تخرج دفعات ضباط الجيش.. رسائل مباشرة ومبطّنة وسط تحديات إقليمية متفاقمة
قدّم المتخرجون الجدد من الأكاديمية العسكرية بشرشال، الخميس المنصرم، عروضًا عسكرية ضخمة ومتنوعة، تجسدت ميدانيًا بين القتال المتلاحم والحركات الرياضية بالسلاح وبدون سلاح والقفز بالمضلات، وغيرها، أبانت حقيقةً عن القدرات الكبيرة والمهارات العالية التي تلقاها أفراد الجيش الوطني الشعبي خلال مسار تكوينهم، في ظل إيلاء المؤسسة العسكرية أهمية بالغة للموارد البشرية كونها الركيزة الأساسية لقوة […] The post تخرج دفعات ضباط الجيش.. رسائل مباشرة ومبطّنة وسط تحديات إقليمية متفاقمة appeared first on الجزائر الجديدة.

قدّم المتخرجون الجدد من الأكاديمية العسكرية بشرشال، الخميس المنصرم، عروضًا عسكرية ضخمة ومتنوعة، تجسدت ميدانيًا بين القتال المتلاحم والحركات الرياضية بالسلاح وبدون سلاح والقفز بالمضلات، وغيرها، أبانت حقيقةً عن القدرات الكبيرة والمهارات العالية التي تلقاها أفراد الجيش الوطني الشعبي خلال مسار تكوينهم، في ظل إيلاء المؤسسة العسكرية أهمية بالغة للموارد البشرية كونها الركيزة الأساسية لقوة وتطور قدرات الجيوش ومواكبتها المتغيرات، تماشيًا مع تسارع العالم في الاعتماد على استخدام التقنية والتكنولوجيا في حروب الجيل الجديد (G5).
وأشرف رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، عبد المجيد تبون، الخميس المنصرم، على مراسيم حفل التخرج للدفعات 2024 ـ 2025 للأكاديمية العسكرية بشرشال، وسط عرض عسكري ضخم ومتنوع، تلقى إشادات واسعة من الشارع الجزائري والإعلام الوطني والدولي، بفضل القدرات الكبيرة والمهارات العالية التي أظهرها العسكريون المتخرجون حديثًا، في ظل جملة من التطورات والمتغيرات الجيوسياسية والإقليمية التي يشهدها العالم اليوم، بما في ذلك تنامي شوكة الجماعات الإجرامية في المنطقة، والتوترات الحاصلة على المناطق الحدودية، والتي تسهم في عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، مما يستدعي موارد بشرية كفئة ومتمرسة في استخدام التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك تكنولوجيا “الدرونات” والحروب السيبرانية، المعتمدة أساسا على التقنية والمعلوماتية.
عرض عسكري ضخم
وبعرض عسكري ضخم، أبانت الدفعات المتخرجة من الأكاديمية العسكرية لشرشال، والتي تحمل اسم المجاهد المتوفى العميد حسين بن حديد، عن قدرات عسكرية فائقة ومحكمة تؤكد انسجام وتناغم القوات المسلحة، ومختلف التشكيلات العسكرية الجزائرية. ووسط حضور قوي للضباط والسلطات المحلية وعائلات الطلبة المتخرجين، تم فسح المجال أمام استعراض عسكري مميز ترجم القدرات العالية والروح القتالية والتجربة الميدانية، التي تزخر بها مختلف أسلحة قوات الجيش الوطني الشعبي. وقدّم أفراد قوات الجيش الوطني الشعبي عروضًا متنوعة شاركت فيها مختلف الفرق العسكرية، حيث تم فسح المجال للعروض الرياضية في القتال المتلاحم، الكاراتيه والكونغ فو والتايكواندو والحركات الرياضية الجماعية بالسلاح ومن دون سلاح، تمارين كمال الأجسام والقفز من الشاحنات مع اجتياز حواجز نارية، ثم تشكيل لوحات بالألوان الوطنية، بالإضافة إلى تنفيذ تمارين قتالية بيانية، أبرزت من خلالها مدى تحكّم القوات المسلحة في مواجهة جميع أشكال التهديدات سواء الإجرامية أو الإٍرهابية. كما شهد حفل التخرج مشاركة القوات الجوية من خلال استعراضات جوية لتشكيلات الطائرات المقاتلة وكذا تزويد الطائرات المقاتلة بالوقود في الجو. ليتابع بعدها رئيس الجمهورية، من خلال شاشة عملاقة، البث المباشر لتمارين بيانية نُفذت في عرض البحر من طرف القوات البحرية، متمثلة في “تحرير رهينة على البر انطلاقا من البحر”.
