حكم الطلاق المعلق والطلاق بالثلاث بلفظ واحد

الشيخ محمد مكركب أبران mohamed09aberan@gmail.com/ الفتوى رقم:789 السؤال قال السائل: أرجو من فضيلتكم الإجابة عن مسألة يمين الطلاق، لقد قلت لزوجتي، وأنا في حالة غضب، وبدافع المنع والردع، قلت لها: {إذا تجاوزت عتبة الباب فأنت طالق بالثلاث} وكنت أقصد بهذه العبارة منعها من الخروج. ولم تكن نيتي إيقاع الطلاق، بل كان غرضي التخويف. وهي قد …

سبتمبر 17, 2025 - 15:12
 0
حكم الطلاق المعلق والطلاق بالثلاث بلفظ واحد

الشيخ محمد مكركب أبران
mohamed09aberan@gmail.com/

الفتوى رقم:789

السؤال
قال السائل: أرجو من فضيلتكم الإجابة عن مسألة يمين الطلاق، لقد قلت لزوجتي، وأنا في حالة غضب، وبدافع المنع والردع، قلت لها: {إذا تجاوزت عتبة الباب فأنت طالق بالثلاث} وكنت أقصد بهذه العبارة منعها من الخروج. ولم تكن نيتي إيقاع الطلاق، بل كان غرضي التخويف. وهي قد تجاوزت العتبة؟! وسؤالي لفضيلتكم: أيقعُ الطلاق في هذه الحالة؟ أم يعتبر من يمين الطلاق، الذي لايقع إلا مع نية الطلاق؟ أرجو منكم الفتوى المفصلة. وجازاكم الله خيرا.

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: متى وكيف يتم الطلاق؟: لقد أحل الله الطلاق للضرورة، عند ما يصل الزوجان إلى حالة لا يستطيعان معها العيش مع بعضهما. وحينها بجب أن يكون الطلاق بالمعروف، أي بما يوافق الأحكام الشرعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهما المصدران الأصليان المعتمدان في إقامة الدين، سواء في العبادات أو المعاملات، ومنه في فقه الزواج والطلاق، فلابد من اتباع الكتاب والسنة. وعموما فإن الرجل إذا أراد أن يطلق، فلا يطلق إلا في أحد المجالس الثلاثة: مجلس القاضي، أو مجلس الحكمين، أو مجلس شاهدين عدلين معروفين، يُحضرهما ويشهدهما على أنه طلق زوجته فلانة وهي تسمع، ويكون الطلاق باللفظ الصريح. ولزوم الشاهدين حتى لا يقع تكذيب، لا من الزوجة، ولا من الزوج، ووقاية من كل خصومة، وحتى لا يتسرع الرجال في التلفظ بالطلاق، ومن أجل أن يتبعوا السنة في الطلاق، فلا يطلقوا الطلاق البدعي، ومن الطلاق البدعي: الطلاق في زمن حيض المرأة، أو في طهر مسها فيه، أو يقول لها: أنت طالق، طالق، طالق. أو يقول لها: أنت طالق بالثلاث، أو أنت طالق ثم طالق ثم طالق، أو إن فعلت كذا فأنت طالق، بالثلاث. ويجب أن يكون الطلاق، كما بين الله في سورة البقرة، وسورة الطلاق، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ…﴾ (سورة الطلاق:1،2) قال الرازي: {وهذا تشديد فيمن يتعدى طلاق السنة، ومن يطلق لغير العدة. فلعل الله يقلب قلبك من بغضها إلى محبتها، ثم أمر الله بالإشهاد، فقال:
﴿وأشهدوا ذوى عدل منكم} وأشهدوا عند الطلاق، والرجعة، رجلين من أهل العدالة، وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبي حنيفة، وعند الشافعية واجب في الرجعة، مندوب إليه في الفرقة. والحقيقة أن الإشهاد واجب في الزواج، وواجب في الطلاق، وواجب في الرجعة، وليس هذا هو موضوع المسألة. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: الطلاق في المسألة المعروضة هل هو يمين أم طلاق معلق: قال السائل: {قلت لها: إذا تجاوزت عتبة الباب فأنت طالق بالثلاث} هل يعتبر من يمين الطلاق، الذي لا يقع إلا مع نية الطلاق؟} فإن صيغة الحلف بالطلاق أن يقول الرجل: علي الطلاق، أو يلزمني الطلاق، إن كان كذا أو كذا، أو يقسم بألفاظ القسم المعروفة مع لفظ الطلاق. وإن كان في الموسوعة الفقهية الكويتية اعتبره (يمينا) حيث قال المصنف: {الطلاق المعلق على شرط: فإن كان من فعل الْمُطَلِّقِ أو الْمُطَلَّقَةِ أو غيرهما سمي يمينا، لدى الجمهور مجازا، وذلك لما فيه من معنى القسم،..} (الموسوعة الفقهية الكويتية:29 /37) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: هذه المسألة فيها أمران: الطلاق المعلق، والطلاق بالثلاث بلفظ واحد:
وحكم الطلاق المعلق، أنه يقع، فإن كانت هذه الأولى، وكانت واحدة، أو الثانية فهو طلاق رجعي، وإن كانت هي المرة الثالثة، أي: إن كان طلق قبلها ثم أرجع، ثم طلق ثم أرجع، وكانت هذه المرة الثالثة فإنها تكون، بائنة بينونة كبرى، لا ترجع إليه. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
رابعا: وقد أحسن المشرع الجزائري عندما شرع وجوب الصلح: وكذلك أنه اشترط التتالي في الطلاق الثلاث. ففي المادة (51) {لا يمكن أن يراجع الرجل من طلقها ثلاث مرات متتالية إلا بعد أن تتزوج غيره وتطلق منه، أو يموت عنها بعد البناء} ومن راجع زوجته أثناء محاولة الصلح لا يحتاج إلى عقد جديد، ومن راجعها بعد صدور الحكم بالطلاق يحتاج إلى عقد جديد.لأن الطلاق الذي يحكم به القاضي يكون طلاقا بائنا، والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
خامسا: والخلاصة: في هذه المسألة: أولا: أن قولك لزوجتك: (إذا تجاوزت عتبة الباب فأنت طالق بالثلاث) فهذا هو الطلاق المعلق الصريح، ويقع طلاقا. ثانيا: قولك: (لقد قلت لزوجتي، وأنا في حالة غضب) أنت تحكم على نفسك، إن كان غضبك بلغ حد الإغلاق، بحيث لم تعد تدري ما تقول، وتخلط بين الأشياء من حولك، فتكون مسؤولا بالشهادة على نفسك. وتعمل بالحديث: [لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ] (ابن ماجه/2046) والإغلاق يقصد به الغضب، ويقصد به الإكراه. ثالثا: قلت: (فأنت طالق بالثلاث). وقد علمت مما سبق من الشروح، فانتبه لذلك، وتحسب عليك طلقة بائنة بينونة صغرى، ترجعها بعقد، إن كانت هذه هي المرة الأولى، أو الثانية، أما إن كانت الثالثة فلاتحل لك حتى تنكح زوجا غيرك. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.