تصور العقلاء عن الأوضاع السليمة

أ.د: عبد الحليم قابة رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/ – في الوضع السليم، يُفترض أن تُسند كل الأمور إلى الكفاءات الصالحة والمصلحة والمخلصة، ( وبعبارة أخرى من يتوفر فيهم شرطان: الكفاءة، لكيلا يتضرر الناس، والتقوى؛ لكيلا يخون الناس — إذا توفر الشرطان في كل مسؤول في أي مستوي، فستصلح أحوال الناس، وتتيسّر أمورهم، لأن من …

أغسطس 18, 2025 - 11:58
 0
تصور العقلاء عن الأوضاع السليمة

أ.د: عبد الحليم قابة
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/

– في الوضع السليم، يُفترض أن تُسند كل الأمور إلى الكفاءات الصالحة والمصلحة والمخلصة، ( وبعبارة أخرى من يتوفر فيهم شرطان: الكفاءة، لكيلا يتضرر الناس، والتقوى؛ لكيلا يخون الناس
— إذا توفر الشرطان في كل مسؤول في أي مستوي، فستصلح أحوال الناس، وتتيسّر أمورهم، لأن من سيقودونهم ممن جرّبوهم – أو لم يجربوهم – أهلٌ لما أنيط بهم.

ولا تسند المسؤوليات إلى غير أهلها في جميع المستويات بالمحاباة وبالرشاوى والوساطات أو بالتزوير أو غير ذلك من أوضاع التخلف والمتخلفين، فتفسد أحوال الناس، ويُقادون إلى الهلاك؛ والعياذ بالله.
**ونحن نأمل ونرجو – صادقين – أن تكون أوضاعنا في ذلك سليمة، وما ذلك على الله بعزيز.

– في الوضع السليم، تزرع الثقة بين الحاكم والمحكوم، وبين الموظف والمدير، حتى إذا ما صدرت تعليمات بادر الناس لتطبيقها، والمنافحة عنها وإعانة المسؤول في إقناع الناس بالتفاني في تطبيقها؛ لأنهم يثقون في إخلاص مسؤوليهم وكفاءتهم واقتدارهم.
وليست الأمور مبنية على عدم الثقة والشك والتهمة؛ بحيث لو صدرت أي تعليمة ولو كانت في صالح الناس، فإنهم سيخالفونها ويستهزئون بها.
**ونحن نأمل – صادقين – أن تكون أوضاعنا في ذلك سليمة، وما ذلك على الله بعزيز.
– في الوضع السليم، يُستشار أهل كل ميدان وتخصص قبل صدور أي قرار، لتُضمن السلامة والنجاح والاستقرار.
وليس إملاء القرارات دون مشورة أصحاب التخصص والخبرة، لتكون النتيجة فشلا بعد فشل، أو تراجعا بعد تراجع، أو فتح جبهات للصراع بين مؤيد – مصيب أو مخطئ – ومعترض – مصيب أو مخطئ.
**ونحن نأمل – صادقين – أن تكون أوضاعنا في ذلك سليمة، وما ذلك على الله بعزيز.
– في الوضع السليم، تكون شريحة المثقفين (النخبة) نافعة جدا لتطور الأمة واستقرارها ونهضتها، سواء بموافقتها لقرارات المسؤولين الأكفاء المخلصين وتشجيعهم لها، إذا رأوها رشدا وصوابا، أو بمعارضتهم لها بحكمة العقلاء، إذا كانت تبدو لهم خطأ وانحرافا؛ لأن موافقتهم تزيد السلطة الراشدة قوة إلى قوتها، ومعارضتهم ترَشّد المسار، وترجع القطار إلى سلامة المسار.
وليس كما في كثير من البلدان- للأسف الشديد – يعدّون المثقف عدوًّا لهم؛ وخطرا على أماكنهم.
**ونحن نأمل – صادقين – أن تكون أوضاعنا في ذلك سليمة، وما ذلك على الله بعزيز.
– في الأوضاع السليمة، إذا حلّ بالأمة بلاء كما يحصل في غزة وفلسطين، تتكاتف جهود الجميع – حكاما ومحكومين – على المبادرة لإيجاد الحلول الَمناسبة، والتعاون على الأخذ بكل صنوف النصرة والإغاثة، حتى تنفرج الأزمة ويتحقق النصر المرتجى
**ونحن نأمل – صادقين – أن تكون أوضاعنا في ذلك سليمة، وما ذلك على الله بعزيز. ونحمد الله على المواقف الرسمية والشعبية المشرفة، وما زلنا نطمح إلى المزيد.
– في الوضع السليم، يُراعى في التخطيط والتنفيذ – في جميع المجالات – دينُ الأمة، وولاؤها، وانتماؤها، وما ينفعها في آخرتها أولا، وما ينفعها في دنياها ثانيا؛ لأن هذا من أوجب الواجبات على الحكام والمحكومين، وأَولى الأولويات عند المسلمين عامة، وعند الشعب الجزائري المسلم خاصة. وليس الدين والآخرة وذكر الله، في آخر قائمة اهتمامات الناس. والعياذ بالله.
**ونحن نأمل – صادقين – أن تكون أوضاعنا في ذلك سليمة، وما ذلك على الله بعزيز.
هذه خواطر عن الأوضاع السليمة التي يراها العقلاء، والتي ينبغي أن نكون عليها.
فهل نحن كذلك؟ وهل من أمل في أن نكون كذلك؟، وهل من مساعٍ جادة لأن نصبح كذلك؟
وأستعجل بالجواب، فأقول: الحمد لله، نحن في بعض هذه الجوانب كذلك، لكن – للأسف – نحن في كثير من الجوانب لسنا كذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
ولكن الأمل في أن نكون كذلك موجود وليس بمفقود، والحمد لله رب العامين، والقرائن الدالة على ذلك موجودة، وكثير من الأمة – قادة ومقودين – فيهم خير ظاهر أو دفين.
وأما المساعي لذلك فنسأل الله أن يتقبل جهدَ من سعى ومن يسعى ومن سيسعى لذلك ولو بكلمة طيبة، أو بمنشور هادف، أو بدرهم ينفقه في ذلك، أو بموقف ينصر فيه الساعين لذلك، أو بقرار حكيم يصدره للوصول إلى ذلك، أو بتشجيع المضحين لتحقيق ذلك، أو بصرف من يسعى لغير ذلك.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.