تحديات متفاقمة.. ورسائل مبطنة
وتستعرض الجزائر دوريًا، خلال الاحتفالات المخلدة لمناسبات وطنية مختلفة، قدراتها العسكرية، لتكشف فيها الكفاءة والمهارات العالية التي يتمتع بها أفراد الجيش الوطني الشعبي في المعارك والحروب، إلى جانب تحكمه الجيد في التكنولوجيا والتقنيات الحربية الجديدة، وهذا في ظل تنامي حدة التحديات في المنطقة والعالم، مما يجعل مثل هذه المناسبات فرصة لإرسال رسائل مباشرة وأخرى مبطنة للأعداء والمتربصين بأمن استقرار البلاد، فحواها أن الجزائر ستقف بالمرصاد لأي تهديد محتمل يمكن أن يضرب أمنها وسلامة شعبها وأقاليمها الترابية.
تواجه الجزائر تحديات أمنية وإستراتيجية متعددة الأبعاد، في ظل مساعي وعزم البلاد على كبح أي معوقات أو عراقيل قد تسهم في ضرب الاستقرار الوطني والإقليمي، في محيط يغلب عليه طابع التوترات والخلافات السياسية والدبلوماسية، وتنامي التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، بالإضافة إلى تحديات الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة. وتتطلب هذه التحديات مقاربة شاملة تتضمن تعزيز التعاون الإقليمي، وتأمين الحدود، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما سعت الجزائر لتجسيده ميدانيًا، من خلال مخططات وبرامج تتماشى مع هذه التحديات وتساير التطورات.
وتتزايد حدة التحديات الأمنية والجيواستراتيجية الملقاة على عاتق الجزائر، بعد التحاق نظام المخزن المغربي في عام 2020 بقطار التطبيع مع الكيان الصهيوني، رعاية أمريكية، ليكون بمثابة الشريك والحليف له ولمصالحه الإستراتيجية والتوسعية في المنطقة، مقابل نيل الاعتراف الأمريكي والإسرائيلي بسيادته المزعومة على أراضي الصحراء الغربية المحتلة.
ومؤخرًا، شارك لواء “غولاني” الصهيوني المتورط في جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، في مناورات “الأسد الإفريقي 2025” بالمغرب، وهو ما أثار جدلاً وسخطًا عارمًا داخل وخارج البلاد، متهمين مملكة “محمد 6” بالتواطؤ المباشر مع جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين. ويرى محلّلون إن الخطر الذي يشكله التحالف الإسرائيلي المغربي على منطقة شمال وغرب إفريقيا، في طليعتها الجزائر، يتعاظم باستمرار، حيث يلجأ إلى شن حروب الجيل الخامس لخلق الفوضى، من خلال الهجمات السيبرانية والالكترونية، دعم المجموعات الإرهابية، وإغراق البلدان بالمخدرات، خاصة أن هناك قوى أخرى تدعمه مثل فرنسا والإمارات والولايات المتحدة، وهذا ما سيعرّض أمن شعوب المنطقة برمتها للخطر ببحثهما عن خلق الفوضى ونشر الحروب والتوسع في كل الاتجاهات.
منطقة الصحراء والساحل
وفي منطقة الساحل والصحراء، تواجه الجزائر تحديات متفاقمة، برزت بشكل جلي في الآونة الأخيرة، في أعقاب تنامي حدة الأزمات وحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي تشهده المنطقة، لا سيما في بلدان كنفيدرالية الساحل، التي يحكمها عسكريون انقلابيون، بما في ذلك مالي والنيجر وبوركينافاسو. مطلع أفريل الماضي، حينما أعلنت الجزائر عن إسقاط طائرة استطلاع بدون طيار مسلحة في منطقة تيزاواتين الحدودية مع مالي، بعد اختراقها المجال الجوي الجزائري لمسافة 2 كيلومتر، ليتبعها قرار سحب السفراء وإغلاق المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات المتجهة أو القادمة من مالي.
