المقاولاتية لعبت دورًا مهمًا في تفعيل سوق العمل الجزائري
أكد الخبير في ريادة الأعمال الدكتور رضوان عباسي في حوار خاص مع يومية “الوسط”، بأن المقاولاتية تعد ركيزة إستراتيجية لتجسيد الاقتصاد المبني على المعرفة والابتكار، بحيث أنها لعبت دورًا مهمًا في تفعيل سوق العمل الجزائري ، كما أنها بمثابة المحرك الداخلي للنظام البيئي أيضا، مشيرا الباحث في المناجمنت إلى أن المؤسسات الناشئة تعد من العوامل …

أكد الخبير في ريادة الأعمال الدكتور رضوان عباسي في حوار خاص مع يومية “الوسط”، بأن المقاولاتية تعد ركيزة إستراتيجية لتجسيد الاقتصاد المبني على المعرفة والابتكار، بحيث أنها لعبت دورًا مهمًا في تفعيل سوق العمل الجزائري ، كما أنها بمثابة المحرك الداخلي للنظام البيئي أيضا، مشيرا الباحث في المناجمنت إلى أن المؤسسات الناشئة تعد من العوامل الرئيسية في تحفيز التنمية المحلية في الجزائر، ودعا ذات المتحدث إلى ضرورة تعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة، سواء كانت حكومية أو خاصة، فهي ستساهم في تعزيز روح المقاولاتية في الجزائر،أين حث الأكاديمي عباسي، بوجوب تبني إستراتيجية تكاملية لحاضنات الأعمال والتكنوبول لتكون فعالة، مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات السوق والتوجهات العالمية.
بداية،إلى أي مدى ساهمت المقاولاتية في تحقيق التنمية الاقتصادية وريادة الأعمال؟
المقاولاتية تحولت في الجزائر من مجرد خيار بديل للتشغيل إلى أداة فعالة في دعم التنمية الاقتصادية، خصوصًا في السنوات الأخيرة مع توجيه السياسات العمومية نحو اقتصاد متنوع وغير ريعي. لاحظنا مثلاً أن البرامج الجديدة، مثل القرار 1275 المتعلق بمذكرات التخرج كمشاريع مؤسسة اقتصادية، بدأت تؤسس لنقلة ثقافية في الجامعات، تربط التكوين الأكاديمي بالتحول نحو السوق.وإذا أخذنا في الاعتبار ما تم إطلاقه من منصات رقمية، وتمويلات موجهة، ومرافقة عبر فواعل جديدة (مثل الحاضنات والمسرّعات)، فالمقاولاتية باتت ركيزة إستراتيجية لتجسيد الاقتصاد المبني على المعرفة والابتكار. طبعا، الأثر ما زال يتفاوت من قطاع إلى آخر، لكن توجد مؤشرات مشجعة، خصوصًا في القطاعات الناشئة مثل التكنولوجيا الفلاحية، الخدمات الذكية، واقتصاد التعليم.
ما هو دور المؤسسات الناشئة في تفعيل التنمية المحلية؟
المؤسسات الناشئة تعد من العوامل الرئيسية في تحفيز التنمية المحلية في الجزائر، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في الفرص الاقتصادية. هذه المؤسسات ليست فقط محركًا للنمو الاقتصادي ولكنها أيضًا تساهم في تحسين بيئة الأعمال المحلية. من خلال الابتكار وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، يمكن للمؤسسات الناشئة تحسين الخدمات المحلية وتعزيز الإنتاجية في مختلف القطاعات مثل الزراعة، الصناعة، والخدمات.وأبرز مثال على ذلك هو النمو الذي شهدته بعض المشاريع الناشئة في مجال الفلاحة الذكية التي ساعدت المزارعين المحليين على استخدام التقنيات الحديثة لتحسين جودة الإنتاج وتخفيض التكاليف. هذا النوع من المشاريع يساهم بشكل مباشر في تحسين الاقتصاد المحلي ويخلق فرص عمل جديدة للشباب في المناطق النائية، حيث تلعب هذه المشاريع دورًا كبيرًا في توفير الحلول المستدامة.
ما هي السبل المثالية لتعزيز الإطار التشاركي والتكاملي لتحقيق الغايات المنشودة للمقاولاتية؟
تعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة، سواء كانت حكومية أو خاصة، يعد من أهم العوامل التي تساهم في تعزيز روح المقاولاتية في الجزائر، يظهر بوضوح ضرورة تكامل دور الجامعات، مؤسسات التمويل، الحاضنات، والشركات الخاصة لتحقيق بيئة أعمال صحية وفاعلة. أول خطوة في هذا الاتجاه هي تفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى تسهيل التواصل بين الجامعات والشركات الناشئة.كما أن منصات التفكير التشاركي مع الجالية الجزائرية في الخارج تمثل نموذجًا مثاليًا للتكامل بين الأفكار المحلية والعالمية، حيث تم تبادل الخبرات واستقطاب الاستثمارات. من خلال هذه الجهود، تخلق الدولة بيئة تسمح للمشاريع الناشئة بالنمو وتوسيع نطاقها داخل وخارج الجزائر.
