لقاء الرئيس تبون مع البابا مكسب دبلوماسي

عبد الكريم العراجي/ أستاذ محاضر جامعة وهران 2 عرف اللقاء الذي جمع بين قداسة البابا و الرئيس عبد المجيد تبون زخم إعلامي وهذا راجع إلى أهمية الشخصية و اللقاء و مخرجات اللقاء تؤكد بأن الجزائر تمكنت من شرح رؤيتها للقضايا الدولية داخل الفاتيكان باعتباره كيان مؤثر في حل الصراعات الدولية وربما له القدرة على طرح …

يوليو 27, 2025 - 22:11
 0
لقاء الرئيس تبون مع البابا مكسب دبلوماسي

عبد الكريم العراجي/ أستاذ محاضر جامعة وهران 2

عرف اللقاء الذي جمع بين قداسة البابا و الرئيس عبد المجيد تبون زخم إعلامي وهذا راجع إلى أهمية الشخصية و اللقاء و مخرجات اللقاء تؤكد بأن الجزائر تمكنت من شرح رؤيتها للقضايا الدولية داخل الفاتيكان باعتباره كيان مؤثر في حل الصراعات الدولية وربما له القدرة على طرح رؤى توافقية و سلمية لذلك فإن الجزائر في الوقت الراهن استطاعت أن تسوق رؤيتها الدبلوماسية التي تستند على دعم الشعوب في تقرير مصيرها وتبني مواقف تنسجم مع تطلعات المجتمع الدولي والمواثيق التي تضمن استمرارية الهيئات الدولية على شاكلة الأمم المتحدة
التقارب بين الفاتيكان و الجزائر مطلب إستراتيجي تفرضه مقومات تاريخية إذ تعد الجزائر بمثابة مرجعية روحية للمجمع الرسولي بحكم شخصية سان أوغسطين بصفته الرابط الروحي بين البلدين واللافت للنظر هو أن لقاء الرئيس تبون مع البابا خرج عن المعتاد و يمكن القول بأنه يندرج في بروتوكولات الدبلوماسية العامة و الحوار بين الأديان ،و التواصل الثقافي ومن هنا يجب علينا أن نفكر في هذا اللقاء باعتباره مكسب استراتيجي لأنه سيعمل على تقوية الطرح الجزائري في حل الأزمات الدولية ،و الصراعات وخاصة الصراع في منطقة الشرق الأوسط فالجزائر رافعت عن حق الشعب الفلسطيني من خلال عضويتها في مجلس الأمن الدولي مما يؤكد فعالية الموقف الدولي الجزائري في معالجة التوترات و إدارة الصراع
لقاء الرئيس تبون مع البابا سيزعج بعض الفاعلين في المنطقة المتوسطية حيث يمكن التكهن بأن الفاتيكان ربما سيدعم الطرح الجزائري في ملف الساحل و الأزمة الليبية ،و رفع الحصار عن قطاع غزة و جلوسه مع البابا هو مكسب دبلوماسي يعبر عن جهد مبذول من أجل فرض رؤية جزائرية تتجاوز المحيط العربي و الإفريقي مع العلم أن الفاتيكان له قنوات في دوائر صنع القرار في أهم العواصم الغربية التي تولي اهتمام روحي للفاتيكان كمؤسسة دينية جامعة للشعوب الكاثوليكية ،وعلى ضوء هذا المستجد يجب توسيع مساحة التواصل بين الجزائر و الفاتيكان ولا يجب حصرها في مجال الحوار الديني بل يجب تعميق الحوار و التفاهم ليشمل البعثات العلمية والثقافية بين مؤسسات الفاتيكان و الجامعات الجزائرية مع العلم أن الفاتيكان يملك مركز فكري مهم وهو المعهد البابوي للدراسات العربية و الإسلامية مما يسمح بوصول الرؤية الجزائرية داخل الأوساط النخبوية في الفاتيكان .
ما نسعى إلى توضيحه في هذه النقطة هو أن هذا اللقاء سيكون نقطة تحول في مسار الدبلوماسية الجزائرية في ظل ما يشهده العالم من تقلبات سياسية و جيو إستراتيجية فشل رجال السياسة في حلحلتها و الرهان سيكون مركز على الفاعلين الدينيين الذين يسعون الى حل الأزمات الدولية عن طريق مخاطبة الشعوب بأدوات و وسائل ثقافية لذلك فإن الثقافة الجزائرية المؤسسة على الإسلام الوسطي و قيم التحرر ستجد القبول و الرضا من طرف الفاتيكان باعتباره مؤسسة دينية تدرك خطورة المخاض العسير للنظام الدولي الجديد ومن المهم أن يكون للجزائر دور في إشراك الفاتيكان في حل القضايا الشائكة على نحو خاص القضية الفلسطينية وحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير و تصفير الاستعمار في أفريقيا
التقارب بين الجزائر والفاتيكان يغنيها عن الدخول في تحالفات تفقدها سيادتها وشخصيتها الوطنية وإرثها الثوري وخاصة أن إدارة ترامب تسعى الى توسيع اتفاقية أبراهام من اجل ضمان أمن الكيان الصهيوني وهذا النأي يكسب الجزائر شرعية في المحافل الدولية
زيارة الرئيس تبون إلى إيطاليا تستحق التفكير و قراءة متمعنة تؤكد فعالية التوجه الجديد للسياسة الخارجية الجزائرية في ظل الأزمات التي تشهدها المنطقة التي تنتمي إليها الجزائر وهذا ما يسمح لها بالتفكير خارج الصندوق بمعنى أصح ستقوم ببلورة رؤية توافقية مع القوى الغربية التي تسعى الى خلق الاستقرار في المنطقة و العمل على تحييد المنطقة المتوسطية على الصراع الأمريكي الصيني و التدخل الروسي في المنطقة لذلك فإن تجنب الفوضى في ليبيا هو القاسم المشترك بين روما و الجزائر وطرح حل توافقي من طرف الفرقاء الليبيين وهذا الأمر لا يستتب إلا بمدى نجاح الجزائر في تسويق مقاربتها في الأوساط الدولية