بعد رد حركة حماس: فرصة للسلام أو صفقة ملغومة؟!
أ. عبد الحميد عبدوس/ ردت مساء الجمعة 3 أكتوبر الجاري، حركة حماس بشكل إيجابي، وبطريقة ذكية ومدروسة على خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للسلام في غزة، حيث أبدت موافقتها على «الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال أحياءً، وتسليم الجثامين وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح الرئيس ترامب، مع توفير الظروف الميدانية اللازمة لعملية التبادل».كما أوضحت أن …

أ. عبد الحميد عبدوس/
ردت مساء الجمعة 3 أكتوبر الجاري، حركة حماس بشكل إيجابي، وبطريقة ذكية ومدروسة على خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للسلام في غزة، حيث أبدت موافقتها على «الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال أحياءً، وتسليم الجثامين وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح الرئيس ترامب، مع توفير الظروف الميدانية اللازمة لعملية التبادل».كما أوضحت أن ردها جاء: «حرصاً على وقف العدوان وحرب الإبادة التي يتعرض لها أهلنا الصامدون في قطاع غزة، وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية، وحرصاً على ثوابت شعبنا وحقوقه ومصالحه العليا». رد حماس نال ـ على ما يبدو ـ رضا الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الذي قال: «بناء على البيان الصادر عن حماس، أعتقد أنهم مستعدون لسلام دائم. وعلى إسرائيل أن تتوقف عن قصف غزة فورا حتى نتمكن من إخراج الرهائن بأمان وبسرعة!».
يوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2025 كان قادة عرب ومسلمون قد اجتمعوا مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في نيويورك، على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد حوالي أسبوع أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم الاثنين 29 سبتمبر 2025، بحضور رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي المجرم، بنيامين نتنياهو، تفاصيل خطة للسلام، سميت «خطة ترمب» مكونة من 20بندا. وكشفت مواقع إعلامية أمريكية أن خطة السلام الخاصة بغزة، التي أعلنها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تضمنت تغييرات جوهرية طلبها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وزعم أن: «العالم أجمع، بما في ذلك العالم العربي والإسلامي، يضغط الآن على حماس لقبول الشروط التي وضعناها مع الرئيس ترامب».. رغم ذلك، أصدرت 8 دول عربية وإسلامية، (تركيا والأردن والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا وباكستان والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر). بيانا مشتركا رحّبت فيه بـ”الجهود الصادقة التي يبذلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة الفلسطيني. كما دعوا إلى: «ضرورة وضع تفاصيل خطة لتحقيق الاستقرار، مع ضمان استقرار الضفة الغربية والمقدسات في القدس».
رغم أن الدول العربية والإسلامية رحبت بخطة ترامب، إلا أنه بعد إعلان، ترامب، عليها تباينت مواقفها حول تقييم الخطة التي خضعت للتعديل الإسرائيلي، وإذا كانت كل من السعودية ودولة الإمارات قد أبدتا الرغبة ـ حسب مصادر إعلامية ـ في التطبيق الفوري لها، فإن دولا أخرى مثل باكستان وقطر ومصر وتركيا أبدت تحفظاتها على الصيغة المعلنة التي خضعت للتعديل الإسرائيلي. فقد صرح وزير الخارجية الباكستاني يوم الجمعة 3 أكتوبر الجاري أمام البرلمان الباكستاني، بأن: «النقاط العشرين التي أعلنها الرئيس ترامب ضمن خطته بشأن غزة هذا الأسبوع لا تتوافق مع المسودة التي اقترحتها مجموعة من الدول ذات الأغلبية المسلمة». وكان وزير خارجية مصر قد صرح: «إنّ خطة ترامب بشأن غزة ما تزال بحاجة إلى معالجة العديد من الثغرات قبل المضي في تنفيذها». رغم أنه حذر حركة حماس من رفض خطة ترامب لأن الرفض قد يقود إلى «وضع صعب للغاية وتصعيد خطير».
