ثقة الأمة بين التهاني والأماني!

أ.د: عبد الحليم قابة رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/ وصلتني هذه الأيام تهانٍ كثيرة جدّا، ومن جهات متعددة جدّا، من داخل الوطن ومن خارجه، ممن أعرف وممن لا أعرف، ومن هيئات ومؤسسات رسمية وغير رسمية، فجزاهم الله خيرا جميعا، وتقبل الله منهم خُلقَهم وذوقهم وأدبَهم، وبارك الله فيهم على حسن ظنهم بشخصي الضعيف وبجمعية العلماء …

فبراير 24, 2025 - 13:06
 0
ثقة الأمة بين التهاني والأماني!

أ.د: عبد الحليم قابة
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/

وصلتني هذه الأيام تهانٍ كثيرة جدّا، ومن جهات متعددة جدّا، من داخل الوطن ومن خارجه، ممن أعرف وممن لا أعرف، ومن هيئات ومؤسسات رسمية وغير رسمية، فجزاهم الله خيرا جميعا، وتقبل الله منهم خُلقَهم وذوقهم وأدبَهم، وبارك الله فيهم على حسن ظنهم بشخصي الضعيف وبجمعية العلماء المسلمين الجزائريين. ولي على هذا الأمر ملحوظاتٌ يسيرة، أردت أن أفيد بها جريدة الجمعية المباركة، فأقول:

أولا: كثير من هذه التهاني وجّهت لي باسمي الشخصي، لأنني أنا الذي أدير شأن هذه الجمعية هذه الأيام، لكنني في الحقيقة أعدُّها موجهةً إلى كل أعضاها الذين أرسَوْا دعائم مجدها وأقاموا صرحها، والذين حافظوا على تألقها، ثم الذين أعادوا بعثها من جديد وقادوها وعملوا فيها إلى يومنا، فكأنهم خصصوا تهانيهم إلى من يُدانيهم لتصل من خلاله إلى من يلوذون به من الأحياء الموجودين قبله ومعه، وإلى من سبقوهم إلى رحمة الله – بإذن الله – من المعاصرين، الماهدين، المؤسسين، ومن تبعهم على نهجهم القويم، رحمهم الله أجمعين.

ثانيا: وصول تهان كثيرة ممن لا أعرفهم ولا أظن أنهم جميعا يعرفونني قبل ارتباط اسمي باسم هذه الجمعية المباركة، والتي نكاد نجزم أنه لا يوجد من لا يعرفها من المثقفين في العالم الإسلامي وخصوصا في الجزائر الحبيبة التي أنجبتها واحتضنتها وأينعت في تربتها.
هذا الأمر يكفي وحده دليلا ومؤشرا واضحا على مكانة هذه الجمعية في نفوس الأمة حكاما ومحكومين، عوامًّا ومثقفين، وعلى تأهّلها – بسمعتها – أن تكون في مقام القدوة لغيرها في ما اشتهر به شيوخها الأوائل وقادتها وكثير من أعضائها عبر العصور من تقوى وجهاد لخدمة الإسلام والعربية والجزائر، وفيما قدمته من تضحيات جسام لمقاومة طغيان العدو ، ولإخراجه من بلادنا ذليلا حقيرا. وفي غير ذلك مما لا يخفى على المنصفين من المؤرِّخين والمتابعين.

ثالثا: وصول تهانٍ – من أفراد ومؤسسات – ومعها إشارات وتصريحات بالاستعداد للتعاون مع الجمعية في الخير الذي تعمله، ولتقديم الخدمة المقدور عليها، وللوقوف مع الجمعية فيما تحتاج إليه؛ دليلٌ واضح على أن الخير باقٍ في هذه الأمة، وأن خزَّانها من الرجال والأبطال والأفاضل، لم ينفد ولن ينفد بإذن الله.
وفيه – أيضا – إشارةٌ إلى أن ظاهرة نقصان الثقة في بعض العاملين في الساحة الإسلامية، والتي تزعزعت في نفوس كثير من الناس في ظرفنا الحالي – بحق أو بباطل – جعل الناس يبحثون عن كيان آمن ومأمون – في تصوُّرِهم – ينصرُ حقهم بحكمة، ويحتضنهم، بلطف ورفق وروية، فأحبوا هذه الجمعية، واستبشروا ببعثها قبل أكثر من ثلاثة عقود، ثم باستمرارها إلى الآن، فانضم كثيرون منهم ومن أبناء هذا الجيل إلى صفوفها ، وما علينا – الآن – إلا مواصلة أعمال الرعاية والترشيد، والتربية والتجديد، والتدريب على مبادئ الجمعية، وعلى فكر مؤسسيها الحكماء، وقدواتهم العلماء، والالتزام بعاصم المرجعية، ومعالجة التطرف والأخطاء والانحرافات، عسى أن نستقيم جميعا على الجادة، ونكون من الذين وصفهم رسول الله بالعدول، الذين ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين.
والسؤال الذي يُطرح قبل الختام؛ هل سنكون نحن – أبناء الجمعية – في مستوى ثقة الأمة فينا؟!
وهل الأمة – أيضا – في مستوى ما تريده منهم الجمعية؟! ؛ لأن (مثل المؤمِنَيْن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى) فإذا تعطلت إحدى اليدين فستلحق بها – لا محالة – الأخرى.

نسأل الله أن يتقبل من السابقين، ويثبِّت الحاضرين، وأن يوفق اللَّاحقين، والله الموفق وهو يهدي السبيل.