الجزائر لا تطلب أي تمويلات أو تحويلات مالية من فرنسا

اعترفت الإدارة الفرنسية بأنّ الجزائر لا تستفيد من أي برامج مساعدات إنمائية فرنسية، مثلما سبق وأن ادعى اليمين المتطرّف وأتباعه في مناسبات عديدة، ووجه في خضمها سهام إنتقاداته إلى الجزائر، مؤكدةً أن الجزائر لا تطلب أي تمويلات فرنسية، ولا تتلقى أي تحويلات مباشرة من الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، إضافةً إلى أنها كذلك لا تندرج ضمن […] The post الجزائر لا تطلب أي تمويلات أو تحويلات مالية من فرنسا appeared first on الجزائر الجديدة.

يوليو 14, 2025 - 16:26
 0
الجزائر لا تطلب أي تمويلات أو تحويلات مالية من فرنسا

اعترفت الإدارة الفرنسية بأنّ الجزائر لا تستفيد من أي برامج مساعدات إنمائية فرنسية، مثلما سبق وأن ادعى اليمين المتطرّف وأتباعه في مناسبات عديدة، ووجه في خضمها سهام إنتقاداته إلى الجزائر، مؤكدةً أن الجزائر لا تطلب أي تمويلات فرنسية، ولا تتلقى أي تحويلات مباشرة من الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، إضافةً إلى أنها كذلك لا تندرج ضمن الدول المستفيدة من آليات التمويل التنموي الفرنسي.

ووضع المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، ريمي ريو، حدًّا لسردية سياسية مشحونة تتغذى منذ سنوات داخل دوائر اليمين المتطرف الفرنسي، والتي تزعم بأن الجزائر تستفيد من مساعدات مالية سنوية ضخمة من فرنسا، تصل إلى 800 مليون أورو. فخلال استضافته على قناة Public البرلمانية، كشف ريو بالأدلة القاطعة أن هذه المزاعم لا تمتّ للواقع بصلة، مؤكداً أن الجزائر لا تطلب تمويلاً، ولا تتلقى أي تحويلات مباشرة من الوكالة الفرنسية، ولا تندرج أضلاً ضمن الدول المستفيدة من آليات التمويل التنموي الفرنسي.

هذا التصريح جاء بمثابة ضربة قاصمة لماكينة دعائية ظلت تُروّج لسنوات لروايات مشوّهة عن طبيعة العلاقة بين الجزائر وفرنسا، محاولةً تأطيرها ضمن سرديات شعبوية تستثمر في مشاعر العداء وتستعمل الجزائر كـ”فزّاعة انتخابية”، كلما اشتد النقاش حول الهجرة أو الأمن أو الهوية داخل الساحة السياسية الفرنسية. ويسجَّل أن من أبرز من روّج لهذه الادعاءات النائبة اليمينية المتطرفة، سارة كنافو، التي حاولت في مناسبات عديدة تشويه صورة الجزائر، والسعي لإظهارها كدولة تحتاج وتعتمد على الدعم المالي الفرنسي لتجسيد المشاريع التنموية، وهو ما يتنافى جملةً وتفصيلاً مع الواقع، بل ذهبت أبعد من ذلك، بادعائها بأن “الجزائر تتقاضى سنويًا مئات الملايين من اليوروهات، وترفض في المقابل التعاون في ملف المهاجرين غير النظاميين”، وفق مزاعمها طبعًا.

ومع تفنيد المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) العلني لهذا الخطاب “المتطرّف والتصعيدي” في حق الجزائر، يُفتح الباب أمام مساءلة أخلاقية وقانونية لجهات سياسية ووسائل إعلامية فرنسية، ما انفكت توظف المغالطات في سياق الحملات الانتخابية، على حساب الحقائق الدبلوماسية ومصداقية المؤسسات.

وتضع الأرقام التي كشف عنها المدير العام للوكالة (AFD) الأمور في نصابها، وتنصف الجزائر بعد حملات تصعيد وتشويه “غير مسبوقة” من اليمين الفرنسي ووسائل الإعلام موالية له، مؤكدةًأن الجزائر ليست ضمن الدول التي تستفيد من برامج تمويل تنموي فرنسي، كما أن الوكالة الفرنسية لا تنشط أصلاً على التراب الجزائري، بأي شكل من الأشكال. وبدلًا من تمويل مشاريع تنموية جزائرية، فإن ما يصنّف إعلاميًا كمساعدات فرنسية للجزائر لا يتعدى كونه برامج موجهة بالكامل نحو خدمة المصالح الفرنسية، من خلال تمويل مقاعد دراسية للطلبة الجزائريين في جامعات فرنسية، أو دعم مبادرات ثقافية للترويج للغة الفرنسية، تمويل برامج في السفارة والقنصليات التابعة لها، أو تمويل منظمات غير حكومية فرنسية تنشط محليًا، ضمن ما يُعرف بـ”الهيمنة الثقافية الناعمة”.