يوم الثلاثاء 30 سبتمبر المنصرم، أمهل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ،حركة حماس 3أو 4 أيام للرد على خطته، ثم حدد يوم الجمعة الماضي (3 أكتوبر 2025)، موعدا نهائيا لحركة حماس للرد على الخطة ينتهي في الساعة السادسة من مساء يوم الأحد 6 أكتوبر الجاري بتوقيت واشنطن. وهدد حماس بأنه «سيفتح أبواب الجحيم عليها في حالة رفض الخطة». قبل صدور البيان الختامي لحماس حول قبول أو رفض الخطة، عبرت الحركة عن رغبتها في تعديل بعض بنود خطة ترامب مثل نزع السلاح وإبعاد كوادر من حماس والفصائل. كما أكدت صعوبة عملية إطلاق سراح جميع المحتجزين الأحياء وتسليم جثث القتلى إلى الجانب الإسرائيلي خلال 72 ساعة، كما هو منصوص عليه في خطة الرئيس الأميركي. لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض، قالت يوم الخميس2 أكتوبر الجاري: «إن الرئيس، دونالد ترامب، سيضع خطا أحمر لأي رد من الحركة». مما جعل الأمر يبدو وكأن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يقدم خطته للسلام إلى إسرائيل في شكل مقترح قابل للنقاش والتعديل، بينما يقدم خطته لحركة حماس كإملاء فوقي، أو كأمر يتطلب التنفيذ والانصياع. خصوصا أن المجرم، بنيامين نتنياهو. أضاف على قيامه بإدخال تعديلات جوهرية على خطة السلام، تصريحا متبجحا قال فيه: «سنستعيد جميع رهائننا، أحياء وبصحة جيدة، بينما سيبقى الجيش الإسرائيلي في معظم أنحاء قطاع غزة… وقد أوضحنا وضوحاً تاماً أننا نعارض دولة فلسطينية بشدّة». في مقابل تقديم ترامب للمزيد من المرونة والامتيازات لدولة الاحتلال الإسرائيلي، فإنه يستسهل مخاطبة الطرف الآخر في المفاوضات، أي حركة حماس بقدر من الصرامة والغلظة والشدة، ولغة التهديد والوعيد وتحديد المهل، ويخيرها دون مواربة، بين قبول خطته المعدلة إسرائيليا، أو مواجهة عواقب وخيمة. هذا ما جعل الباحث السياسي الأمريكي، مات داس، يعتبر إعلان ترامب بأن إسرائيل ستحظى بالدعم الكامل من الولايات المتحدة لإنهاء المهمة في غزة إذا لم تُوافق على الخطة: «يُظهر استمرار الولايات المتحدة في دعم العمليات العسكرية والعنف ضد المدنيين الفلسطينيين». رغم أن خطة ترامب لا ترقى إلى ما تضمنته مبادرة السلام العربية التي اعتمدها العرب بالأغلبية في سنة 2002، والتي نصت على أنه في حالة قبول إسرائيل قيام دولة فلسطينية يعتبر: «النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة». فإن خطة ترامب لها حظوظ حقيقية لتنفذ على أرض الواقع. لعل هذا الموقف غير المتوقع للرئيس الأمريكي من التعامل مع حركة حماس أنتج وضعا جديدا بسبب ترحيب الرئيس الأمريكي برد حركة حماس وقلب الأوضاع رأسا على عقب، وجعل الكرة في ملعب إسرائيل التي تعودت على الاستفادة من الدعم غير المحدود لمطالبها من طرف الحليف الأمريكي، وفاجأ الكثير من المتبعين الذين لم يتوقعوا تعاملا إيجابيا للرئيس الأمريكي مع بيان حركة حماس ويبدو أن هذا التعامل سيفتح في مستقبل الأيام طريقا لتحقيق السلام وتحسين حظوظ الرئيس الأمريكي للحصول على جائزة نوبل للسلام، لأنه باتخاذه موقفا متوازنا بين أطراف الصراع يصبح القائد الأول الذي عمل لوقف حرب وحشية ومدمرة في العصر الحديث.