تحت ستار الحصانة الدبلوماسية.. الجزائر تطرد جاسوسين فرنسيين في المطار

أقدمت السلطات الأمنية الجزائرية على طرد جاسوسين استخباراتيّين فرنسيين كانا يمارسان أنشطتهما تحت ستار الحصانة الدبلوماسية، في تصرف قد يعرّض العلاقات الثنائية لاختبارٍ مصيري آخر، في أعقاب الشرخ المسجل في العلاقات الجزائرية الفرنسية منذ أشهر عديدة، لتبلغ مستويات “غير مسبوقة”، مع طرد الدبلوماسيين بالبلدين، وتواصل حملات التصعيد والعداء لليمين المتطرف الفرنسي وأتباعه ضد الجزائر.

وكشفت مصادر من قصر المرادية عن تفاصيل العملية، التي شملت اكتشاف هوية العميلين التابعين لجهاز الأمن الداخلي الفرنسي (DGSI)، واللذين دخلا الأراضي الجزائرية بجوازات دبلوماسية مزوَّرة، في محاولة لتنفيذ مهام استخباراتية غير معلنة، ما دفع الجزائر إلى ضبطهما وتطبيق الإجراءات القانونية الدولية بصرامة في حقها، مع إعلان الشخصَين “غير مرغوبين فيهما”، وترحيلهما فورًا إلى باريس.

هذا الإجراء الذي يعتبر ردًّا استباقيًّا على انتهاك فرنسا المتكرر للبروتوكولات الدبلوماسية يأتي في سياق تصعيدٍ ممنهج تقوده حكومة الوزير الفرنسي برونو روتايو، الذي يواصل حربًا إعلامية وسياسية ضد الجزائر، عبر خلط الأوراق بين الأجندة الأمنية والصراعات الجيوسياسية.

الحادثة تكشف بشكلٍ جلي عن انزلاق الخطاب الفرنسي إلى منحدرات الاستفزاز المباشر، عبر تحويل البعثات الدبلوماسية إلى أدواتٍ لتنفيذ المهام الاستخباراتية، في سابقةٍ تتعارض مع مبادئ القانون الدولي وتُهدِّد ثقة الدول في الحصانات الدبلوماسية، التي يفترض أن تكون جسرًا للحوار لا سيفًا للاختراق.

هذا وقامت السلطات الجزائرية، يوم السبت، بطرد عميلين تابعين لجهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسي كانا قد دخلا التراب الوطني متخفيين تحت غطاء دبلوماسي، في خطوة اعتُبرت خرقاً صريحاً للأعراف والتقاليد الدبلوماسية المعمول بها بين الدول.

وأكد الإعلامي فيصل مطاوي، المكلّف بمهمة لدى رئاسة الجمهورية، خلال استضافته ببرنامج تلفزيوني على قناة الجزائر الدولية (AL24)، أن وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، أوفد شخصين يحملان جوازَي سفر دبلوماسي إلى الجزائر، غير أنهما في الحقيقة ينتميان إلى إدارة الأمن الداخلي الفرنسي، وقد تم رصدهما من طرف الجهات الأمنية الجزائرية التي تأكدت من عدم احترام الجانب الفرنسي للإجراءات والتنسيقات الدبلوماسية اللازمة.

كما سارعت الجزائر إلى اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة في حق العميلين الفرنسيين. حيث أُعلن عن الشخصين كـ”غير مرغوب فيهما” وتم ترحيلهما فوراً إلى بلدهما، في خطوة وُصفت بالحازمة والمطابقة للأطر القانونية الدولية.

ووفق تصريحات مطاوي، فإن هذه العملية تأتي في سياق ما وصفه بـ”مناورة جديدة” يقودها وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الذي يتبنى خطاً تصعيدياً وعدائياً ضد الجزائر منذ عدة أشهر، في وقت تشهد فيه العلاقات بين الجزائر وباريس توتراً متزايداً على خلفية ملفات سياسية وأمنية حساسة، في أعقاب ضعف التنسيق والتعاون الأمني المشترك، منها قضية توقيف الكاتب الجزائري الفرنسي، بوعلام صنصال، اتفاقية الهجرة، وكذا ملف الذاكرة التاريخية، فيما برزت أولى معالم الأزمة نهاية جويلية 2024، مع سحب الجزائر سفيرها لدى باريس “بشكل فوري”، على خلفية انقلاب موقف فرنسا الرسمي إزاء قضية الصحراء الغربية لصالح المقترح المغربي.

وتعطي هذه الحادثة مؤشرات أخرى على تصعيد جديد في العلاقات الثنائية بين البلدين، وسط تساؤلات متجددة حول الدور الفرنسي في المنطقة ومسار التعاون الأمني بين الجزائر وباريس، لا سيما في ظل المساعي الأخيرة للتوصل إلى تهدئة وإحياء العلاقات مجددًا، بعد اتصال هاتفي جرى بين الرئيس الفرنسي إيمانويل وماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، بمناسبة عيد الفطر، وتم خلاله التطرق بشكل مطوّل وصريح وودّي حول وضع العلاقات الثنائية والتوترات التي تراكمت في الأشهر الأخيرة، فيما تم الاتفاق على استئناف التعاون الأمني بين البلدين بشكل فوري. لكن سرعان ما عادت إلى طبيعتها بعد أسبوع فقط، بعد إعلان الجزائر طرد 12 موظفًا دبلوماسيًا فرنسيا من أراضيها، على خلفية اعتقال الأجهزة الأمنية الفرنسية 3 جزائريين منهم موظف دبلوماسي، موجهة لهم تهمة محاولة اختطاف ناشط جزائري مقيم بفرنسا “متهم بالإرهاب”، وقابله رد مماثل من باريس.

عبدو.ح

The post تحت ستار الحصانة الدبلوماسية.. الجزائر تطرد جاسوسين فرنسيين في المطار appeared first on الجزائر الجديدة.