لقاء رئيس الجمهورية بالمتعاملين الاقتصاديين.. إشادة بالإنجازات وإقرار بضمانات لدولة صاعدة اقتصاديا

تغيرت الأوضاع في الجزائر منذ اعتلاء السيد عبد المجيد تبون سدة الرئاسة في ديسمبر من سنة 2019، بعدما أرسى قواعد الحوار الجاد مع مختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين، بما يخدم مصلحة البلد ويلبي احتياجات المواطنين الذين وضعهم في صلب اهتماماته. ينعقد لقاء رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون المنعقد بمركز المؤتمرات يوم 02 أكتوبر 2025 بالمتعاملين …

أكتوبر 5, 2025 - 18:42
 0
لقاء رئيس الجمهورية بالمتعاملين الاقتصاديين.. إشادة بالإنجازات وإقرار بضمانات لدولة صاعدة اقتصاديا

تغيرت الأوضاع في الجزائر منذ اعتلاء السيد عبد المجيد تبون سدة الرئاسة في ديسمبر من سنة 2019، بعدما أرسى قواعد الحوار الجاد مع مختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين، بما يخدم مصلحة البلد ويلبي احتياجات المواطنين الذين وضعهم في صلب اهتماماته.

ينعقد لقاء رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون المنعقد بمركز المؤتمرات يوم 02 أكتوبر 2025 بالمتعاملين الاقتصاديين الذين شاركوا في معرض التجارة البينية بالجزائر خلال الفترة الممتدة من 04 إلى 10 سبتمبر 2025، ليؤكد مرة أخرى حرص القيادة العليا للبلاد على الدفع بحركة الاقتصاد الوطني إلى الأمام، وطمأنة الفاعلين الرئيسيين في الساحة الاقتصادية على وقوف السلطات العمومية إلى جانبهم وتسهيل استثماراتهم وفق قواعد الشفافية التي ينص عليها القانون.

يمكن ملاحظة ملامح التغير الذي طرأ على الجزائر من خلال عدة مؤشرات يمكن إيجازها فيما يلي:

  • لقاءات دورية مع المتعاملين الاقتصاديين

بعدما كانت السياسات العامة تصاغ بطريقة انفرادية من الأعلى إلى الأسفل، تغيرت المعطيات وأصبحت العملية تنجز في إطار تشاركي وتشاوري، فمن جهة وضع رئيس الجمهورية أسس الحوار البناء مع مختلف المتعاملين الاقتصاديين من خلال الاستماع إلى شكاويهم ومشاكلهم سواء فيما يتعلق بصعوبة الحصول على القروض البنكية لتمويل مشاريعهم، أو غياب العقار الصناعي الذي يحول دون تمكنهم من تجسيد المشاريع، أو العراقيل البيروقراطية التي أثقلت كاهلهم وحرمتهم من المشاركة الفعالة في تنمية الاقتصاد الوطني. المقاربة التشاركية في إعداد السياسات العامة الاقتصادية أفضى إلى قرارات هامة وصفت بالتاريخية من خلال إلغاء وكالة ألجكس التي كانت تحتكر عمليات التصدير والاستيراد، وتعويضها بوكالتين مستقلتين تتكفل الأولى بملف الاستيراد، على أن تتولى الثانية عملية التصدير، وكل هذا لإزالة العراقيل التي كانت تحول دون تمكين المؤسسات الجزائرية من ولوج الأسواق الدولية خاصة الإفريقية منها.

وقد حرص رئيس الجمهورية من خلال لقائه المتعاملين الاقتصاديين المشاركين في معرض التجارة البينية الإفريقية على طمأنتهم، من خلال التأكيد على تسهيل مهامهم في تصدير منتجاتهم والوفاء بالتزاماتهم إزاء نظرائهم الأفارقة، معتبرا ذلك واجبا على اعتبار أن سمعة البلد على المحك في حالة الإخفاق في تجسيد العقود التي تم إمضاؤها خلال ذلك المعرض. شعور الاطمئنان هو الذي دفع بالمتعاملين الاقتصاديين إلى ولوج قطاعات كانت إلى وقت مضى تشكل حلما بالنسبة للجزائر، كقطاع غيار السيارات، أو الزجاج أو القماش أو الصناعات الغذائية وغيرها، طالما أن البيئة أصبحت مختلفة ومساعدة على الاستثمار بعد سن قانون محفز في هذا الإطار وهو القانون 22-18، المتعلق بالاستثمار، الممضى في 24 جويلية من عام 2022.

  • متابعة إنجاز المشاريع ومحاسبة المقصرين

من ملامح التغيير الذي عرفته الجزائر خلال السنوات الخمس الأخيرة، هو إرساء ثقافة متابعة المشاريع المدرجة وعدم الاكتفاء بالوعود فقط، بما يفرض محاسبة المتقاعسين عن القيام بالمهام التي أوكلت لهم، فشهد الجزائريون موجات إقالة الوزراء والولاة ومدراء الشركات العمومية الذين أخفقوا في مهامهم، وهو لم يحدث من قبل حتى انتشر الفساد في الجزائر على نطاق واسع. من أمثلة متابعة إنجاز المشاريع، إعلان رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، عن وضع لجنة متابعة نتائج معرض التجارة البينية الإفريقية تحت وصاية الوزير الأول، وهذا معناه أن كل الصفقات التي أبرمت يجب أن تجد لنفسها طريقا للتنفيذ، متوعدا كل من يقف عائقا أمام هذه المشاريع بالعقوبات. وجدد رئيس الجمهورية تأكيده على ضرورة “متابعة الالتزامات تجاه تجسيد العقود الموقعة خلال ذات المعرض قائلا “لن نتهاون مع من لا يفي بالعقود”، مضيفا في نفس الإطار أن “مصداقية الدولة فوق كل اعتبار”.

