جيش الاحتلال يقتل الجزائريين والعدالة تبرئ والإعلام يكذب ويضلل

تكشف وثيقة رسمية، أماط عنها اللثام، المؤرخ الفرنسي، فابريس ريسيبوتي، كيف كان جنود جيش الاحتلال الفرنسي، يقتلون الجزائريين الأبرياء دون مبرر، وعندما يقدمون للقضاء العسكري يجتهد هذا الأخير في إيجاد الذرائع من أجل إسقاط العقوبة عن المجرمين. وتشير هذه الوثيقة إلى حكم براءة صادر عن محكمة عسكرية لجيش الاحتلال في 30 أفريل من سنة 1957، […] The post جيش الاحتلال يقتل الجزائريين والعدالة تبرئ والإعلام يكذب ويضلل appeared first on الشروق أونلاين.

أبريل 19, 2025 - 20:45
 0
جيش الاحتلال يقتل الجزائريين والعدالة تبرئ والإعلام يكذب ويضلل

تكشف وثيقة رسمية، أماط عنها اللثام، المؤرخ الفرنسي، فابريس ريسيبوتي، كيف كان جنود جيش الاحتلال الفرنسي، يقتلون الجزائريين الأبرياء دون مبرر، وعندما يقدمون للقضاء العسكري يجتهد هذا الأخير في إيجاد الذرائع من أجل إسقاط العقوبة عن المجرمين.
وتشير هذه الوثيقة إلى حكم براءة صادر عن محكمة عسكرية لجيش الاحتلال في 30 أفريل من سنة 1957، عن الغرفة الثانية بالمحكمة الدائمة لقوات الجيش (الفرنسي) بالجزائر (العاصمة)، وفيه تبرئ جنديا فرنسيا من مقتل ثلاثة جزائريين دونما سبب أو مبرر، بينما كان القاتل وهو أحد عناصر جيش الاحتلال في حالة من الثمالة.
ويتحدث المؤرخ وهو يعلق على هذه الوثيقة الرسمية، في تحقيق تاريخي جاء تحت عنوان “جريمة قتل ثلاثة أشخاص في أومالي: أرشيف الإفلات من العقاب العسكري”، عمّا سمي المسارات الصعبة التي استطاعت المؤسسة العسكرية أن تسلكها خلال الحرب التحريرية الجزائرية لإخفاء جرائم الاحتلال الفرنسي.
يقول المؤرخ المعروف بمناهضته للاستعمار والمختص في تاريخ الجزائر: “في ربيع عام 1957، أبلغ أحد القضاة الجنرال ألار، قائد فيلق جيش الجزائر، بالحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة في الجزائر على اثنين من ضباط الصف1″، استنادا إلى ما أوردته “جمعية التاريخ الاستعماري وما بعد الاستعماري” عبر موقعها على الأنترنيت نهاية الأسبوع.
وقعت الحادثة بالقرب من بلدة أومالي، التي تعرف اليوم باسم سور الغزلان (ولاية البويرة حاليا)، على بعد 120 كيلومتر جنوب الجزائر العاصمة. في فترة ما بعد الظهر من يوم السبت 13 أبريل 1957، غادرت البلدة الصغيرة سيارة جيب تابعة للجيش الفرنسي وشاحنة GMC. وكان على متن السيارتين مفرزة صغيرة من أفراد “فوج السبايس”، وهي فرقة تابعة للجيش الفرنسي مكونة من عملاء جزائريين، وكان من بينهم ضابطا صف فرنسيان، هما فرانسوا بار، 31 عاما، من سارت، والرقيب ريني نوك، 28 عامًا، من باريس.
ويمضي المؤرخ في وصف ما جرى، قائلا بأن “الجميع في حالة سكر شديد حينها.. انتشر ضباط الصف والجنود في مقاهي المدينة. تناول ضابطا الصف العديد من المشروبات الكحولية وتناولا الغداء في فندق جراند. وخلال وجبتهما، استمرا في الشرب أكثر من المعقول، لذلك كانا في حالة سكر حتى الثمالة..
وبعد نحو ساعة، يضيف المؤرخ نقلا عن الوثيقة المحررة من قبل القاضي، توجه الموكب الصغير إلى الطريق المؤدي إلى بني سليمان (المدية حاليا)، وبعد خمسة كيلومترات فقط، في المكان المسمى Les Carrières، أوقف بار الموكب وقرر بمبادرة منه إجراء عمليات التحقق من الهوية.
وسجل القاضي في الوثيقة: “ينجو راكب دراجة من الأسوأ بسبب حالة ضابط الصف (بار) السيئة. أوقف أولاً راكب دراجة، الذي غلبه الخوف، فترك دراجته وهرب بأسرع ما يمكن. أراد ضابط الصف (بار) مطاردته، لكنه تعثر في الخندق ولم يتمكن من النهوض إلا بمساعدة اثنين من زملائه الجنود”.
وفي تلك اللحظة ظهر قطيع من الأغنام يقوده راعيان، ووقعت أول جريمة قتل، يثبّت القاضي، بينما كان أحدهما يقود القطيع، كان الآخر تحت سيطرة ضابطي الصف، فأطلق عليه “نوك” النار برشقة من مدفع رشاش بعد بضع خطوات، فأرداه قتيلاً”. كان اسم هذا الراعي “مسمن رمضان”.
وبحسب الوثيقة ذاتها، فإن المذبحة لم تنته عند هذه الضحية، فقد: “أوقفت سيارة سيتروين ذات دفع أمامي. خرج منها القائد محمودي بن طيبي والباشاغا إبراهيمي أحمد. وقد بدا أن القائد، الذي انتابه الذعر من موقف نوك التهديدي، يحاول الفرار. أطلق نوك رشقة من رشاشه فأرداه قتيلاً. ثم، بينما كان نوك يعود إلى السيارة وينطلق، انتزع بندقية من أحد السبايس الذين كانوا إلى جانبه وأطلق النار عليه في رأسه”.
وإثر ذلك، تم وضع الضابطين “نوك” و”بار” تحت الإقامة الجبرية، ومثل كلاهما أمام المحكمة الدائمة للقوات المسلحة في الجزائر في 30 أبريل 1957، وتمت محاكمة أحدهما بتهمة “القتل”، والثاني تهمة “عدم مساعدة الأشخاص المعرضين للخطر”، وترأس المحكمة قاض عسكري يعاونه ستة ضباط وضباط صف.
وقد واعترف المتهمان بالحقائق، وألبست القضية باعتبارات نفسية، وخلصت المحكمة إلى أن “المسؤولية انخفضت بسبب التسمم الكحولي الحاد، ومن ثم تمت تبرئة ريني نوك وفرانسوا بار وأطلق سراحهما. وهي حادثة من بين الآلاف التي تورط فيها جيش الاحتلال وتمت التغطية على الجنود”.
والمثير في الأمر هو أنه في 16 أفريل 1957، كتبت صحيفة “لوموند” الفرنسية في تقريرها اليومي أن ثلاثة مسلمين قتلوا وكان من بين الضحايا باشاغا، وبالتالي فهو ضحية، مثل العديد من الجزائريين الآخرين المتعاونين مع فرنسا، لـ”إرهاب” جبهة التحرير الوطني.
هكذا كان يفعل الفرنسيون في الجزائر، وهكذا كانت تبرر لهم عدالتهم التي يدعون زورا وبهتانا أنها مستقلة ويوصمون العدالة الجزائرية بأنها تحت وصاية السياسي.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post جيش الاحتلال يقتل الجزائريين والعدالة تبرئ والإعلام يكذب ويضلل appeared first on الشروق أونلاين.