بواقع مليوني سنتيم.. أسعار المواشي تتراجع في “بورصة” الشريعة
سجّل سوق مدينة الشريعة بولاية تبسة، تراجعا ملحوظا في أسعار الماشية، لاسيما الخرفان التي قدّر متابعون تراجعها بواقع مليوني سنتيم للرأس، قياسا بالفترة ذاتها من العام الماضي. ويعتبر سوق الشريعة، إلى جانب أسواق الجلفة، من أشهر أسواق الماشية منذ عقود قديمة ليس محليا وإنما وطنيا ومغاربيا، تميّزه خرفانها التي كانت في ثمانينيات القرن الماضي تهرّب […] The post بواقع مليوني سنتيم.. أسعار المواشي تتراجع في “بورصة” الشريعة appeared first on الشروق أونلاين.


سجّل سوق مدينة الشريعة بولاية تبسة، تراجعا ملحوظا في أسعار الماشية، لاسيما الخرفان التي قدّر متابعون تراجعها بواقع مليوني سنتيم للرأس، قياسا بالفترة ذاتها من العام الماضي.
ويعتبر سوق الشريعة، إلى جانب أسواق الجلفة، من أشهر أسواق الماشية منذ عقود قديمة ليس محليا وإنما وطنيا ومغاربيا، تميّزه خرفانها التي كانت في ثمانينيات القرن الماضي تهرّب إلى إيطاليا عبر تونس، وتأبى مطاعم روما ونابولي وميلانو سوى أن تسجل اسم “الشريعة” في مطاعمها، حتى قيل بأن لحوم الشريعة من بين الأجود في العالم، بسبب الكلأ الطيب والعلف الطبيعي الذي تستهلكه الماشية بعيدا عن الأدوية المسمنة.
“الشروق” تنقلت، صباح السبت، إلى سوق الشريعة على بعد خمسين كيلومترا عن عاصمة الولاية، بعد فتحه منذ أسبوعين، وأول ما لاحظناه هو الكمّ الكبير من الماشية، على غرار ما يحدث في مواسم سابقة، حيث حضر، كالعادة، عشرات الموالين من جنوب الولاية ومن وادي سوف وأم البواقي والجلفة على وجه الخصوص، وتركوا أغنامهم تستعرض أمام زبائن اتضح مع مرور الوقت بأن أغلبهم من الفضوليين.
يقول الحاج راشدي، القادم من بئر العاتر وهو من أهم الموالين بالمنطقة لـ”الشروق اليومي” مبتسما: “أظن أننا سنبيع أقل كمية وبأسعار أقل هذا الموسم، والأمر لا يحرجنا، لأن الجزائريين يأكلون اللحم باستمرار ونحن على مشارف فصل الصيف فصل المشاوي والأعراس”.
ويتدخل رفيق دربه الشيخ الهاني: “أظن أن الجزائريين على قناعة بأن سبب غلاء الأضاحي في الجزائر، خاصة خلال الموسم الماضي، المتسبّب فيه هم السماسرة الذين يشترون الخرفان بداية من شهر رمضان، ثم يتنقلون بها مسافات طويلة جدا وقد تنفق بعضها مع الظروف الجوية الربيعية من أمطار وسيول وتهاطل للبرد”.
“الشروق” وجدت صعوبة في الحديث مع السماسرة الذين كانوا يكتفون بالسؤال عن السعر، ثم يتراجعون لأن ما يقدّم لهم من 8 ملايين و9 ملايين، يجعلهم في حيرة من أمرهم، أما سماسرة شهر رمضان، فإنهم في مشكل عويص، فمنهم من اشترى الخرفان في نهاية الشهر الفضيل، كما جرت العادة، لمعاودة بيعها في ولايات ساحلية وأخرى بعيدة بأسعار مرتفعة، ظنّا منهم بأن سيناريو الموسم الماضي سيتكرر، ولكن مع وصول الخرفان القادمة من رومانيا وإسبانيا وضبط السلطات لأسعارها، تلقوا ضربة موجعة لأول مرة.
خسائر فادحة للمضاربين
موال من تبسة قال بأنه باع ستين خروفا لأحد الوسطاء في قلب شهر رمضان بسعر جملة بلغ 7 ملايين سنتيم، وقد عاد إليه السمسار مؤخرا ليعرض عليه خرفانه وبثمن يصل إلى ستة ملايين ونصف مليون سنتيم، أي أنه مستعد لخسارة تزيد عن الثلاثين مليون سنتيم حتى لا تكون أكبر مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، طبعا، موال تبسة قبل بالعرض، فهو أدرى بماشيته.
سوق المواشي في الشريعة وفي غيرها، هذه الأيام، لا يختلف عن سوق السيارات، فالعرض كبير جدا والبيع منعدم بين ترقب وانتظار، حيث وجدنا في سوق الشريعة رجلا في الرابعة والخمسين من العمر، قدم من مدينة الونزة بولاية تبسة، قال إنه تعوّد على اقتناء أضحيته من سوق الشريعة وحتى أضحيتا شقيقيه وهذا منذ عقدين، ولكنه هذه المرة جاء فضولا لمعرفة ميزان السوق، وسيعود خلال السبت القادم لأنه “شم” رائحة تراجع الأسعار ويقول بهذا الشأن: “الملاحظة التي استقيتها هذه المرة أن كبش العشرة ملايين سنتيم كما كان الحال في الموسم الماضي لن يكون هذه السنة”.
وخلافا للكثيرين، فإن مواطنا قدم من منطقة الحرملية بولاية أم البواقي اشترى خروفا وقال: “الذي لم يتذوق لحوم خرفان الشريعة هو من يسأل عن السعر”، هذا المواطن وصل إلى سعر سبعة ملايين سنتيم، واقتنع بما اشترى، وطار إلى بلدته البعيدة حاملا أضحيته، على بعد قارب المئة كلم عن سوق الشريعة.
عدنا بعد جولة في سوق الماشية بالشريعة إلى الحاج راشدي، الذي حافظ على صبره وثباته وابتسامته أيضا، فحدّثنا عن الفرق بين الموسم الماضي والحالي: “هناك فارق لا يقل عن مليوني سنتيم بالنسبة للخرفان الكبيرة وهو لا ينقص عن مليون ونصف مليون سنتيم بالنسبة لبقية الخرفان المتوسطة”، ويكمل الحاج راشدي كلامه: “لا أظن بأن الموالين سيتكبّدون خسائر كما يظن البعض، فهم سيبيعون بشكل عادي وسلعتهم صالحة طوال السنة، لكن “السماسرة” الذين شوّهوا صورة الموالين هم من سيتكبّدون الخسائر الكبيرة، إن أرادوا طبعا السمسرة هذا الموسم”.
غادرنا سوق الماشية ما بعد الزوال كما دخلناه على أنغام “قداه عطاوك في هذا الكبش” ونفس الرد: “ماساوموش” وسيارات بترقيمات بعيدة يعود أصحابها إلى منازلهم، وقد اتضحّت لديهم بعض معالم سوق أضاحي العيد لهذا الموسم الاستثنائي الذي كان في صالح المواطن الجزائري بإجماع زوار السوق الذين قال بعضهم لـ”الشروق اليومي”، إنهم لأول مرة يأتون إلى سوق الماشية وأيديهم ليست على قلوبهم، كما جرت العادة، فالوقت متوفر والخيار أيضا، وفي كل الأحوال، الكبش سيدخل البيت، والكل سيضحي، كما قال الحاج راشدي.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post بواقع مليوني سنتيم.. أسعار المواشي تتراجع في “بورصة” الشريعة appeared first on الشروق أونلاين.