حفيدة العلامة العربي التبسي- رحمه الله – الدكتورة فضيلة بسطنجي في حوار مع البصائر:

حاورها / سمير زمال/ في هذا الحوار نسعد بأن نُحاور شخصية مميزة ، نشأت في بيت شرف وعلم و جهاد ؛ كيف لا ؟ وهي حفيدة الإمام العربي التبسي و إبنة الشهيد مختار بسطانجي رحمهما الله، جمعت في مسيرتها بين العلم النافع والعمل النبيل ،سيجد القارئ في هاته المادة العلمية ما يثلج الصدر و يرفع …

أغسطس 11, 2025 - 16:20
 0
حفيدة العلامة العربي التبسي- رحمه الله – الدكتورة فضيلة بسطنجي في حوار مع البصائر:

حاورها / سمير زمال/

في هذا الحوار نسعد بأن نُحاور شخصية مميزة ، نشأت في بيت شرف وعلم و جهاد ؛ كيف لا ؟ وهي حفيدة الإمام العربي التبسي و إبنة الشهيد مختار بسطانجي رحمهما الله، جمعت في مسيرتها بين العلم النافع والعمل النبيل ،سيجد القارئ في هاته المادة العلمية ما يثلج الصدر و يرفع الهمة ،في حديث عن إمرأة جزائرية حملت ميراث أسرة تبسية عريقة، ذات الأثر الجميل في المجتمع الجزائري .. ، فلا أطيل عليكم ودونكم ما جادت به الدكتورة فضيلة وأفاضت به علينا وعليكم من حديث عفويّ شيّق.

في بداية هذا اللقاء وددنا منكم أن تعرفونا بشخصكم الكريم .
د. فضيلة بسطنجي : كاتبة وشاعرة جزائرية إبنة الشهيد مختار بسطنجي وحفيدة الشهيد العلامة الشيخ العربي التبسي. ولدت سنة 1952 في مدينة تبسة بالجزائر ،تدرجت في تعليمها من المدرسة الفرنسية «La Marne» «لا مغن» خلال عهد الإحتلال ، ثم إنتقلت إلى الجزائر العاصمة حيث أكملت دراستها الثانوية في عهد الإستقلال.
كانت دراستي علمية ، تحصلت على شهادة بكالوريا شعبة علوم وبكالوريا فرنسية شعبة رياضيات سنة 1971م ، إختارت أن تكمل دراستها العليا في تخصص الطب في الجزائر العاصمة .
عادت بعد إكمال دراستها إلى مدينة تبسة شرق الجزائر لتزاول العمل في عيادة خاصة كأول طبيبة في الولاية ، وقد كانت بالموازاة مع ذلك تعمل كأول إمرأة في تبسة نائبا في المجلس الشعبي الولائي.
إختارت العودة للجزائر العاصمة للعمل فيها في مهنة الطب لأكثر من عشرين سنة ، بين عيادتها الخاصة وصندوق الضمان الإجتماعي كطبيبة مستشارة ،لأسباب عائلية إختارت التنقل إلى مدينة عنابة التي تقطن بها اليوم.
في خضم الحياة العملية وإنشغالاتها لم تجد فضيلة الشاعرة الوقت للكتابة إلا بعض القصائد المعدودة… لتنتظر موهبتها جائحة كرونا للبروز وربّ ضارة نافعة ،فكتبت عدة دواوين وقد نشرت:
✓ أول ديوان شعري «قشعريرة روح» عن دار النشر سبينال والتي تقع في العاصمة الفرنسية باريس ،وقد ترجمت للفرنسية لتنشر من طرف دار أفراماد للنشر في الجزائر العاصمة.
✓ المجموعة الشعرية الثانية «عبير باقة زهوري المجففة» طبعت ونشرت في دار سمر للكتاب في الجزائر العاصمة.
✓ المجموعة الثالثة «الاختراق المحبط» نشرته دار النشر هيبورجيوس بمدينة عنابة.