إن مبدأ المحاسبة الذي شدد عليه رئيس الجمهورية يعد جوهر عملية التغيير الذي مس أسس تسيير الشأن العام، فلا عفو على المتسببين في محن المواطنين، أو العابثين بالمال العام، بل ستأخذ في حقهم العقوبات اللازمة وفق القانون، وبهذا يحقق الرئيس ما وعد به الجزائريين عند إعادة انتخابه مطلع سبتمبر 2024، لما قال أن القانون سيأخذ مجراه في كل من يتورط في قضايا الفساد، ومن أبرز أوجه هذا الفساد هو حرمان البلد من فرص الاستثمار بخلق عوائق بيروقراطية، أو التلاعب بالقوانين أو تنفير المستثمرين وغيرها من السلوكيات التي تتنافى مع قواعد الحكم الراشد.

إن متابعة مخرجات معرض التجارة البينية الإفريقية تحت رئاسة السيد الوزير الأول من شأنه أن يفضي إلى تجسيد كل العقود الممضاة، مما يوسع من دائرة التصدير خارج المحروقات، ويسمح للاقتصاد الوطني من متابعة خروجه من تبعية المحروقات ومشتقاتها، خاصة وأن السيد الرئيس جعل ذلك من أحد ركائز سياسته الاقتصادية من خلال بلوغ رقم 10 ملايير دولار هذه السنة بعدما بلغ سنة 2023 سبعة ملايير دولار.

  • دولة قوية باقتصاد وجيش قويان

ولعل ما شد الانتباه في كلمة رئيس الجمهورية أمام المتعاملين الاقتصاديين هو مساواته بين الجيش والاقتصاد في بناء دولة قوية لما قال ” الدولة القوية هي التي لديها اقتصاد قوي، جيش قوي وشعب واع ووطني”. وهذا معناه أن امتلاك جيش قوي في الوقت الحالي أمر حيوي لا بد منه من أجل الدفاع على الحدود وعلى السيادة الوطنية، لكن هذا يبقى دون معنى إذا لم يكن للدولة اقتصاد قوي يتم من خلاله ضمان الأمن الغذائي للمواطنين ويجنب الدولة متاهة تقلبات أسعار المواد الواسعة الاستهلاك على المستوى الدولي، لهذا ربط السيد الرئيس بين الجيش وبناء اقتصاد قوي كدعامتين لبناء دولة قوية، لاسيما وأن طموح رئيس الجمهورية هو بلوغ مصف الدول الصاعدة.

ويراهن السيد الرئيس في مسعاه على وعي الشعب الجزائري، وعي يجعله يحافظ على مؤسسات الدولة، وينأى بنفسه من أي محاولات زعزعة استقراره، خاصة وأن الرئيس في كل مناسبة يؤكد

أن الجزائر مستهدفة من الخارج، وأن المتآمرين على أمنها واستقرارها لن يهدأ لهم بال حتى يصلوا إلى مبتغاهم، ما جعله يجدد الدعوة مرة أخرى إلى اللحمة الوطنية وإلى تكاثف الجهود من أجل المضي قدما في مسيرة البناء والتشييد، مراهنا على استرجاع القطاع الصناعي مكانته كرافد أساسي للاقتصاد الوطني من خلال مساهمته في الناتج الداخلي الخام إلى 13 بالمائة، بعدما كان 3 بالمائة سنة 2019 و18 بالمائة سنة 1972، مشيرا إلى أن الإنتاج الوطني تم قتله في فترات سابقة.

ولعل أبرز مؤشر للتغير الذي يعرفه الاقتصاد الجزائري ارتفاع عدد المشاريع الاستثمارية، بعدما أحصت الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار 17 ألف مشروع، مع توقع خلق 420 الف منصب شغل، وانتقال عدد المؤسسات الناشئة من 200 فقط إلى حوالي 10 آلاف حاليا وهي تشرف الجزائر في المحافل الدولية. فالاقتصاد القوي هو الذي يبنى على أسس المؤسسات الناشئة والمتوسطة، مع إعطاء الفرصة لعنصر الشباب للولوج إلى عالم المقاولتية، حيث جدد السيد الرئيس التذكير بأن الدولة لن تفرق بين القطاعين العام والخاص، والكل سيحظى بنفس المعاملة بشرط المساهمة في تدوير عجلة الاقتصاد وخلق فرص العمل، وهي دعوة منه لرجال الأعمال الخواص إلى الانتقال إلى نمط الاستثمار الذي يخلق الثروة وليس الاستثمار في الاستيراد فقط. إن تجديد رئيس الجمهورية التزامه بضمان المرافقة النوعية، لا سيما للمتعاملين الذين يطمحون لتوسيع نشاطاتهم الصناعية والإنتاجية بشكل عام، عبر تدابير وتسهيلات متعددة، على غرار التمويل عن طريق القرض، وغيره من الحلول من شأنه أن يحفز هؤلاء على المضي قدما في مشاريعهم.

 

بقلم البروفيسور سمير بوعيسى