ما ينبغي أن يقال

أ.د: عبد الحليم قابة رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/   المتابع لوسائل الإعلام وما تتناقله من أخبار وأحداث، ومن قرارات وتعيينات وتغييرات، ومن ابتكارات وتطورات واختراعات، ومن تقلبات وكوارث واضطرابات، ومن غير ذلك من بشائر ومحذورات، كلُّ ذلك وغيره يدعونا إلى مجموعة من التنبيهات اللازمة؛ مساهمة من الجمعية في التوجيه والترشيد والإصلاح، جمعا بين الإقرار …

أبريل 28, 2025 - 13:22
 0
ما ينبغي أن يقال

أ.د: عبد الحليم قابة
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/

 

المتابع لوسائل الإعلام وما تتناقله من أخبار وأحداث، ومن قرارات وتعيينات وتغييرات، ومن ابتكارات وتطورات واختراعات، ومن تقلبات وكوارث واضطرابات، ومن غير ذلك من بشائر ومحذورات، كلُّ ذلك وغيره يدعونا إلى مجموعة من التنبيهات اللازمة؛ مساهمة من الجمعية في التوجيه والترشيد والإصلاح، جمعا بين الإقرار والإنكار، وبين الترغيب والترهيب، وبين الوعظ والتعليم، وبين مخاطبة العقول ومخاطبة القلوب، وبين مخاطبة الحاكم والمحكوم، وذلك في المجالات العلمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية، اقتداء بمنهج القرآن الكريم في الإصلاح والتغيير الذي لم يدع شاردة ولا واردة في حياة الناس إلا وسيّجها بسياج الحق والعدل والفضيلة، وجعلها بابا يمكن أن يدخل الناس من خلاله إلى الجنة، وينالون – بالنية الصالحة والاستقامة على الطريقة فيه – الدرجات العليا، والمقام الأسمى.

فأقول – مستعينا بالله – :
التنبيه الأول: التعيينات والتغييرات وإسناد المهام إلى معيّنين، مسؤوليةٌ كبيرة، وآثارها خطيرة؛ لذلك لا ينبغي أن تكون بسلطان العصبية أو الهوى أو المصالح الشخصية أو غير ذلك من الاعتبارات الجاهلية، بل ينبغي أن تسبقها استخارة واستشارة؛
-استخارة للمولى، لأنه هو الذي أحاط بكل شيء علما، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
-واستشارة للعقلاء والعلماء والخبراء؛ لأن الإنسان مهما علت مرتبته وازدادت معرفته، يبقى ضعيفا بنفسه قويا بإخوانه،
بل ينبغي – قبل ذلك وبعده – أن نتحقق من توافر شرطين لا غناء عنهما في أي شخص يراد إسناد مهمة إليه، وهما التقوى والكفاءة؛
-أما التقوى، فلكيلا يخون الأمة لأنه يعلم أن الله يراقبه، ولكي تحمله تقواه على الإتقان والإبداع فيما يُسند إليه من مهام.
-وأما الكفاءة؛ فلكيلا يضر الأمة بجهله وقلة خبرته.
فإذا خالفنا ذلك في أي مجال وعلى أي مستوى، فسندفع ثمنا غاليا، والعياذ بالله.
التنبيه الثاني: أخبار الطغيان الصهيوني المتنامي والخيانات العربية المستمرة، والتخلّى الذليل المُخزي، وما يحصل لإخواننا من إبادة فظيعة، ما زالت فصولها لم تنته بعد، ينبغي أن لا ننسى أنه قد يكون حجة علينا ، وليس حجة لنا، وأن عاقبتنا ستكون وخيمة إن لم نبادر إلى مضاعفة الجهود لنصرتهم والتخفيف من معاناتهم، بل لإيقاف ما يحلّ بهم، إن لم نبادر فسنحاسب على كل قطرة دم سالت بسبب تقصيرنا، وكل عرض انتهك بسبب غفلتنا، والعياذ بالله .
وإن الجمعية – بعد تثمين الجهود المبذولة الرسمية وغير الرسمية – تحثُّ الناس جميعا على مواصلة العمل بما هو متاح من وسائل النصرة، والعمل على إتاحة ما ليس بمتاح منها، في حدود الاستطاعة، وأن يضحّوا أكثر بالنفس والنفيس، لعل الله أن يعجل بالفرج لهم، ويرحمهم بتضحيات إخوانهم.
التنبيه الثالث: ما تناقلته وسائل الإعلام من نفثات عنصرية، ودعوات جاهلية، وتصريحات عدائية في كلمة ناطق باسم حزب كبير في بلادنا ، أمرٌ خطير، وتصرف حقير.
وليس بغريب أن يصدر مثل هذا الكلام العنصري والمؤدلج المعادي لتاريخ الجزائر وانتمائها الحضاري من مثله ، إنما الغريب أن يقال في تجمعات كبيرة، ولا يقابَل بما يناسبه من إنكار، والأغرب من ذلك أن يَسكت عليه جماهير مجمهرة من النخب والساسة والمثقفين، إلا من رحم ربك من الوطنيين والمخلصين مِمَّن ولاؤهم لله ورسوله والمؤمنين.
التنبيه الرابع: ما يحصل في بلادنا من تعبئة واستعداد أمر طبيعي بعد ما بلغنا من أصداء، بل تصريحات معادية، بل تحركات تهدد أمن الجزائر واستقرارها ، وما أرى أمر الإعداد والاستعداد إلا أمرا ضروريا واجبا باستمرار؛ لأن فائدته إرهاب الأعداء المتربصين، كما قال تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}ﯘ ﯙ [الأنفال:60]
فضلا عن كونه ضروريا للدفاع عن أوطاننا ورد الصائلين عند مباغتتهم لبلادنا .
وقد علَّمَنا صراعُنا التاريخي مع فرنسا الاستعمارية، وأكد ما تعلمناه صراعُنا مع الكيان الغاصب في فلسطين، أنه لا أجدى ولا أنفع مع الظالمين والمعتدين ومع الصهاينة والمتصهينين من سنة التدافع التي تقتضي إعداد ما نستطيع من قوة، لنقاومهم بها أو لنرهبهم بها، وليس هناك من سبيل آخر قطّ.
ومن كان لديه سبيل آخر فليخبرنا به، ونحن له من الشاكرين.
والله من وراء القصد وهو المستعان وعليه التكلان.