الإمارات والعداء الممنهج ضد الجزائر: مؤامرة الطعن في الثوابت وكسر سيادة الأحرار !

أمين بن لزرق تتصاعد مؤامرة إماراتية ممنهجة ضد الجزائر، تقوم على استغلال أصوات داخلية للطعن في الثوابت الوطنية ضمن استراتيجية تدخلية تهدف لضرب استقرار البلاد. غير أن الجزائر، بتاريخها العريق ووحدتها الصلبة، تظل عصية على مثل هذه المحاولات. وستبقى مواقفها ثابتة في مواجهة كل أشكال الاستهداف الخارجي. و في قلب هذه الحملة يقف اسم عبد …

مايو 3, 2025 - 14:42
 0
الإمارات والعداء الممنهج ضد الجزائر: مؤامرة الطعن في الثوابت وكسر سيادة الأحرار !

أمين بن لزرق

تتصاعد مؤامرة إماراتية ممنهجة ضد الجزائر، تقوم على استغلال أصوات داخلية للطعن في الثوابت الوطنية ضمن استراتيجية تدخلية تهدف لضرب استقرار البلاد. غير أن الجزائر، بتاريخها العريق ووحدتها الصلبة، تظل عصية على مثل هذه المحاولات. وستبقى مواقفها ثابتة في مواجهة كل أشكال الاستهداف الخارجي.

و في قلب هذه الحملة يقف اسم عبد الله بلغيث، المؤرخ الجزائري الذي تحول في الآونة الأخيرة إلى محور جدل واسع بسبب تصريحاته المثيرة للجدل والتي وُظفت بشكل ممنهج من قبل الإعلام الإماراتي.

جذور العداء الإماراتي للجزائر

منذ استقلال الجزائر عام 1962، فرضت البلاد نفسها كفاعل إقليمي مستقل، يرفض التبعية لأي محور ويضع مصلحة شعبه فوق كل اعتبار. هذا الموقف السيادي أزعج دوائر الحكم في الإمارات، خاصة مع تنامي الدور الجزائري في القضايا الإقليمية والدولية، وتأكيده المستمر على دعم حركات التحرر ومناهضة كل أشكال التدخل الأجنبي.

شهدت العلاقات الجزائرية الإماراتية محطات من التوتر المكتوم، تعززت بعد أحداث الربيع العربي، إذ رفضت الجزائر الانخراط في مشاريع ما يُسمى بـ”الثورات المضادة” التي قادتها أبوظبي ضد إرادة الشعوب العربية. كما وقفت الجزائر بصلابة في ملفات عدة، أبرزها الملف الليبي، حيث دعمت الحل السياسي ورفضت التدخل العسكري الذي كانت الإمارات أحد أبرز مموليه ومهندسيه.

هذا الموقف المبدئي عمّق من هوة الخلافات بين البلدين، ودفع الإمارات إلى تبني استراتيجية جديدة تقوم على استهداف الجزائر إعلاميًا وسياسيًا واقتصاديًا كلما سنحت الفرصة.

الحرب الإعلامية.. سلاح الإمارات المفضل !

في السنوات الأخيرة، تحولت الإمارات إلى لاعب رئيسي في صناعة المحتوى الإعلامي الموجه، مستثمرة مليارات الدولارات في قنوات تلفزيونية وصحف ومواقع إلكترونية تنفذ أجنداتها الخارجية. لم تكن الجزائر في منأى عن هذه الاستراتيجية، إذ رُصدت عدة حملات إعلامية قادتها وسائل إعلام إماراتية مباشرة أو عبر منصات مرتبطة بها بشكل غير مباشر، هدفها تشويه صورة الجزائر وإبرازها كدولة غير مستقرة، إضافة إلى محاولات دؤوبة للطعن في خياراتها الاقتصادية والاجتماعية.

الجديد هذه المرة هو استغلال شخصيات جزائرية لإضفاء “شرعية داخلية” على هذه الحملات. وهنا يبرز اسم عبد الله بلغيث كواحد من أبرز هذه الأدوات، بعد أن تحولت تصريحاته إلى مادة دسمة للإعلام الإماراتي الذي قدمها وكأنها تمثل صوتًا جزائريًا معارضًا لما تسميه “الرواية الرسمية”.

عبد الله بلغيث.. من مؤرخ إلى أداة دعائية

عبد الله بلغيث، المعروف في الأوساط الأكاديمية الجزائرية، كان لفترة طويلة يُنظر إليه كأحد الباحثين المختصين في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر. غير أن مواقفه الأخيرة، التي شابتها الكثير من المغالطات والتجنيات، أثارت استياء واسعًا في الشارع الجزائري وبين النخب المثقفة.

