ما المقصود بالحكم الإسلامي؟

أ.د: عبد الحليم قابة رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/ الحكم الإسلامي ليس محصورا في قطع يد السارق، ولا في جلد الزاني، ولا في قتل القاتل، كما يفهم بعض الناس، وكما يغالط بعض الناس! – إنما هو نظام رباني متكامل إذا عُمل به – بشكل صحيح – استغنى السارق عن السرقة، لأن النظام الاقتصادي الإسلامي سيغنيه …

أغسطس 11, 2025 - 13:06
 0
ما المقصود بالحكم الإسلامي؟

أ.د: عبد الحليم قابة
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/

الحكم الإسلامي ليس محصورا في قطع يد السارق، ولا في جلد الزاني، ولا في قتل القاتل، كما يفهم بعض الناس، وكما يغالط بعض الناس!
– إنما هو نظام رباني متكامل إذا عُمل به – بشكل صحيح – استغنى السارق عن السرقة، لأن النظام الاقتصادي الإسلامي سيغنيه عن التفكير في السرقة فضلا عن أن يفعلها، بما يوفره لهم من أبواب للرزق الحلال والكسب الطيب، وموارد الخير التي تغني وتكفي وتشفي.
– وهو نظام متكامل إذا عُمل به – بشكل صحيح – استغنى الناس عن الفواحش، لأن النظام الاجتماعي الإسلامي سيغنيهم عن سلوك السبل المحرمة والمشبوهة بما يوفره لهم من السبل الطاهرة النقية.
– وهو نظام متكامل إذا عُمل به – بشكل صحيح – يأمن الناس بسببه عن أموالهم وأعراضهم وأنفسهم، لأن نظام العقوبات الصارم سيردع الناس عن التفكير في الجرائم فضلا عن ممارستها.
– فالنظام الإسلامي نظام شامل للجانب السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والتربوي، والأخلاقي، وغيره من جوانب الحياة كلها، وليس حدودا فقط، لأن الحدود في الإسلام علاج للشذوذ وليست هي الإسلام. فهي من أحكام الإسلام وليست هي الإسلام.
قال تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}
وبناء على هذا التقرير نفهم ما يلي:
-1 أن الدعوة إلى تطبيق الإسلام ليست محصورة في تطبيق الحدود، بل هي دعوة لتطبيق أحكام الإسلام المباركة، ونظام الإسلام العظيم، وأخلاق الإسلام الجميلة، لكي لا نحتاج إلى تطبيق الحدود، وإنما قد نُضطر إلى تطبيقها في حالات شاذة ونادرة مع الشاذّين الذين لم تنفعهم بركات تطبيق تشريعات الإسلام، ولا مكان لتعظيم حرمات الله في قلوبهم، والعياذ بالله .

-2 أن الذين يحصرون الإسلام في تطبيق الحدود، إِمّا مخطئون بسبب الجهل بالإسلام، وعدم الوقوف على مثل هذا الكلام، وإِمّا ماكرون يريدون أن يُنفِّروا الناس من دين الله الذي هو رحمة للعالمين، بتشويهه وتحريفه.
ومثل هؤلاء كمثل من يعرّف الإنسان بأنه مخلوق يحتاج إلى تقليم أظافره، مثلا، ويترك تعريفه بأنه مخلوق يمتاز بالعقل والكلام وحسن الخِلقة ونحو ذلك من كمالات الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم.

-3 أن مِن حِكم تشديد العقوبات في الإسلام، حِكمة الردع المعروفة، والتي لا تتحقق مع العقوبات الخفيفة، وكذلك بيان خطورة هذه الكبائر وشيوعها في المجتمعات مع توفير البدائل الكافية والمغنية، مما يجعل المخالف يستأهل هذه العقوبات وأشد منها والعياذ بالله.

أخيرا نختم بقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} والدين هو منهج الحياة، وليس الشعائر التعبدية فقط، كما هو معروف. فتطبيق الإسلام يشمل جميع جوانب الحياة.
والله الموفق وهو يهدي السبيل.