجزائر.

وقال ابن أخ الشهيد, نبيل واد فل, في حديث لوأج, أن جميع الروايات التي سمعها من والده المرحوم و من عمه الاخر الذي تعذر عليه تقديم تصريحات بسبب المرض, تعكس إيمان الشهيد بعدالة قضية وطنه التي كرس كل حياته القصيرة (توفي في عمر 25 سنة) لنصرتها و طرد المستعمر الغاشم ليعيش أبناء الجزائر في كرامة و حرية.

و ذكر نفس المتحدث أن الشهيد واد فل قال, في إحدى الجلسات العائلية رفقة والده و إخوته الخمسة الذين كان لكل واحد منهم دور في الثورة التحريرية, أنه يفضل الموت ليعيش الشعب الجزائري في كنف الحرية ويتخلص من ظلم و استبداد المستعمر الفرنسي, مشيرا إلى أنه رفض فكرة الزواج أكثر من مرة ليتفرغ للعمل الثوري.

و حسب تصريحات إبن أخ الشهيد, انخرط بوعلام واد فل في العمل الثوري في سن مبكرة مستغلا فطنته و ذكائه و رصيده المعرفي الذي اكتسبه طيلة مشواره الدراسي حيث كان يقوم بقراءة الجرائد التي كانت تصدر خلال تلك الفترة و يطلع سكان المدينة التي يقطن بها بمحتواها بهدف اطلاعهم على المستجدات الوطنية خاصة وأن العديد منهم يجهل القراءة.

وتتضمن وثيقة صادرة سنة 2020 عن فرع الاربعاء لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمناسبة إحياء يوم الشهيد, اشارة إلى الدور الهام الذي لعبه هذا البطل في غرس روح الوطنية لدى المواطنين لاسيما بعد انخراطه في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية, لدرجة قيام السلطات الاستعمارية سنة 1949 بغلق مدرسة "الاحسان" التي كان يدرس بها خوفا من تأثير نشاطه على زملائه وعلى سكان المدينة.

و بعد هذا الحادث, قرر المشرفون على المدرسة إرسال الطالب النجيب واد فل إلى جامع الزيتونة بتنوس لمواصلة دراسته. و بعدها بعام, عاد لأرض الوطن ليواصل النضال و نشاطه السياسي في صفوف الحركة الوطنية إلى غاية إلقاء القبض عليه سنة 1951 بتهمة التحريض على التجمع و التظاهر و العصيان المدني و يسجن لمدة عام بسجن بربروس بالجزائر العاصمة (سركاجي).

و بعد خروجه من السجن سنة 1952 , ساعده الشهيد السعيد عصماني على الالتحاق بجامع الأزهر بمصر لمواصلة دراسته إلى غاية سنة 1955.

 

مهام جديدة لتدريب جنود جيش التحرير الوطني

 

وتطرق السجل الذهبي لأهم الأحداث التاريخية للولاية لمديرية المجاهدين للمرحلة الهامة التي أوكلت خلالها للشهيد بوعلام واد فل مهام تدريب جنود جيش التحرير الوطني و تلقينهم فنون القتال واستخدام الأسلحة ليدخل بعدها فصل جديد من الكفاح.

و في سنة 1956 و بعد عودته من مصر, أرسل إلى العراق لقضاء فترة تدريب بالأكاديمية العسكرية بأمر من جبهة التحرير الوطني التي لمست فيه كفاءة وحنكة تخدم أهداف الثورة التحريرية.

و بعد استكمال فترة التدريب, عاد إلى أرض الوطن رفقة مجموعة من المجاهدين محملين بالأسلحة و الذخيرة وكلف بعدها بتدريب الجنود بالمنطقتين الثانية والثالثة بالولاية الرابعة التاريخية حيث كان حريصا على تلقينهم المصطلحات الحربية باللغة العربية لدرجة أنه كان يكرر باستمرار كلمة "تيك تيك" فسمي بذلك "بوعلام تيتك", وفقا لنفس المصدر.

و نظرا لجمعه بين الحنكة السياسية والمهارات العسكرية, عين قائدا عسكريا بالناحية الثانية للمنطقة الثانية بالولاية التاريخية الرابعة ثم قائدا عسكريا بالمنطقة الأولى من ذات الولاية.

و مع بداية سنة 1959, عاد بوعلام واد فل إلى مرتفعات مدينة الأربعاء واتخذها مقرا لمواصلة نشاطه العسكري و القيادي ليتفاجئ يوم 10 مايو من نفس السنة - و هو في اجتماع رفقة مجموعة من المجاهدين بمنطقة تالوت, بمحاصرة قوات المستعمر المكان الذي كان يوجد به, بالدبابات و المصفحات العسكرية.

وغادر المكان بعد تأكده من بلوغ معلومات الى العدو حول تحركاته, غير أنه وقع في كمين رفقة المجاهدين الذين كانوا معه, فوقع اشتباك مع قوات المستعمر برهن خلاله على شجاعته و عدم استسلامه قبل أن يسقط في ميدان الشرف مع رفاقه محمد رزيق و محمد حمزة و العيد بوعدل.

و بالرغم من مرور نحو ستة و ستون سنة على استشهاده, لا يزال اسم بوعلام واد فل خالدا كرمز للشجاعة والحنكة و الذكاء, لاسيما بمسقط رأسه, مدينة الأربعاء, التي يفتخر سكانها بهذا البطل الذي يحمل العديد من أبنائها اسمه تخليدا لذكراه.