هذا، سبق وأن كذبت لوكالة الأنباء الجزائرية، في 14 جانفي 2025 بشكل دقيق وموثق الادعاءات التي تروّج لها دوائر اليمين المتطرف في فرنسا حول ما يسمّى “مساعدات فرنسية تنموية ضخمة” لصالح الجزائر، بقيمة 800 مليون أورو سنويًا، مؤكدة أن هذه المزاعم لا تستند إلى أي واقع مالي أو دبلوماسي، بل تُستخدم كسلاح دعائي لتغذية حملات عدائية موجهة ضد الدولة الجزائرية.

واستناداً إلى معطيات المفوضية الأوروبية لسنة 2022، فإن القيمة الإجمالية لما يمكن اعتباره تمويلاً فرنسياً موجهاً للجزائر لا يتعدى 130 مليون أورو، في حين تقدر الجزائر هذه المبالغ الفعلية بنحو 5 ملايين أورو فقط، مخصصة لتمويل مشاريع تعاون ثنائي لا تدخل في خانة “المساعدات” بمفهومها المتعارف عليه دولياً.

كما تشير التحليلات إلى أن 80% من هذه الأموال لا تغادر التراب الفرنسي، إذ تستخدم في دعم مؤسسات التعليم العالي الفرنسية لاستقبال الطلبة الجزائريين ضمن تخصصات تختارها باريس، بما يخدم حاجيات اقتصادها. فيما تُصرف النسبة المتبقية، أي 20% لتمويل برامج ثقافية ومنظمات غير حكومية فرنسية تنشط داخل الجزائر، وتُعزّز الوجود الرمزي والاقتصادي لفرنسا دون أي مردود فعلي على التنمية الجزائرية.

وأبرزت الجزائر أن هذه الميكانيزمات تصنّف اقتصادياً ضمن “الدعم الدائري”، أي أن الأموال التي يتم ضخها تتحرك داخل نفس المنظومة، ولا تعود بأي نفع حقيقي على الطرف المفترض أنه المستفيد. وإزاء هذا الخطاب الشعبوي، ذكّرت الوكالة بسابقة سنة 1994 حين قررت آنذاك وقف الاستفادة من “قروض التوريد” التي كانت تصبّ في مصلحة الشركات الفرنسية تحت غطاء المساعدة. في تأكيد لسيادتها الاقتصادية والسياسية، جدّدت الجزائر اليوم استعدادها الكامل للتخلي عن أي تمويلات فرنسية مشروطة أو موجهة، معتبرة أن المساعدات المزعومة ليست سوى محاولة لتضليل الرأي العام الفرنسي، وتكريس وهم استعمار اقتصادي لم يعد له موطئ في الحاضر الجزائري.

هذه الديناميكية، التي تتخفى وراء لغة المساعدات، لا تحمل أي مضمون تعاوني حقيقي من فرنسا، بل تستخدم كأداة دعائية في الداخل الفرنسي، وهو ما دفع الجزائر إلى الرد رسميًا من خلال تكذيب التصريحات ورفع دعوى قضائية ضد النائبة كنافو بتهمة التشهير والتضليل، معتبرةً أن ما صدر عنها يدخل في خانة التوظيف العدائي للعلاقات الثنائية، ومحاولة تقويض أسس السيادة الوطنية عبر حملات متكررة تمسّ بكرامة الدولة الجزائرية ومكانتها في المشهد الجيوسياسي المتوسطي.

ويطرح هذا السجال تساؤلات جوهرية عن حدود الدبلوماسية الفرنسية في التعاطي مع الجزائر، ومدى قدرة المؤسسات الرسمية في باريس على فرملة الانجرافات الشعبوية التي لا تكتفي بتشويه صورة الجزائر، بل تهدّد أسس الشراكة التاريخية القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المتوازنة.

عبدو.ح

 

 

The post الجزائر لا تطلب أي تمويلات أو تحويلات مالية من فرنسا appeared first on الجزائر الجديدة.