عباد الرحمان بعد رمضان ثبات على منهاج القرآن وعمل بشعب الإيمان
أ. محمد مكركب نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/ كان النبي عليه الصلاة والسلام، يدعو ربه سبحانه، أن يثبت قلبه على الدين، فكيف لا نفكر نحن في هذا الأمر العظيم؟، فلماذا نتناسى، ونحسب الأمر هينا؟ فعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكثر أن يقول: [يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك] …

أ. محمد مكركب
نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/
كان النبي عليه الصلاة والسلام، يدعو ربه سبحانه، أن يثبت قلبه على الدين، فكيف لا نفكر نحن في هذا الأمر العظيم؟، فلماذا نتناسى، ونحسب الأمر هينا؟ فعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكثر أن يقول: [يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك] قال: فقلت: يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: [نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء] (الترمذي:2140) ومنه رواية أم سلمة رضي الله عنها. أعمال تعلمناها، أو تذكرناها أكثر في رمضان، فلا ينبغي أن نهجرها بعد رمضان. ومنها:
العمل الأول: الصدقات ومساعدة الفقراء، فإنهم يأكلون ويشربون ويحتاجون النفقة بعد رمضان، كما كانوا محتاجين في رمضان. وتعلمنا بأن النبي عليه الصلاة والسلام، كان أجود الناس، (يعني في كل أيام حياته) وكان أجود ما يكون في رمضان. وما أجمل أن تكون بيوت السبيل،في الطرقات الكبرى للمسافرين المحتاجين على الدوام، وفي القرى البعيدة، والمدن الكبيرة والمحطات، وما يعرف بديار الضيافة كما كانت في المجتمع العربي، وفي المجتمع الأندلسي يوم أن كان الأندلس.
العمل الثاني: مدارسة القرآن الكريم أن يلازم المسلمون بعد رمضان حضور حلقات العلم في مجالس القرآن الكريم. بحيث ينظم أئمة المساجد في كل مسجد تدبر آيتين عند وقت صلاة العشاء. عملا بالحديث. عن عقبة بن عامر، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة، فقال: [أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ، أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ، فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟]فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك، قال:[ أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ.] (مسلم:803) ومع مجالس تدبر القرآن، مواصلة الترتيل، أي الورد القرآني. كل ليلة حزب. وقد حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إنه قال: [مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ] (مسلم:747)
العمل الثالث: قيام الليل. قيام الليل ليس في رمضان فقط. وصف الله عباده عباد الرحمن، فقال:
﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ (الفرقان:64) إنهم كانوا قليلا من الليل ما ينامون، وبالأسحار هم يستغفرون الله من تقصيرهم، فهم مع إحسانهم يعدون أنفسهم مذنبين، ولذلك يكثرون الاستغفار بالأسحار. فلا تنس ولو ركعتين قبل صلاة الفجر.
العمل الرابع: الدعاء، والذكر: ومنه دعاء سيد الاستغفار. الذي يدعو به المسلم دبر صلاة الصبح، ودبر صلاة العصر. وفي كل الأوقات. [اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ.] (البخاري: 6306) مع دعاء الوقاية والحفظ، ودعاء النوم، ودعاء العفو، وغير ذلك من الأدعية المشروعة. ولا تنس هذا الدعاء في الصلاة. [اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ] (البخاري:834)
العمل الخامس: حضور صلاة العشاء في المساجد، كما كان الحضور في صلاة التراويح، غريب أمر بعض الناس يهتمون بالنافلة ولا يهتمون بالفريضة، مع أن الله تعالى يحب من عباده أن يتقربوا إليه أولا بما افترض عليهم من الفرائض، ثم بعد ذلك يتقربون إليه بالنوافل. لماذا تملأ المساجد للنوافل التي أصلها أنه تصلى في البيوت!!! ولا يحضرون بذلك الجمع لصلاة العشاء التي في الأصل تصلى في المساجد للمستطيع!. ففي الحديث القدسي. [وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ] (البخاري:6502) والعجيب أن الخبر ورد عن النافلة تصلى في البيت في باب الحديث عن التراويح نفسها. عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اتخذ حجرة في رمضان، فصلى فيها ليالي، فصلى بصلاته ناس من أصحابه، فلما علم بهم جعل يقعد، فخرج إليهم، فقال: [قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة] (البخاري: 731) وهل هذا يعني أقول للقارئ لا نصلي التراويح في المساجد؟، لا أعني هذا، وإنما أبلغ حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وأعني أن تملأ المساجد للفريضة في العشاء طول العام، كما تملأ في رمضان.
العمل السادس: الحرص على الاهتمام بأسواق الرحمة، فالناس يحتاجون توفير السلع كما كانوا في رمضان، ويحتاجون حسن الخدمات كما يحتاجون في رمضان. فإن مقتضيات المدنية في مجتمع المسلمين تتطلب ازدهار الأسواق بالسلع والخدمات، وأن تستمر المدن والمحلات المفتوحة على الدوام، بل والمواصلات والمرافق بأن تعمل ليل نهار، في مجتمع المتحضرين.
العمل السابع: المطلوب استمرار الندوات العلمية. بعض الناس يهتمون في رمضان أكثر بتنظيم المحاضرات، والدروس، والندوات. وفي غير رمضان يغيب العلم عندهم أو يتغيبون عنه، ولا يتذكرونه إلا في شهر ربيع الأول.!!
العمل الثامن: استمرار سلوك المتواضعين. فالمسلم متواضع حيي، متخلق بالقرآن، في كل مكان، وكل زمان، ليس فقط في رمضان.
﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