بلغيث لم يكتفِ بطرح تساؤلات أكاديمية، بل ذهب بعيدًا إلى حد الطعن في رموز الثورة الجزائرية، والتشكيك في بعض المحطات المفصلية من تاريخ البلاد، وهو ما اعتبره كثيرون تجاوزًا للخطوط الحمراء الوطنية.

ما زاد الطين بلة هو تسويق الإمارات لتصريحاته عبر قنواتها ومنصاتها الإعلامية، الأمر الذي اعتبره المراقبون جزءًا من خطة مدروسة تهدف إلى ضرب اللحمة الوطنية الجزائرية وزعزعة ثقة الشعب في تاريخه المجيد.

أبعاد أخطر من مجرد تصريحات

لا يمكن عزل هذه الحملة عن السياق الجيوسياسي الأوسع. الجزائر، التي تعتبر من أكثر الدول استقرارًا في شمال إفريقيا، تملك رصيدًا نضاليًا وتاريخيًا يجعلها محط أنظار الكثير من القوى الإقليمية والدولية. هذا الاستقرار الذي حققته رغم كل التحديات، لا يخدم بالضرورة مصالح جهات إقليمية تسعى إلى تصدير نماذجها الخاصة في الحكم والسيطرة، وفي مقدمتها الإمارات.

استهداف الجزائر عبر ضرب ثوابتها التاريخية هو محاولة لضرب عمقها الاستراتيجي، إذ يدرك أعداء الجزائر أن قوة البلاد لا تكمن فقط في مواردها الطبيعية أو جيشها القوي، بل في وحدة شعبها حول ماضيه المشترك وقيمه الوطنية الراسخة.

رد رسمي وشعبي قوي على الاستفزازات الإماراتية

في مواجهة هذه الحملة الشرسة، جاء الرد الجزائري رسميًا وشعبيًا على قدر التحدي. المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري أصدرت بيانًا شديد اللهجة أكدت فيه أن الجزائر لن تسكت عن هذه الاستفزازات المتكررة، وأن الطعن في ثوابتها يمثل خطًا أحمر لن يُسمح بتجاوزه. كما شددت المؤسسة على أن الشعب الجزائري، الذي دفع ثمناً باهظًا لنيل استقلاله، لن يسمح بإعادة إنتاج مشاهد الاستعمار أو الوصاية بأشكال جديدة.

في السياق نفسه، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي موجة واسعة من التنديد والتضامن، حيث عبّر آلاف الجزائريين عن رفضهم القاطع لما وصفوه بـ”خيانة بلغيث” و”استغلال الإمارات لقضايا الجزائر لتحقيق مصالحها الضيقة”. كما نظمت عدة جمعيات ثقافية وطلابية ندوات ولقاءات مفتوحة للرد على المغالطات التي تروج لها وسائل الإعلام الإماراتية.

لماذا الجزائر مستهدفة دائما من دولة الإمارات ؟

توقيت هذه الحملة ليس بريئًا، فالإمارات تدرك جيدًا أن الجزائر تمر بمرحلة دقيقة من التحولات الاقتصادية والسياسية، وتسعى إلى تعزيز موقعها في المشهد الإقليمي والدولي. ومع اقتراب استحقاقات انتخابية وانتعاش مشاريع اقتصادية ضخمة، ترى الإمارات أن الوقت مناسب لمحاولة التشويش وإضعاف الجبهة الداخلية الجزائرية.

من جهة أخرى، فإن تصاعد الدور الجزائري في الملفات الإقليمية، مثل الملف الفلسطيني والوساطة في الأزمات الإفريقية، يضع الجزائر في مواجهة مع أجندات أبوظبي التي تحاول فرض رؤيتها الخاصة على المنطقة.

فمهما تعددت المحاولات وتنوعت الأساليب، فإن الجزائر أثبتت على مدار تاريخها أنها عصية على الاختراق. شعبها الذي توحد تحت راية المقاومة لن يسمح لأي جهة خارجية بتمزيق نسيجه الوطني أو التشكيك في تاريخه. أما الإمارات، فعليها أن تدرك أن سياسة شراء الذمم واستغلال بعض الأصوات الشاذة لن تحقق أهدافها، بل ستزيد من صلابة الجزائر ووحدتها في مواجهة كل التحديات.

وستظل الجزائر، كما عهدها العالم، واقفة بشموخ المدافعين عن كرامتها، ولن تفرط في ذرة من سيادتها، مهما حاولت بعض الجهات التشويش والتضليل.