جرائم إبادة أجبرت الجزائريين على تغيير أدوات نضالهم
تحسبا لحلول الذكرى الثمانين لمجازر الثامن ماي 1945، خصصت جمعية التاريخ الاستعماري وما بعد الاستعماري الفرنسية، ملفا موسعا حول جريمة الإبادة التي تعرض لها الجزائريون، على يد الجيش الاستعماري وقطعان المستوطنين، غداة نهاية الحرب العالمية الثانية، وذلك بينما كانوا بصدد مطالبة فرنسا بمنحهم حقوقهم كما وعدتهم قبل الحرب. واستكتبت المؤسسة المناهضة للاستعمار مجموعة من المؤرخين […] The post جرائم إبادة أجبرت الجزائريين على تغيير أدوات نضالهم appeared first on الشروق أونلاين.


تحسبا لحلول الذكرى الثمانين لمجازر الثامن ماي 1945، خصصت جمعية التاريخ الاستعماري وما بعد الاستعماري الفرنسية، ملفا موسعا حول جريمة الإبادة التي تعرض لها الجزائريون، على يد الجيش الاستعماري وقطعان المستوطنين، غداة نهاية الحرب العالمية الثانية، وذلك بينما كانوا بصدد مطالبة فرنسا بمنحهم حقوقهم كما وعدتهم قبل الحرب.
واستكتبت المؤسسة المناهضة للاستعمار مجموعة من المؤرخين الضالعين في الشأن الاستعماري الفرنسي في الجزائر، على غرار كل من ألان روسيو، وعيسى قدري، ومقتطفات من بحوث المؤرخ والمجاهد، محمد حربي.
ووفق ما جاء في الملف، فإن “فرنسا التي تحررت من الاحتلال النازي، ارتكبت واحدة من أسوأ جرائمها الاستعمارية الجماعية في الجزائر. وبينما كانت ألمانيا النازية تحتفل باستسلامها، وبذريعة الشغب، ارتكب جيشها وميليشيات المستوطنين مذبحة بحق آلاف المدنيين الجزائريين”.
وجاء في الملف، أن الجزائريين وفي محاولة للتعبير عن آمالهم في تغيير وضعهم كشعب مستعمر، على الرغم من الإعلان عنها خلال الحرب العالمية الثانية، كانت بلا جدوى. واستندت إلى المؤرخ آلان روسيو في التوقف عن الأحداث التي وقعت في منطقة شمال قسنطينة في شهري ماي وجوان 1945 وتكلفتها البشرية.
وبالنسبة للمؤرخ ألان روسيو، فإن المصطلح الشائع في توصيف أحداث الثامن ماي 1945 في الشمال القسطنطيني، يبدو غير مناسب إلى حد كبير. ربما بالنسبة لبعض الفرنسيين. ولكن بالنسبة للمجتمع الجزائري بأكمله، كانت هذه بمثابة “صدمة” حقيقية.. كانت مذبحة سطيف وقالمة عام 1945 بمثابة مجزرة استعمارية من بين العديد من المذابح الأخرى، لكن عنفها والمشاركة النشطة للسكان الأوروبيين تركت علامة دائمة في أذهان الناس على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط”.
المجزرة بدأت أماراتها في السابع ماي، في الجزائر، عند الإعلان عن استسلام النازية. واندلعت في سطيف أولى الأحداث بين الأوروبيين والمسلمين. “وفي المدينة ذاتها، انطلقت صباح اليوم الثامن، المظاهرة المخطط لها. إن مجموعة تتألف من 7000 إلى 8000 مسلم هي أكثر وضوحاً من المئات القليلة من الفرنسيين. أعلام حزب الشعب الجزائري عديدة، وتظهر لافتات تحمل عبارات من أجل تحرير الشعب، عاشت الجزائر حرة مستقلة”.
ويضيف: “اتصل مفوض الشرطة فاليري هاتفيا بالنائب المحافظ أخياري لإبلاغه بأن التدخل كان محفوفًا بالمخاطر. الجواب: “حسنا، سيكون هناك قتال”. وأمر فاليري، بمساعدة المفوض لوسيان أوليفييري، المتظاهرين بإزالة أعلامهم ولافتاتهم، لكنهم رفضوا، وبدأ إطلاق النار، من دون أن يكون معروفًا حتى اليوم من أطلق النار أولا. في الساعة التاسعة صباحا سقط الكشاف الشاب بوزيد سعال..”
واختلفت أرقام الضحايا من الجزائريين، فهناك من قال إنها أقل من 45 ألف شهيد، يقول المؤرخ، وهناك من أوصلها إلى تسعين ألف ضحية حسب مسؤول مسلم منتخب، غير أن الرقم استقر في الأخير عند 45 ألف شهيد، مقابل 104 من الفرنسيين فقط، وهو ما أهلها لتكون جريمة إبادة جماعية.
أما المؤرخ عيسى قدري، فخلص في بحثه إلى أن أحداث الثامن ماي 1945، فقد نقلت نضال الشعب الجزائري من محطة إلى أخرى، وقد توقف عند خسارة فرنسا أنصارها من الجزائريين، وقد أشار هنا إلى رفض فرنسا مطالب فرحات عباس الإصلاحية أو بالأحرى الاندماجية، فتطور موقفه وانتهى به الأمر إلى الانحلال في مطالب الاستقلاليين ممثلين في حزب الشعب الجزائري، الذي يعتبر النواة الأولى للثورة التحريرية التي أفضت جهودها إلى الاستقلال.
كما دفعت تلك الأحداث المأساوية من جهة، وتعاطي السلطات الاحتلالية الفرنسية مع مرتكبيها بمنحهم الحصانة غير المبررة، في إعادة تقييم الفاعلين الثوريين الجزائريين لحساباتهم، في التعامل مع فرنسا الاستعمارية التي وعدتهم وخانتهم في نهاية المطاف، بل تنكرت لهم وارتكبت بحقهم جرائم إبادة.
وعليه تم الاقتباس من المؤرخ محمد حربي قوله إن “عواقب الزلزال متعددة (يقصد مجازر 08 ماي 45). ويبدو الآن أن التسوية التي طال انتظارها بين الشعب الجزائري والمستعمرة الأوروبية أصبحت مجرد أمنية”، فيما انكشف زيف بعض الداعمين صوريا لحقوق الجزائريين من الفرنسيين، والإشارة هنا إلى الحزب الشيوعي الفرنسي، الذي اختار صف جيش الاحتلال بمطالبته بإعدام قادة الحراك الجزائري حينها.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post جرائم إبادة أجبرت الجزائريين على تغيير أدوات نضالهم appeared first on الشروق أونلاين.