تشييع جنازة الأديب والناقد والمربي الدكتور محمد صالح ناصر -رحمه الله-

بن دريسو مصطفى بن محمد بن صالح/ شيَّعت بلدة القرارة، ولاية غرداية، الجمعة 28 صفر 1447ه/ 22 أوت 2025م جنازة المرحوم: د. محمد بن صالح ناصر، أحد رموز الثقافة الجزائرية المعاصرة، وأحد أبرز أدبائها المتميزين، وكتابها اللامعين في الدراسات النقدية الجزائرية، وأحد مفاخر فحول الشعراء، فغادرنا رحمه الله تعالى بعد حياة جهـاد في العلم والأدب …

أغسطس 26, 2025 - 16:10
 0
تشييع جنازة الأديب والناقد والمربي الدكتور محمد صالح ناصر -رحمه الله-

بن دريسو مصطفى بن محمد بن صالح/

شيَّعت بلدة القرارة، ولاية غرداية، الجمعة 28 صفر 1447ه/ 22 أوت 2025م جنازة المرحوم: د. محمد بن صالح ناصر، أحد رموز الثقافة الجزائرية المعاصرة، وأحد أبرز أدبائها المتميزين، وكتابها اللامعين في الدراسات النقدية الجزائرية، وأحد مفاخر فحول الشعراء، فغادرنا رحمه الله تعالى بعد حياة جهـاد في العلم والأدب والبحث العلمي، ومعايشة لتفسير كلام الله العزيز في المنابر، فترك للأمة الإسلامية أزيد من مائتين عمل علمي راق.
بدأ رحمه الله مشواره العلمي (ليسانس) بدراسته في القاهرة، أتبعها ببحث في الدراسات المعمقة، ثم أطروحة للدكتوراه بجامعة الجزائر أعلت من شأن شعراء الجزائر في الآفاق، بعد أن كاد يعد الجزائريون عند المشارقة شبه فرنسيين، فناقش بحثه الموسوم: «شعر الجزائري الحديث: اتجاهاته، وخصائصه الفنية ما بين 1925 و1975، ومنح الدكتوراه بملاحظة «مشرف جدا» وتهنئة اللجنة والتوصية بالطبع، كما استقبل الإعلام الحدث بالاهتمام احتفاء ونقدا.
من ذلك الحدث، والدكتور محمد ناصر، يثري المكتبة الإسلامية بمؤلفات وندوات ومحاضرات وحورات شملت: الأدب الجزائري، السير والأعلام، الفكر الإباضي، الدراسات القرآنية، الكتب المدرسية، الشعر، أدب الأطفال، الأدب الإسلامي، تاريخ الصحف العربية الجزائرية، قضايا راهنة. وتحصل جراء جهوده الميدانية على عدة تكريمات، منها:
– شهادة تقدير من رئاسة الجمهورية بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاستقلال الجزائر، 05 جويلية 1987م.
– تكريم من جمعية التراث ومسجد المنار بالحميز، العاصمة في 20 ماي 2004م.
– شهادة تقدير في (أدب الطفل)، من جمعية الطفولة السعيدة بالعطف، غرداية، في 26 مارس 2008م.
وسام العالم الجزائري، معهد المناهج بالعاصمة؛ في طبعته الثانية، جوان 2008.
تكريم جمعية ابن باديس، قسنطينة، 2016.
تكريم النادي الأدبي العماني من نزوى، الجزائر، 2017.
تكريم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين رفقة الشيخ محمد الهادي الحسني في: 26 جويلية 2017.
تكريم جامعة غرداية في ملتقى د. محمد ناصر للأدب والنقد، غرداية والقرارة، أكتوبر 2018.
ويعود فضل تألقه رحمه الله تعالى إلى تكوينه العالي في معهد الحياة القرارة (ولد 06 نوفمبر 1938م)، حيث تلقى مبادئ العلوم من لغة وفقه ودين على يد شيوخ وعلماء بارزين في الحركة الإصلاحية، ثم صار أستاذا بمعهد اللغة والأدب العربي، جامعة الجزائر، ورئيس مجلسه العلمي، ودرَّس بمعهد العلوم الشرعية، سلطنة عمان، وكلية المنار للدراسات الإسلامية، الجزائر، وكان عضوا في اتحاد الكُتّاب الجزائريين، ومؤسسا لجمعية التراث بالقرارة وراعيها والمشرف العام على منجزاتها، وعضوا في هيئة العزابة بالقرارة.
