الكيانُ الصهيونيُّ من الاقتراض إلى الانقراض

د.خديجة عنيشل/ انكشفت هذه الدولةُ المارقة التي أوهمت الناسَ في الغرب أنها دولةُ سلامٍ وحضارة. ألم يقل المستشرقُ الفرنسيُّ فرانسوا بورغا إن (إسرائيل) في وعي الغرب كانت تُصور كـ»الشعب الذي يزرع الصحراء ورودا»؟؟!! لطالما أوهمت دولةُ الكيان بفضلِ آلتها الدعائية الضخمة أنها «أرض اللبن والعسل» وبلاد الرفاه الوحيدة والتقدم التكنولوجي في المنطقة ولكنّ طوفان الأقصى …

أكتوبر 6, 2025 - 12:42
 0
الكيانُ الصهيونيُّ من الاقتراض إلى الانقراض

د.خديجة عنيشل/

انكشفت هذه الدولةُ المارقة التي أوهمت الناسَ في الغرب أنها دولةُ سلامٍ وحضارة. ألم يقل المستشرقُ الفرنسيُّ فرانسوا بورغا إن (إسرائيل) في وعي الغرب كانت تُصور كـ»الشعب الذي يزرع الصحراء ورودا»؟؟!! لطالما أوهمت دولةُ الكيان بفضلِ آلتها الدعائية الضخمة أنها «أرض اللبن والعسل» وبلاد الرفاه الوحيدة والتقدم التكنولوجي في المنطقة ولكنّ طوفان الأقصى فضحَ هذه الدعاية الكاذبة وكشفَ حقيقة هذا الكيان المجرم الذي يعتاشُ على الدماء وعلى القروض التي تمنحها له أمريكا. ولولا هذه المنابعُ الماليةُ الأمريكية التي تضخُّ الملياراتِ من الدولارات في خزينة الصهاينة لما كان لهذا الكيانِ الدّمويِّ صولة وللَفَظَ أنفاسَه وانتهى.
ووِفقَ المؤشرات الرسمية الأمريكية فإن دولةَ الصهاينة أكبرُ مُتلقٍّ للدعم الخارجي الأمريكي منذ الحرب العالمية الثانية إذْ وصلَ إجماليُّ المساعدات الأمريكية للكيان فيما بين عامي 1946 و2023 ما يقارب 158.6 مليار دولار، وهو مبلغٌ تقولُ «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» أنه أقلُّ بكثير من الرقم الحقيقي الذي يبلغ 260 مليار دولار في نفسِ الفترة. وتقول المصادرُ الاقتصاديةُ أن دولةَ الاحتلال اقترضت في سنة 2022 ما يقارب 17 مليار دولار. وحسبَ ما أوردت بياناتُ وزارة مالية الكيان الصهيوني بُعيدَ عملية طوفان الأقصى فإنه وخلال شهرين فقط من بداية الحرب في أكتوبر اقترضت دولةُ الاحتلال 22 مليار دولار. ومن حيث أرادت دولةُ الاحتلال القضاء على غزة ومحوها من الخريطة باستخدامٍ مجنونٍ للأسلحة والمتفجّرات اطّردَ معدّلُ اقتراضها وتضاعف إلى 43 مليار دولار في عام 2023. وفي شهر مارس2024 اقترضت 8 مليارات دولار دفعة واحدة من الداعمين الدوليين، وبلغت حزمةُ المساعدات الأميركية في شهر أفريل2024 قيمةَ 26.4 مليار دولار طلبتها حكومةُ الاحتلال وأقرها الكونغرس مباشرة ودون نقاش!!!
وبسبب الحرب على غزة صادقت حكومة الاحتلال الصهيوني على زيادة ميزانية هذه الحرب بما يقارب 8.5 مليار دولار حسب ما أوردتهُ صحيفة «ذي ماركر» الاقتصادية بتاريخ الثلاثاء 19 أوت 2025 وهذا الخرق في الميزانية للعام 2025 وقعَ قبله خرقٌ لميزانية 2024 ثلاث مرات ومرةً واحدة لميزانية 2023 غداة حرب أكتوبر. وكان متوسطُ الإنفاق الدفاعي مقارنةً بالناتج الإجمالي عالمياً يُقدَّرُ بـ 341 دولار أما في دولة الاحتلال وبسبب حرب الاستنزاف التي جرّت المقاومةُ الكيان إليها صارت 3000دولار!!! فضلاً على أن اقتصاد الكيان عن اني من انكماشٍ مستمر بسبب استمرار الحرب على قطاع غزة المُحاصَر، فالمقاومة صاحبةُ الأرض وهي تُحقق بصمودها نصراً استراتيجياً لا يفهمه القاعدون والمُخذِّلون دفعت بالاحتلال إلى الوقوع في فخ الاختلالات المالية والعيش في دائرة الحالات الطارئة التي تستنزفُهُ اقتصادياً حيث زاد الإنفاق خصوصاً الإنفاق الحربي وتوسّعَ الدَّينُ العام ووقع محظورُ العجز وصار ما يوصَفُ بالاستقرار الاقتصادي لدولةِ الاحتلال في خبر كان. ولولا دعمُ أمريكا لها لم تكن لتصمدَ أمام ضرباتِ المجاهدين الصابرين المتشبثين بحقهم في أرضهم؛ فخلال عامٍ واحد فقط منذ بداية الحرب أنفقت الولايات المتحدة رقما قياسيا لا يقل عن 17.9 مليار دولار على المساعدات العسكرية للكيان الصهيوني حسب ما نشرتهُ صحيفةُ «تايمز أوف إسرائيل» نقلا عن تقرير لمشروع تكاليف الحرب التابع لجامعة براون الأميركية.. يُقابلُ هذا المشهد المتدفِّق مالاً مشاهدُ مُعجزةٌ يسطّرها رجالُ المقاومة من تحت الأرض حيث يثخنون في العدوِّ الصهيوني بوسائلَ قتاليةٍ متواضعة ويُكبِّدونه خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وهم لا يتلقّون دعماً يُذكر وما يُقاتلون به من سلاح تصنعهُ أيديهم في الأنفاق حيث لا هواء ولا غذاء ولا مؤونة.
إننا نشهدُ اليوم بفضل شجاعة غزة وبفضل طوفانها المبارك وبفضل رجال المقاومة الصابرين الصامدين الذين يعضّون على أرضهم وشرفهم ودينهم بالنواجذ نشهدُ صحوةَ الضمير العالمي الذي انتصرَ على الدعاية الصهيونية وأظهرَ الرعاية المالية الأمريكية لدولة الاحتلال بمظهرِ الإفلاسِ والحقارة .. إذ لم يعد يُجدي المالُ الأمريكي القذر في تلميعِ صورة الصهاينة النازيين فالغشاوةُ التي كانت تغطي عينَ البشرية انقشعت. وعوضَ أن تنهزمَ المقاومةُ في غزة تحوّلَ العالَمُ إلى مقاومة جريئة تدعمُ القضيةَ الفلسطينيةَ وتقفُ ضد الإبادة الصهيونية للأبرياء في غزة. مُدُنُ أوروبا وأمريكا اللاتينية تنتفضُ ضد الكيان الصهيوني، والمظاهرات لا تتوقف والغضبُ العالميُّ يتزايد في كل قطاعات الحياة: السياسة والاقتصاد والدين والفكر والثقافة والفنّ والرياضة وقد قلتُها في مقالٍ سابق: بفضل المقاومة صارَ العالَمُ شجاعاً وهاهو الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو يقفُ في منبر الأممِ المتحدة يتهمُ بجرأةٍ مُدهشة دولةَ الاحتلال بالإبادة في غزة، ويدعو إلى إنشاء جيش دولي من أجل حماية الإنسانية وتحرير فلسطين. ثم يخرجُ من مبنى الأمم المتحدة إلى ميدان تايمز سكوير في نيويورك لينضمَّ إلى مظاهرةٍ تدعمُ الحقَّ الفلسطيني داعياً الجيشَ الأمريكي إلى العصيان وحبس ترامب!!! وتتلقّى الدولةُ المارقةُ المجرمةُ ضربةً قاسيةً أليمةً حين خرجت وفودُ عدّةِ دولٍ من قاعةِ الجمعية العامة للأمم المتحدة لحظةَ اعتلى النتن ياهو المنصّة ليقولَ خطابَهُ الذي لم يسمعه أحد وانسحبَ معظمُ من كان في القاعة تاركين النتن مشدوهاً مصدوماً بل وعُرضةً للسخريةِ من وسائل الإعلام الصهيونية نفسها فقد علّقت مراسلة القناة الـ13 على هذا المشهد الصادم المُخجل قائلةً: «عندما يغادرُ الدبلوماسيون الأجانبُ القاعةَ واحداً تلو الآخر فورَ بدء خطاب نتنياهو، فإنهم لا يبصقون في وجه نتنياهو، بل يبصقون في وجه (إسرائيل) لقد عُزلت دولةُ الكيان فعلا مثلما صرّحَ رئيس «معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» في جامعة تل أبيب اللواء احتياط تامير هايمان حين قال: «إن إسرائيل تقف أمام خطر عزلة دولية غير مسبوقة. .. وإن الساعة الرملية للشرعية الإسرائيلية فرغت تمامًا تقريبًا. وإسرائيل أمست اليوم في أقرب نقطة في تاريخها من عزلها دوليًا»
صحيحٌ إن مهرَ غزة كان غالياً جدا، وإن الدماء من أجل فلسطين حرة كانت أوديةً وأنهاراً نفيسة ولكنّهُ بفضلِ طوفانِ الأقصى المجيد يصحو ضميرُ العالَمِ اليوم ليُغيّرَ بوصلةَ التاريخ. ولقد أضحت الطريقُ واضحةً إلا لأعمى أو حاقد: لا مكان للصهيونية في غدِ البشريةِ النظيف الذي ستُشرقُ شمسُهُ يوماً قريبا بإذن الله. وسيتحققُ وعدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ، فيقتلُهم المسلمون، حتى يختبيءَ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ و الشجرِ، فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ : يا مسلمُ يا عبدَ اللهِ هذا يهوديٌّ خلفي، فتعالَ فاقْتلْه. إلا الغَرْقَدَ، فإنه من شجرِ اليهودِ» (صحيح)
ستنقرضُ دولةُ الكيان الصهيوني المجرم
﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