هل تمكنت المقاولاتية من إنعاش سوق الشغل في الجزائر؟
المقاولاتية لعبت دورًا مهمًا في تفعيل سوق العمل الجزائري، خاصة في الفترة الأخيرة التي تميزت بزيادة الطلب على فرص العمل البديلة. المشاريع الناشئة وفرت العديد من الفرص للشباب، ليس فقط عبر توفير وظائف مباشرة ولكن أيضًا من خلال تحفيز روح المبادرة. على سبيل المثال، العديد من الشباب الذين كانوا يواجهون صعوبة في إيجاد وظائف تقليدية بدأوا في بناء مشاريع صغيرة توفر لهم دخلاً ثابتًا وتساعد في تحريك العجلة الاقتصادية على مستوى محلي. وعليه فالنظرة الواقعية على الأرقام تؤكد أن النمو في عدد المؤسسات الناشئة مع البرامج الموجهة للشباب قد أوجد فرص عمل جديدة في قطاعات مثل التكنولوجيا الرقمية، التجارة الإلكترونية، والخدمات المبتكرة.
كيف تؤثر المقاولاتية في النظام البيئي ؟،وماهي العلاقة التي تجمع بينهما؟
المقاولاتية لا تعمل في فراغ، بل هي جزء ديناميكي وفاعل ضمن النظام البيئي الاقتصادي والاجتماعي، وتؤثر فيه بقدر ما تتأثر به. النظام البيئي للمقاولاتية يشمل مختلف الفاعلين: الدولة، الجامعات، مراكز البحث، المؤسسات المالية، الحاضنات، القطاع الخاص، وكذا البيئة التشريعية والثقافية. وعندما يكون هذا النظام متكاملًا ومرنًا، تصبح المقاولاتية قوة دافعة قادرة على خلق القيمة المضافة، وتحقيق الابتكار، وتحريك عجلة التنمية.
كما أن العلاقة بين المقاولاتية والنظام البيئي هي علاقة تفاعلية. فكلما توفرت بيئة حاضنة ومحفزة، تتضاعف فرص إطلاق مشاريع ناجحة، والعكس صحيح. على سبيل المثال، توفر بنية تحتية رقمية قوية، وتسهيل الإجراءات الإدارية، وتمكين النفاذ إلى التمويل، كلها عوامل تعزز من بروز المقاولين الشباب، مما يخلق ديناميكية جديدة في السوق.
وقد رأينا من خلال مبادرات مثل المنصة الرقمية لمشروع “الجزائر في قلب الساحل”، كيف يمكن للنظام البيئي الذكي أن يحتضن الأفكار ويحيلها إلى مشاريع حقيقية. كما ساعدت مجموعات التفكير الافتراضية التي تربط الجالية الجزائرية بالخارج بمحيط الأعمال الوطني، في نقل الخبرات وبناء روابط قيمة بين المقاولاتيين الشباب وشبكات الدعم الدولي.وبالتالي، يمكن القول إن المقاولاتية هي بمثابة المحرك الداخلي للنظام البيئي، في حين أن هذا الأخير هو البنية التحتية التي تُحدد إلى حد كبير مدى انطلاق هذا المحرك. العلاقة بينهما تشبه علاقة الجذر بالشجرة: لا نمو دون جذور قوية، ولا حيوية في النظام البيئي دون روح مقاولاتية فاعلة.
ما هي الرؤية الإستراتيجية التي لابد أن ترتكز عليها حاضنات الأعمال والتكنوبول داخل الجامعات الجزائرية لتكون لها فعالية عملية؟
لتكون حاضنات الأعمال والتكنوبول فعالة، يجب أن تتبنى إستراتيجية تكاملية تأخذ في الاعتبار متطلبات السوق والتوجهات العالمية، وعلى هذا الأساس فمن الضروري أن تستند هذه الاستراتيجيات إلى تحليل دقيق لاحتياجات السوق المحلية والعالمية، مع التركيز على الابتكار، التكنولوجيا، والتعليم المستمر.علاوة على ذلك، يجب تعزيز الشراكات بين الجامعات والقطاع الخاص، بما يضمن توجيه الأفكار إلى مشاريع قابلة للتنفيذ من خلال توفير موجهين متخصصين في المجالات القانونية والتجارية. حاضنات الأعمال داخل الجامعات الجزائرية يجب أن تركز أيضًا على تأهيل الشباب وتزويدهم بالمهارات الضرورية للنجاح في بيئة الأعمال التنافسية.كما أنه لا بد من تشجيع التوسع الدولي للمؤسسات الناشئة الجزائرية،عبر تسهيل الوصول للأسواق الإفريقية والأوروبية، وتقديم الدعم اللازم لتوسيع نطاق عمل هذه المشاريع.
حاوره : حكيم مالك