وتعكس الأحداث الجارية شمال مالي ودول الساحل والمناطق الحدودية، حالة من الهشاشة الأمنية تتوافق مع التحذيرات الواردة في تقارير دولية حول وجود تهديدات أمنية كبيرة في المنطقة. وينبع قلق الجزائر من احتمال امتداد الاضطرابات والتوترات إلى حدودها الجنوبية، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية للجيش المالي ضد الحركات الأزوادية في شمال مالي. وتواجه الجزائر تحديًا أمنيًا معقدًا على حدودها الجنوبية مع دول الساحل منها مالي وحليفيها النيجر وبروركينافاسو، التي تشهد حراكًا نحو التخلص من النفوذ الخارجي. وقد تحولت مدينة تينزواتين الحدودية مع مالي إلى نقطة محورية في الصراعات الإقليمية، وذلك لتصاعد المواجهات المسلحة.
إلى جانب ذلك، باتت ليبيا، الجارة الشرقية للجزائر، عرضة للنفوذ الأجنبي مع استمرار القتال والتناحر السياسي وغياب الديمقراطية والجمود الذي يعتري البلاد منذ انتفاضة عام 2011، وهو الأمر الذي فتح المجال أمام النفوذ الإماراتي ومرتزقة “فاغنر” لتجد موطئ قدم هناك منذ عام 2018. ولاحقًا، جرى تشكيل قوة عسكرية رسمية باسم “الفيلق الإفريقي”، لتحل مكان مرتزقة “فاغنر”. ومما لا شكّ فيه، أن تدهور الأوضاع في ليبيا، ينعكس بطريقة أو بأخرى على استقرار الجزائر والمنطقة ككل، في ظل تنامي نشاط الجماعات الإرهابية والإجرامية، وتهريب السلاح والمخدرات، في ضوء الأزمات السياسية والعسكرية التي تعصف بالبلاد منذ انتفاضة عام 2011.
الجيش عازم على مواصلة ترسيخ ركائز أمن واستقرار الجزائر
وشدّد الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الخميس، على أن الجيش عازم على مواصلة ترسيخ ركائز ودعائم أمن واستقرار الجزائر والمساهمة في ازدهارها ونهضتها الشاملة، بما يخدم تطلعات الشعب الجزائري.
وخاطب شنقريحة، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، عبد المجيد تبون، خلال إشرافه على تخرج دفعات الأكاديمية العسكرية لشرشال، يوم الخميس، قائلاً: “إننا عازمون على مواصلة ترسيخ ركائز أمن واستقرار الجزائر والمساهمة في ازدهارها ونهضتها الشاملة بما يخدم تطلعات شعبنا الأبي ويؤكد طموحاته ويحقق آماله في العيش الكريم والاستقرار المستديم”. كما أشاد الفريق أول بالأشواط المعتبرة التي قطعتها المنظومة التكوينية للجيش الوطني الشعبي قائلا: “لقد حرصنا في الجيش الوطني الشعبي، تنفيذا لتوجيهاتكم السديدة، على إيلاء الاهتمام اللازم والرعاية الكاملة لمنظومة التكوين العسكري، على وجه العموم، والأكاديمية العسكرية لشرشال، على وجه الخصوص، وذلك إيمانا منا بأن التكوين الجيد لموردنا البشري هو حجر الزاوية لنجاح مشروع بناء جيش قوي ومهاب الجانب، قادر على رفع التحديات الأمنية المستجدة وكسب رهاناتها، وضمان التكيف الناجع مع التحوّلات الجيو-إستراتيجية الحاصلة على الصعيدين الإقليمي والدولي”.
وأضاف أن “هذا العنصر البشري الحامل لكل مقومات التمرس المهنى عسكريا وعلميا وأخلاقيا بما يضمن الأداء الأنجع والمتكامل المتوافق مع المهام الدستورية المخولة حتى يبقى الجيش الوطني الشعبي صمام أمان لوطننا والضامن لوحدته وسيادته”. وتابع شنقريحة إن “نعمة الحرية والاستقلال التي تحققت بفضل تضحيات الأجداد والآباء، هي أمانة في أعناق الأجيال الصاعدة، والمحافظة على هذه الوديعة الغالية تستدعي التحلي بالإرادة العالية والعزيمة القوية، من أجل تجسيد نهضة الجزائر المنشودة، مع كل ما يتطلبه ذلك من الوعي بأهمية تعزيز الجبهة الداخلية ورص الصفوف، لمواجهة كافة التهديدات المحتملة، بالفعالية اللازمة والنجاعة المطلوبة”.
عبدو.ح
The post تخرج دفعات ضباط الجيش.. رسائل مباشرة ومبطّنة وسط تحديات إقليمية متفاقمة appeared first on الجزائر الجديدة.