المخابر في باريس قاصرة عن فهم عجز فرنسا أمام الجزائر
لا يزال الفرنسيون يبحثون بكل السبل عما يعتبرونه “أسباب العجز أمام الجزائر” في القبضة الحديدية الراهنة، ومن أجل ذلك، يعمدون في كل مرة إلى استنطاق السياسيين والمؤرخين والمختصين في علم الاجتماع السياسي، على أمل الوصول إلى الوصفة التي تمكّنهم من استعادة النفوذ المفقود في مستعمرتهم السابقة، التي أصبحت تتعامل معهم بمنطق ندّي غير معهود. آخر […] The post المخابر في باريس قاصرة عن فهم عجز فرنسا أمام الجزائر appeared first on الشروق أونلاين.


لا يزال الفرنسيون يبحثون بكل السبل عما يعتبرونه “أسباب العجز أمام الجزائر” في القبضة الحديدية الراهنة، ومن أجل ذلك، يعمدون في كل مرة إلى استنطاق السياسيين والمؤرخين والمختصين في علم الاجتماع السياسي، على أمل الوصول إلى الوصفة التي تمكّنهم من استعادة النفوذ المفقود في مستعمرتهم السابقة، التي أصبحت تتعامل معهم بمنطق ندّي غير معهود.
آخر المستنطقين في هذا السياق، كان عالم الاجتماع الفرنسي المعروف، جيل كيبل، الذي نزل ضيفا على منصة “لوفيغارو مباشر”، ليجيب عن السؤال المحوري التالي: “لماذا هي فرنسا عاجزة عن مواجهة الجزائر؟”، وهو السؤال الذي أصبح مطروحا بقوة منذ أزيد من عشرة أشهر، التي تشكّل عمر الأزمة المتفاقمة وغير المسبوقة بين البلدين.
جيل كيبيل، الذي يعمل أستاذا في معهد الدراسات السياسية في باريس، ويشغل أيضا كرسي الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط في جامعة باريس للعلوم والآداب، ربط ما يحدث بين ضفتي البحر المتوسط في الأشهر الأخيرة، ببعض المتغيرات التي تراكمت منذ حصول الجزائر على استقلالها في بداية ستينيات القرن الماضي.
وبرأي عالم الاجتماع الفرنسي، فإن العامل الأول الذي زاد من قوة وتصلّب الموقف الجزائري، هو تمتع هذا البلد، يقول كيبل، بالاستقلال الاقتصادي المتأتي من الثروات والموارد الكبيرة التي تتمتع بها الجزائر، وعلى رأسها الثروة النفطية والغازية، التي وفّرت موارد مالية مكّنت الدولة الجزائرية من القضاء على التبعية للخارج في مجال التمويل وإقامة ما تحتاجه الدولة من بنى تحتية ضرورية.
أما البعد الثاني، فيتمثل في الجالية الجزائرية التي تعد بالملايين في المستعمرة السابقة، وهي ورقة تلعب لصالح الجزائر في أي صراع بين البلدين، كما أن تنوّع هذه الجالية وتغلغلها في مختلف أبعاد النشاط بالمجتمع الفرنسي، يجعلها نافذة في التأثير، وأشار هنا إلى وصول ابن مهاجر من أصل جزائري إلى الحكومة، حيث تقلّد حقيبتي الداخلية والعدل (حاليا)، في إشارة إلى جيرالد موسى دارمانان، فضلا عن وجود رجال أعمال ومثقفين من أصول جزائرية نافذين أيضا في المجتمع الفرنسي.
كما يعتقد الأستاذ في مركز “أفكار لندن” للدبلوماسية والإستراتيجية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، أن ما يعتبرها “السياسة العدائية الجزائرية تجاه فرنسا قد يكون لها تأثير سلبي على قسط من الشعب الفرنسي”، وهو يشير هنا إلى أبناء الجالية الجزائرية الذين قد ينساقون بالطبع وراء مصالح بلادهم، وفق نظرته، وهو أمر طبيعي يمكن أن يحدث في أي بلد يأوي جالية أجنبية كبيرة.
وبشيء من الدقة، يشير جيل كيبل إلى الاضطرابات والأحداث التي تعرضت لها بعض السجون الفرنسية، والاستهدافات التي طالت بعض الأعوان العاملين بمصالح السجون، في الأسابيع السابقة، عندما كان التوتر بين البلدين في مستوياته الأعلى، وقد حاول ربط ذلك بالقبضة الحديدية التي تبنتها الحكومة الفرنسية تجاه الجزائر وجاليتها.
ولم يخف عالم الاجتماع الفرنسي مخاوفه من الضغط الذي تسلّطه عادة بعض اللوبيات (جماعات الضغط) المحسوبة على الجزائر في فرنسا.
ويبقى الفرنسيون حائرين في التعاطي مع الجزائر في ظل الأزمة الراهنة، والتي أربكت تداعياتها صانع القرار في باريس، بحيث لا يزال، بعد نحو سنة من الأزمة المتفاقمة، عاجزا عن الخروج من هذا المستنقع الذي وقع فيه، منذ أن قرّر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الانحياز الفاضح لصالح النظام المغربي في قضية الصحراء الغربية، رغم إدراكه بخطورة ذلك الموقف على المصالح الفرنسية في الجزائر.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post المخابر في باريس قاصرة عن فهم عجز فرنسا أمام الجزائر appeared first on الشروق أونلاين.