ذاكرة الدَّم والعهود المنقوضة !

‪ ‬‬ ‪ ‬‬ في الذكرى الثمانين لمذبحة الثامن من ماي 1945، تعود إلى الأذهان واحدة من أبشع صفحات التاريخ الاستعماري الفرنسي في الجزائر، يوم خرج الجزائريون في مظاهرات سلمية، يحتفلون بتحرّر فرنسا من النازية، ويطالبون بتطبيق الوعود التي قطعها الجنرالات الفرنسيون: أن تكون حرية الجزائر ثمناً لمساهمة أبنائها في الحرب، لكن، بدلاً من الوفاء …

مايو 9, 2025 - 19:00
 0
ذاكرة الدَّم والعهود المنقوضة !

‪ ‬‬
‪ ‬‬
في الذكرى الثمانين لمذبحة الثامن من ماي 1945، تعود إلى الأذهان واحدة من أبشع صفحات التاريخ الاستعماري الفرنسي في الجزائر، يوم خرج الجزائريون في مظاهرات سلمية، يحتفلون بتحرّر فرنسا من النازية، ويطالبون بتطبيق الوعود التي قطعها الجنرالات الفرنسيون: أن تكون حرية الجزائر ثمناً لمساهمة أبنائها في الحرب، لكن، بدلاً من الوفاء بالعهد، جاء الردّ مجزرة رهيبة راح ضحيتها أكثر من 45 ألف شهيد، في مشهدٍ دموي كشف عن وجه الاستعمار الحقيقي، وجه الغدر والخيانة.
في هذه الذكرى، وجّه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، رسالة واضحة إلى التاريخ، إلى أرواح الشهداء، وإلى فرنسا نفسها، مفادها: “لن ننسى”….لن ننسى أن فرنسا لم تكن فقط قوّة استعمارية متوحّشة، بل دولة نكثت كل المواثيق باسم “الدولة”. فمن أسر الأمير عبد القادر وخيانة شروط سلامه، إلى الزجّ بالشباب الجزائري في أتون الحرب العالمية الثانية، تحت وعود كاذبة بتحرير بلادهم، لتتحول الوعود إلى مجازر تُزهق فيها الأرواح بدم بارد.
إن مطالبة الجزائر اليوم فرنسا بالاعتراف بجرائمها التاريخية، ليست مجرد نزعة للثأر أو استدعاءٍ للماضي، بل هي تأكيد على أن الذاكرة لا تموت، وأن الاعتذار ليس مِنّة، بل استحقاق أخلاقي وتاريخي.
فإلى متى تواصل فرنسا إنكارها؟ وإلى متى تظل تتهرّب من مسؤولية تاريخ دموي لن يُمحى بالصمت أو التجاهل؟ ومجمل القول : لقد آن الأوان لفرنسا أن تعترف، أن تعتذر، وأن تدرك أن الحقيقة أثقل من أن تُطمس، وأن ذاكرة الشعوب لا تُدفن.