ابتلي الدكتور في منتصف عمره بمرض القصور الكلوي، فصبر على أذاه وشدته، واستمر مع الحياة في كفاح مرير، فلم يتوان عن المسؤوليات والتأليف، وشرع في إلقاء دروس في مسجد المنار بالحميز، منها: «مع كتاب رب العالمين» من 2004 إلى 2009، و»القصص الحق» في 20 حلقة.
فتح صالونه في بيته العامر بالأبيار والمليء بالكتب والوثائق في أوجه الطلبة والباحثين، -وحظيت بأمسيات شعر في المقارنة بين سينية البحتري وشوقي- فنهلوا من حكمته الفياضه، وأدبه البليغ.
ترك مؤلفات كثيرة، منها:
– في الأدب والنقد: 09 كتب.
– في السير والأعلام: 16 مؤلفا، مثل: أبو اليقظان وجهاد الكلمة، مفدي زكرياء شاعر النضال والثورة، الإمام عبد الحميد بن باديس، الشيخ إبراهيم اطفيش في جهاده الإسلامي، الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، أمير البيان.
– في تحقيق التراث: 04 تحقيقات.
– في الدراسات الفكرية والحضارية: 22 دراسة. مثل: حلقة العزابة ودورها في بناء المجتمع المسجدي، في رحاب القرآن (الشيخ إبراهيم بيُّوض)، تأملات في القرآن الكريم، معجم أعلام الإباضية بالمشرق.
– في القصائد والدواوين الشعرية: 08 دواوين شعرية، بما يعادل نحو 237 قصيدة، وملحمة حول الجزائر.
– في الترجمة من الفرنسية إلى العربية: 04 أبحاث.
– في أدب الأطفال: 71 قصة.
– في البحوث والمقالات المنشورة في المجلات المحكَّمة والجرائد: نحو 90 عنوانا.
– في تقديم الكتب: 25 تقديما.
– في الحوار الصحفي والإذاعي: 60 حوارا.
– في الأمسيات الشعرية: أقام 18 أمسية.
ليبلغ بذلك الإنتاج المعرفي للدكتور محمد ناصر رحمه الله تعالى حوالي: 241 عملا علميا؛ بين ما هو منشور، وبين ما هو مخطوط ينتظر أيدي المحققين والناشرين.
ونظير الإنتاج الغزير الذي حباه الله به، فقد تولى أعماله العلمية بالدراسة والنقد جمع من الأساتذة والباحثين، يصل مجموع أبحاثهم حوالي: 60 عرضا، و21 دراسة أكاديمية، فضلا عن عدد من المناقشات العلمية في أروقة الجامعة (حوالي 20 بحثا).
وللدكتور رحمه الله نشاط مسجدي بدأه بعد مرضه وعودته من سلطنة عمان، فألقى دروس توعوية ومواعظ إيمانية أخلاقية في المساجد، على رأسها مسجد المنار بالحميز، العاصمة.
وحضر جنازته مشيعون خاشعون كثر بالمسجد الكبير بالقرارة، فألقيت كلمات تأبينية من رؤساء هيئات وجمعيات وشخصيات إدارية منافحين عن نضاله الكبير، وقدمت تعازي من بعض المسؤولين في الدولة الجزائرية (وزير الثقافة)، وسلطنة عمان (وزير الأوقاف والشؤون الدينية)، وليبيا، وتونس، ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
فرحمك الله يا أديب الجزائر، وشاعرها الفذ، وقائد الباحثين، وشيخ الوعاظ، وقدوة الشباب، ومربي الأجيال، وأسكنك فسيج جناته، وغفر لك ذنبك، وأفرغ على أهلك وولدك وأهل القرارة ومزاب وغرداية والجزائر، والأمة الإسلامية صبرا جميلا.