عقائدنا في خطر: المستخلص من «حادثة ـ العَلمة»

أ. حسن خليفة/ على الرغم من وفرة الأحداث التي تستوجب الكتابة عنها وحولها؛ خاصة ما يجري في أرض العزة، والحراك العالمي نُصرة للمظلومين، وأيضا ما يجري من تحوّلات عميقة في أكثر من مكان، ومنه أمريكا التي تجمع التحليلات على أن بدايات التفكك والانهيار قد بدأت فيها، وستتعمق مع الزمن.. ولا ينبغي أن ننسى هنا يد …

يونيو 16, 2025 - 16:21
 0
عقائدنا في خطر: المستخلص من «حادثة ـ العَلمة»

أ. حسن خليفة/

على الرغم من وفرة الأحداث التي تستوجب الكتابة عنها وحولها؛ خاصة ما يجري في أرض العزة، والحراك العالمي نُصرة للمظلومين، وأيضا ما يجري من تحوّلات عميقة في أكثر من مكان، ومنه أمريكا التي تجمع التحليلات على أن بدايات التفكك والانهيار قد بدأت فيها، وستتعمق مع الزمن.. ولا ينبغي أن ننسى هنا يد الله تبارك وتعالى ونافذة الغيب، فكل أمر يجري بأمره سبحانه عز وجل، قلت: على الرغم من كل ذلك فقد أردتُ التوقف عند حادثة العلمة التي ثار حولها ضجيج وجدل كبير؛ وذلك لأن هذا الأمر يتعلق بعقائدنا التي صارت في خطر، فالتصرفات والسلوكات، والأخلاق، والمعاملات كلها يجب أن تُضبط بالدين والشرع، وفي أعلى ذلك العقيدة والإيمان.
وما وقع في العلمة بالاعتداء على مسلمة مغتربة، وازدراؤها واحتقارها ونزع حجابها ونقابها، والجراءة على إطلاق الأحكام، والبلبلة التي وقعت كل ذلك له علاقة بديننا. وقد أظهرت الواقعة الكثير من المخبوء.. وأخطره أننا لسنا في مستوى هذا الدين العظيم.
نعم: كلام كثير، وضجيج كبير، وفيديوهات، وكتابات واتهامات واتهامات مضادة.. كل ذلك حدث فيما يمكن تسميته بـ «حادثة العلمة» والخاصة بالمرأة المسلمة المغتربة… التي اتُهمت بالسحر.
نحتاج إلى وقفة مطوّلة في هذه القضية، كما في غيرها مما يستجدُ في حياتنا، ونحتاج فوق ذلك إلى استخلاص العبر والعظات.
وهذه مساهمة في الاتجاه الإيجابي، دفعا للتركيز ـ مستقبلا ـ في مجال الدعوة الإصلاحية على ما يجب التركيز عليه.. وهو غرس الإيمان الصحيح في القلوب والعقول، وترسيخ مباديء التعامل الصحيحة مع كل ما يحيط بنا، ونعني بالتركيز هنا ما يتصل بمجال العقائد التي هي أساس البنيان في شخصية المسلم والذي عليه «تُصمّم» شخصيته المتميزة.
نستخلص من ضمن ما نستخلص:
1- ضعف الوازع الإيماني الحقيقي في نفوسنا وقلوبنا، مما يعني ـللأسف ـ أن التديّن فينا، هو أقرب إلى أن يكون قشرة.. وليس أمرا يخالط القلب ويجري مجرى الدم فيه.
2ـ ظهور الجهل بالدين بشكل صارخ، وأبسط قرينة على ذلك ما صرّح به صاحب هذه الفرية بالإدعاء أنه سحر(أوفيسيال) كما قال.. ودليلهُ: أن المصحف الذي تحمله تلك السيدة فيه دوائر، ولم تكن تلك الدوائر سوى أرقام الآيات… ـ يا سبحان الله ـ… ما أعظم الفرية من مفتر جاهل.
3ـ غياب الموازين الشرعية في مجال التعامل مع الناس، فلا تثبّتَ ولاتريّث، ولاتروي. علما أن أخلاق ومبادئ الإسلام تؤكد على ذلك، وتغرسه في نفوس المسلمين غرسا «فتبيّنوا».
4ـ وفرة/كثرة المتنطعين ـ للأسف ـ في المشهد الديني الوطني، وهؤلاء أصناف؛ ممن يطلقون الأحكام جزافا، ويسارعون إلى الإدانة والاتهام دون أدنى قرينة، ولا نقول أدنى دليل. والخطير أنهم يضعون أنفسهم في موضع «الوصيّ»على الإسلام وهذا خطير.
5 ـ غلبة العواطف الفوّارة على ميزان الشرع والعقل، ومن أسف أن ذلك وصل إلى حدود غير معقولة، وقد كشفت الواقعة بقعة السواد المنتشرة.
6 ـ ظهور العصبية الجاهلية ـ العشائرية /القَبلية ـ وظهر الولاء لابن الزنقة أو الحومة ـ …والدفاع بالباطل عنهم.. بدل اتباع الحق.
7 ـ بلوغ الهوس والاهتمام بـ»السحرـ وتوابعه» مبلغا خطيرا، ينذر بشرّ مستطير، وهو نمط في التأويل والتفسير يجري على كثير من الألسنة ويفسر بعض الأمور بـ «العين» و «الحسد» و«السحر»، وذلك لتبرير الفشل أو الإخفاق في شؤون الحياة مثلا. وهذا أمر يعمّق ما أشرنا إليه في السطور السابقة هو الجهل بالدين.
8 ـ يستوجب كل ما حدث انفتاح الجهات المختلفة ـ خاصة التشريع والقضاء ـ على هذا الجزء من حياتنا الاجتماعية الزاخر بالالتباسات والمشكلات.. ووجوب إيجاد صيّغ مناسبة لتكييف تلك المشكلات، مع المنظور الشرعي الصحيح الدقيق وإنه من مهمّة جميع الأجهزة والهيئات حماية الدين من التحريف والتصحيف؛ لأنه دستور ربّ العالمين.
9 ـ تؤكد مجمل الوقائع أن «التخلف» كلٌّ مركَبٌ وليس جزئية معزولة، فأميّتنا الدينية الفاشية والكبيرة، هي جزء من أميتنا الحضارية التي تستوجب السلوك الإنساني المحترم، والقدرة على التعامل الصحيح مع المستجد، وتغليب الرفق والتريّث على غيرهما.
10 ـ ننتظر تسجيل الملاحظات الضرورية منكم ومنكنّ مشاركة في الجهد الضروري الذي ينبغي أن يُبذل في هذا المجال الحيوي الهام.
وقد نعود إلى الموضوع …