دروس الدعم وكيف أحدثوها أهي منهجية أبدعوها أم ضرورة أضافوها ؟
أ. محمد مكركب أبران نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/ إلى متى غياب التنظيم المجتمعي الحكيم، الذي يضع الأشياء في أماكنها، ويرتب المهام والخدمات المجتمعية في أبوابها، بتقنيات قانونية مضبوطة ومحددة، ليتماشى نظام الخدمات بالحجم والمقدار في الزمان والمكان، بما يضمن الضروريات والحاجيات ؟ إلى متى وشوكة الغزو الفكري، التي لا يشعر بوخزها وخزيها الكثيرون …

أ. محمد مكركب أبران نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/
إلى متى غياب التنظيم المجتمعي الحكيم، الذي يضع الأشياء في أماكنها، ويرتب المهام والخدمات المجتمعية في أبوابها، بتقنيات قانونية مضبوطة ومحددة، ليتماشى نظام الخدمات بالحجم والمقدار في الزمان والمكان، بما يضمن الضروريات والحاجيات ؟ إلى متى وشوكة الغزو الفكري، التي لا يشعر بوخزها وخزيها الكثيرون من الرتابيين التقليديين، لا تزال تشتد على المنظومة التربوية التعليمية، بتكريس التقليد والارتجال؟ من يوم الوقوف في طريق لغة الوحي والعلم والحضارة، إلى يوم توقيف المنهجية الحضارية للمدرسة الأساسية التي كانت الأمل الحضاري في المدرسة الجزائرية؟ إلى أن بلغت هجمات الغزو الفكري على العالم العربي، لأن تُحْدِثَ خللا في المناهج التربوية التعليمية، وبدعةُ دروسِ الدعم مثالٌ للخلل الناتج عن الغزو الفكري.فكيف أن التلميذ ينتمي لمؤسسة تعليمية، كمتوسطة، أو ثانوية، ثم هو لايجد كل ما يمكنه من الدراسة والبحث والتعلم في مؤسسته التي ينتمي إليها، ولا يكفية الوقت المقرر في مؤسسته، حتى يبحث عن مكان آخر؟، ولا يجد حجرة يتم فيها دراسته، فيذهب هو وأولياؤه للبحث عن دروس الدعم في أماكن أخرى، وسؤالنا الإشكالي أهو الخلل في الأسرة والطالب نفسه، يعني هل هذا الخلل من مسؤولية الوالدين؟، أم الخلل في المؤسسة التربوية، أم في المنظومة التربوية ككل؟ أهو عجز وتقصير، أم قلة تدبير؟ فقد صارت دروس الدعم هاجسا نفسيا، ومصدر إرهاق وقلق للطالب، وأولياء الطالب، وهو البحث عن: (السويعة) التي صارت (ساعة) ثم صارت (ساعات) إنها: قضية دروس الدعم فكيف أحدثوها؟ وكيف قَبِلُوها ورضوا بها؟ أهي ضرورة تربوية محدثة لا نعلمها؟ أم أن النظام التعليمي يفرض ذلك؟ أم أين السر؟ أعَجَزَتْ مرافقُ التربية والتعليم عن دورها؟ أم أن حجرات الدراسة غير كافية؟ كيف يقال عن تلاميذ: إنهم يدرسون في مؤسسة تعليمية، ثم يكملون دراستهم في أماكن أخرى لينجحوا؟ إذا كان التوقيت الرسمي لمؤسسات التعليم لا يكفي لتدريس المضامين الدراسية للمنهاج، لماذا لا يزيدون للوقت الدراسي في المؤسسة نفسها؟ بمعنى لماذا لا يقرأ التلميذ دروس الدعم في مؤسسته ـ إذا كانت دروس الدعم هذه تدخل في جوهر العملية التربوية؟ والحقيقة غير ذلك تماما ـ فهناك أسئلة عن كثير من أنواع الخلل لايجد السائل عنها جوابا، ولا استجابة منطقية. نعم، إن هذا الخلل ربما هو موجود في بلدان أخرى، أعني بالخلل. دروس الدعم، أو السويعة، التي ما أنزل الله بها من سلطان، في عصر التخصصات، وتقسيم العمل، أو يسمونها دروس الاستدراك! كيف يستدرك التلميذ ما فاته في مؤسسته، يستدركه في مؤسسة أخرى، وحتى ولو في بيته؟ ألا يجب علينا أن نسأل من أجل الدراسة والبحث والإصلاح والعلاج. ما الذي يريده التلاميذ من دروس الدعم أو الاستدراك أو السويعة، الذي لا يجدونه في مؤسساتهم؟؟ أليس يمكن أن يوجد في مؤسساتهم الرسمية؟؟ نعم يمكن، المؤسسات التربوية الابتدائية والإكمالية والثانوية كاملة المرافق والتجهيزات، وفيها العدد الكافي من المعلمين المخلصين، والمسيرين الساهرين على مصالح التلاميذ، فكيف يحتاج التلميذ إلى البحث عن مكان آخر، وقد لا يكون المكان الآخر كامل التجهيز، ولا كامل الضروريات التربوية. ثم وهذا هو جوهر الإشكال، أليس الأصل أن المؤسسة التربوية التعليمية أسست للقيام بالعملية التربوية التعليمية من الألف إلى الياء؟ أليست المؤسسة التربوية التعليمية وجدت ليجد التلميذ فيها كل ما يحتاجه للتعلم وفق المنهاج التربوية الرسمي؟ وعليه فمن باب النقد الواجب، وإبداء الرأي الصائب، ومن باب النصيحة، عملا بالتوجيه النبوي: [الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم] (مسلم:95/55) أولا: المعلم الأستاذ: حيث المدرسة أو الإكمالية أو الثانوية تعتبر البستان المعرفي للطالب، أو البيئة الأكاديمية العلمية لكل منتسب لها، هذا البستان المعرفي الأصلي، يجب أن يشتمل على كل ما يحتاجه طالب العلم في المؤسسة نفسها، على يد المعلم البيداغوجي الحكيم، الذي يعلم كل التلاميذ التربية التي هي القيم والأخلاق، ويعلمهم العلم والذي هو الفهم والحكمة، والمعلم هو الأستاذ المخلص، الذي مهامه تربية من يحتاج التربية، وتعليم من ليس له علم، وليقدم من هو متخلف، وليُنَجِّبَ من هو غير نجيب، إِذِ الأستاذُ العالم المعلم، هو الأب الروحي لكل التلاميذ، ومهنة التعليم تزويد وإعداد وتقديم وتقويم وليس فقط التقييم. ثانيا: المدير الخبير: فالمؤسسة التعليمية في مفهوم البستان المعرفي، وفي نظام الأكاديمية التربوية العلمية منذ نشوء المجتمعات البشرية، يشرف على تسيرها مدير مخلص ناظر رحيم، وعبقري واع حكيم، ويعتبر كل تلميذ كولده في الرعاية، يسهر على تسيير المؤسسة التعليمية بالإعداد والبرمجة وإمداد الأساتذة بالخبرة المتواصلة، ومن أهدافه: الحرص على إمداد كل التلاميذ بما يجب من التربية والعلم. ودور المدير التربوي التعليمي في مؤسسات التربية والتعليم، أربعة أبواب:1 ـ باب البحث المستمر عن الطرائق والأساليب الناجعة لتيسير العملية التعليمة للمتعلمين. 2 ـ متابعة الحالات والظروف الخاصة لكل تلميذ ليمكن الأساتذة من حكمة التعامل مع التلاميذ، خصوصا ما يتعلق بالملكات العقلية والسلوك الخاص. 3 ـ متابعة تقييم وتقويم سيرورة تطبيق المنهاج. 4 ـ توفير الوسائل ومنها: الكتب ومنها: المضامين المقررة. أو إرشاد المتعلمين إلى سبل الحصول عليها.5 ـ وأن لا يترك التلاميذ يحتاجون إلى غير مؤسستهم في ما يلزمهم من التعلم. ثالثا: البرنامج الدراسي الشامل: من المفروض في النظام المدرسي الحضاري العصري، أن تقوم وزارة التربية والتعليم بتأليف وطبع المنهاج التعليمي لكل سنة من السنوات الدراسية، ويسلم لكل تلميذ عند الدخول المدرسي. على أن يشتمل هذا المنهاج على برنامج كل المواد ومرتبة بكل المضامين، وكل الدروس على الإطلاق، وعلى أساس ذلك المنهاج فقط يحاسب المتعلمون في الاختبارات والامتحانات. رابعا: أن يكون التعليم في مؤسسة التعليم: عندما يسجل التلميذ في مدرسة، أو إكمالية، يقتضي المنطق أنه يجد فيها المقعد الدراسي الذي يتعلم فيه كل ما يجب أن يتعلمه. وأن يكون توقيت التعليم لكل تلاميذ الابتدائي والإكمالي والثانوي، مضبوط بتوقيت كامل وكاف لحاجات التمدرس كله. وبحيث يكون لكل فوج تربوي حجرته التي يدرس فيها. وعلى قَدْر أهل العزم تأتي العزائم … وتأتي على قَدْر الكرام المَكارمُ. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ وفي الحديث. [كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ].