الضوابط المقاصدية وإعمالها في النَص وتحديات الاتجاه الحداثي تطبيقات معاصرة في الأسرة

د. زهية حويشي/ الضوابط المقاصدية وإعمالها في النَص وتحديات الاتجاه الحداثي (تطبيقات معاصرة في الأسرة) هذا عنوان رسالتي لنيل شهادة الدكتوراه في معارف الوحي والتراث التي سعدت بمناقشتها يوم 04/02/2025م بكلية عبد الحمد أبو سليمان لمعارف الوحي والعلوم الإسلامية . الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا . يعتبر النّص الشرعي كتابا وسنة قطب الرحى في الأمة الإسلامية …

فبراير 18, 2025 - 16:17
 0
الضوابط المقاصدية وإعمالها في النَص وتحديات الاتجاه الحداثي تطبيقات معاصرة في الأسرة

د. زهية حويشي/

الضوابط المقاصدية وإعمالها في النَص وتحديات الاتجاه الحداثي (تطبيقات معاصرة في الأسرة) هذا عنوان رسالتي لنيل شهادة الدكتوراه في معارف الوحي والتراث التي سعدت بمناقشتها يوم 04/02/2025م بكلية عبد الحمد أبو سليمان لمعارف الوحي والعلوم الإسلامية . الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا .
يعتبر النّص الشرعي كتابا وسنة قطب الرحى في الأمة الإسلامية فهو يشكل مرجعيتها الأولى وأساس تطبيق الشريعة الإسلامية، كما يعتبر العمدة في الدرس الأصولي والمقاصدي؛ إذ يعد مصدر الأحكام الشرعية التي يتوصل إليها وفق منهج أصيل درج عليه العلماء والمجتهدون قديما وحديثا لتحقيق مصالح الناس في الدنيا والآخرة.
وفي واقعنا المعاصر نلحظ ظهور ما يسمى بالقراءات الجديدة للنَص الشرعي، على رأسها الاتجاه الحداثي، حيث تعمل مناهجها الخاصة فيه مشكّلة تحديا أمام تطبيق الشريعة الإسلامية، وامتثال أحكامها الشرعية وتحقيق مقاصدها.
ومن أبرز المجالات التي تتعرض لهذه التحديات، الأسرة المسلمة ذات المكانة العالية والأهمية البالغة، إن من حيث البنية الاجتماعية فهي تشكل المجتمع المسلم أو من حيث أحكامها الشرعية التي تشكل جزءا هاما من أحكام الشريعة الإسلامية التي يضمها باب المناكحات في الفقه الإسلامي، فيتحتم من أجل مواجهة هذه التحديات الاستناد إلى ضوابط تكون وجهة الفهم الصحيح والامتثال للتكاليف الشرعية وفق مراد الشارع الحكيم، والضبط في الشريعة الإسلامية مسألة تناولها الأصوليون وتحدثوا فيها، فالإمام الشاطبي يبن أن مقصد الشارع ضبط الخلق بالقواعد العامة، فجاءت التكاليف الشرعية موضوعة على وزان واحد، وعلى مقدار واحد، وعلى ترتيب واحد، لا اختلاف فيه، ولم تترك هذه التكاليف مفوضة إلى عقول المكلفين كما يقول الإمام الدهلوي، بل ضبطت بأركان وشروط وآداب ونحوها، تشكل هذه الأخيرة الأوصاف والمعاني التي راعتها الشريعة الإسلامية قصد التيسير على الأمة امتثال أحكامها، ويشير الريسوني إلى أن هذا الضبط يتميز بالاطراد في جميع الأحكام والتكاليف، وثمرته إخراج المكلف من الحيرة والاضطراب، اللذين يتعارضان مع إرادة الشارع في الخلق والأمر، فقد قال عز من قائل في كتابه العزيز: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾، وأمر باتباع شريعته على علم فقال سبحانه وتعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
ومن أهم الضوابط التي تعتبر سياجا أمام ما يعترض النصوص الشرعية للأسرة المسلمة من تحديات الاتجاه الحداثي، الفطرة واستعداد الخلق لامتثال أمر الخالق، وكذلك مصدرية النَص الشرعي التي ينبني عليها التشريع والتقصيد، واعتبار المصطلح ضابطا منهجيا هاما، يضاف إلى ذلك ضابط من يتصدى إلى النص الشرعي بالنظر والاجتهاد، ولا بد من اعتبار التأصيل المقاصدي واعتباره، ومن أهم الضوابط مقاصد الأسرة المسلمة التي نصت عليها الشريعة الإسلامية، وكل ما ذكر من ضوابط يعتبر محترزات عامة، العمل بها يمنع الزيغ في فهم النص الشرعي واستنباط أحكامه وتنزيلها بما يوافق مراد الشارع، كما تبرز العودة إلى هذه الضوابط، التباين في المنطلقات من حيث المنهج والأغراض بين المنهج الأصولي والاتجاه الحداثي، فلابد من مواصلة البحث بهدف رصد أثره في واقع المجتمع المسلم من طرف الباحثين والمهتمين بقضايا الأسرة، وتضطلع الباحثة المسلمة بشكل خاص بهذا الدور، مما يدعو إلى العمل على تمكينها وتعزيز دورها من أجل الوقوف على إشكالات القضايا المعاصرة التي تواجه المجتمع المسلم.