“خايف مانكونش هنا”
في أثناء الاحتلال الفرنسي البغيض لتونس، كان أحد التونسيين لا يجري على لسانه إلا كلمة “الاستقلال”، حتى ظن أن مسا أصابه، فكان من حوله يهوّنون عليه ويمنونه قائلين: إن “الاستقلال” آت لا محالة طال الزمان أو قصر، فلا تذهب نفسك حسرات.. وكان رد هذا المناضل: لست في شك مما تقولون من “الاستقلال” آت لا مرية […] The post “خايف مانكونش هنا” appeared first on الشروق أونلاين.


في أثناء الاحتلال الفرنسي البغيض لتونس، كان أحد التونسيين لا يجري على لسانه إلا كلمة “الاستقلال”، حتى ظن أن مسا أصابه، فكان من حوله يهوّنون عليه ويمنونه قائلين: إن “الاستقلال” آت لا محالة طال الزمان أو قصر، فلا تذهب نفسك حسرات.. وكان رد هذا المناضل: لست في شك مما تقولون من “الاستقلال” آت لا مرية في ذلك، ولكن الأمر الذي أخشاه هو أنه عندما يتحقق الاستقلال يكون قد حان حيني وانتقلت من الفانية إلى الباقية يقولها بلهجته التونسية الشعبية: “مانيش شاك في الاستقلال، ولكن نخاف يجي ومايلقنيش هنا”، وقد سمعت هذه القصة من عدة أشخاص منهم الحاج اللّمسي التونسي والشيخ شيبان..
جالت في خاطري هذه القصة وأنا أقرأ كلمة الأخ الدكتور سليم قلالة في عموده ليوم الأحد 21/9/2025 تحت عنوان: “استقلال فلسطين أقرب مما نتصور”.
إن إيماني بما قاله الأخ سليم لا ريب فيه، ولكنه كإيمان المناضل التونسي أخشى أن أكون تحت التراب، فلا أحضر تلك اللحظة التي لا يقل شوقي إليها عن شوق والدة لولدها وقد طال غيابه عنها..
إن هذا هو ما يكاد يجمع عليه أهل الذكر وأرباب الحجر من الأكاديميين والسياسيين بمن فيهم بعض الصهيونيين، والمسألة مسألة وقت عسى أن يكون قريبا، ولكل أجل كتاب. وقد سبق لي أن قرأت ما رواه الصحفي المصري حسنين هيكل من أن المجرم دوغول قال له بعد هزيمة العرب في 1967: إن العاقبة للعرب في هذا الصراع، ذلك هو منطق التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا. ولعل الجنرال المجرم، طويل الأنف والأذنين قد استحضر نهاية الإمبراطورية الفرنسية على أيدي المجاهدين الجزائريين، وقد كان عليها من الشاهدين.
لقد سمعت في يوم 14/8/2025 حوارا بثته قناة “الهدهد” الصهيونية الإلكترونية أجراه صحفي وصحفية صهيونيان مع المستشرق الصهيوني مردخاي كيدار يقول فيه إن نهاية إسرائيل – رغم الانتصار الظاهر- قد اقتربت، فلما سئل عن آية ذلك قال: إننا لن نضمن بقاء الولايات المتحدة الأمريكية، ولا الاتحاد الأوروبي إلى جانبنا، كما أن عند الفلسطينيين ما ليس عندنا، إذ “لا يوجد في اللغة العبرية كلمة مثل صبر”، ثم قرأ بلسان عربي لا عجمة فيه قوله تعالى: “إن الله مع الصابرين”.
إن الذي يطيل عمر الصهاينة في فلسطين هو ما قاله هذا الـ”مردخاي”، فإسرائيل منذ أسسها الاستكبار العالمي بقيادة الشياطين الثلاثة – أمريكا وبريطانيا وفرنسا- وهي عالة على هذا الاستكبار وهو إلى إدبار..
كما أن مما يطيل عمر هذا السرطان الصهيوني في فلسطين خيانة بعض الفلسطينيين وبعض حكام العرب في مراكش والإمارات والبحرين وغيرهم ومن خفي منهم، والذي ستبديه لنا الأيام مما نحن الآن به جاهلون.
وأسوأ من هؤلاء الحكام الذين اتخذوا الصهيونيين أولياء من دون المؤمنين بعض “علماء الدين”، الذين غلبت عليهم شقوتهم وشهوتهم، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، واستزلّهم الشيطان، فخانوا الله ورسوله وأماناتهم وإخوانهم وأوطانهم لم يعلمون مقابل دريهمات معدودات، ونخشى أن يقال لهم يوم تبيّض وجوه وتسوّد وجوه: “أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها، فاليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا”. فصبرا ومصابرة ومرابطة يا إخوتنا في فلسطين – رغم ما أنتم فيه من شدائد- فإن النصر “أقرب مما نتصور”، و”قل عسى أن يكون قريبا”، فـ”غرس صهيون في فلسطين لن ينبت، وإن نبت فإنه لا يثبت”، كما قال إمامنا الإبراهيمي.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post “خايف مانكونش هنا” appeared first on الشروق أونلاين.