ماذا عن الوالدين الكريمين، ممكن معلومات عنهما رحمهما الله .
– أمي كانت إمرأة جدا مخلصة، نبيلة، محترمة، كانت حرة من حرائر الجزائر، ضحت بشبابها وجمالها وكرست حياتها من أجل تربية ورعاية أطفالها الأربعة اليتامى من دون أن تشتكي، لقد كانت ملاكا على الأرض، كانت محبوبة في عائلتها وعائلة زوجها، بالرغم من المحاولات الكثيرة من طرف أقربائها لكي تبدأ مسيرة مهنية في التدريس لكن جوابها دائما كان الرفض إخلاصا لزوجهاوأبيها الشهيدين اللذين تركاها إمرأة ماكثة بالبيت.
كان أبي مختار أستاذا في التعليم التقني وقائد فريق الإتحاد التبسي لكرة القدم [ومموله الرئيس، وهو من إشترى قطعة أرض لتكون ملعبا للنادي – وهوالذي يحمل إسمه الأٱن -، كان رجلا نبيلا، شهما ومؤثرا،.. مثالا يقتدى به في وسط أقرانه، سقط في ميدان الشرف شهيدا بإذن الله سنة 1956م ، مضحيا بحياته وبمستقبل زوجته وأولاده من أجل أن يحيا الوطن؛ [ومن أقدار الله أن ما حدث له شبيه بما حصل مع صهره الشيخ العربي التبسي، فقد سجن سنة 1955م بتهمة دعم الثوار وتزويدهم بالأسلحة – التي كان يصلحها – وأيضا توفير الأموال التي كان أهالي تبسة يودعونها عنده عن طريق تنظيم سريع مصغر، ليتم إختطافه سنة 1956م ويختفي على يدي البوليس الفرنسي ولم يعد، ليبقى أهله ومنهم محدثتنا لا يعلمون عنه شيئا، وليلقى مصيرا شبيها بالشيخ العربي. رحمهما الله].

.. عليه رحمة الله ؛ الأكيد أنه كان للشيخ العربي رحمه الله أثر في حياتكم بحكم أنه جدكم ، ممكن تحدثينا عنه وصلتكم به.
– للأسف لا أملك له أي ذكرى في مخيلتي،كنت صغيرة جدا آخر مرة رأيته فيها، لكنني كنت دائما أتفقده وأشتاق لدفئ ذراعيه،كبرت مع صورة أني حفيدة رجل له قيمة ومكانة كبيرة في أنحاء الوطن.
كانت أمي غالبا ما تصفه لنا كرجل صادق وإمام من طينة الكبار، محبوب وله كلمته في مسيرة النضال الوطني سواء الديني أو الثوري، كنت ولازلت جد فخورة كوني أحمل نفس دمه.
كأب كانت تصفه أمي بأنه شخص حنون وإنساني بعيد كل البعد على العنف، يعاقب أولاده بأطراف إصبعيه البنصر والوسطى، كان عادلا بين أولاده وتلاميذه، سليم البصيرة في رؤياه ومعالجته للأمور.
كان مدافعا عن قضايا المرأء خاصة ما تعلق بـ التعليم وأكبر دليل كانت الأستاذة والمجاهدة زعرة عثماني (والدة الأديبة سهام شريط) ضمن طاقم التدريس في مدرسة تهذيب البنات والبنين، [وقبل ذلك أدخل بناته لمدرسة التهذيب].
كان يحث على تعلم اللغات، كما كان يتقن اللغة الفرنسية ولا يستعملها معتبرا عدم استعمالها في تلك الفترة في حد ذاته وسيلة للدفاع على الهوية الجزائرية.
يبقى غيابه وغياب أبي جرحا لم ولن يندمل، الله يرحم شهداء الوطن وشهداء الواجب

..وبخصوص القضية الفلسطينية وما يحدث في غزّة، رؤيتكم للأحداث وإفرازاتها.
– أعيش المشهد الفلسطيني كأسوء كابوس يمكن لإنسان أن يعيشه، وأنا التي كبرت في أحضان الحرب التي سرقت طفولتي وخطفت أعزائي وأحبابي؛ الصور متشابهة، التعذيب والخذلان..، لكن ليس باليد حيلة سوى قصائدي التي يمكن ولو بشئ بسيط أن تسمع صوت غزة، ألمها وعذابها اليومي.

نظرتكم لواقع الحياة الثقافية بين الواقع والمأمول، ثم تطلعاتكم المستقبلية ومشاريعكم العلمية بحول الله ..
– في ما يخص هذا الموضوع سأكون غير عادلة إذا أنكرت جهود الدولة من أجل النهوض بالمشهد الثقافي في بلادنا الحبيبة، لكن يبقى هناك العديد من النقائص التي من شأنها أن تعكر مسيرة النهضة في هذا القطاع الأساسي.
بمناسبة طرح هذا السوال أسمح لنفسي أن أتكلم على مشكل حساس والذي أواجهه شخصيا بإعتباري كاتبة، ألا وهو غياب التوزيع في ما يخص المنشورات المطبوعة، إنه لمن المؤسف أن تذهب مجهودات المؤلف سدى دون أن يكون لها صدى،كما أرجو من الدولة الجزائرية زيادة الجهود لحماية الفنانين وتوفير بيئة آمنة ومشجعة للإبداع.
يجب أن تكون هناك قوانين وسياسات فعالة لحماية حقوق المبدعين وممتلكاتهم الفكرية، بالإضافة إلى توفير الدعم المالي والمعنوي لتمكينهم من الاستمرار في إنتاج أعمالهم الإبداعية.
بالنسبة إلى مساري الأدبي، أملك 4 مؤلفات منشورة 3 دواوين شعرية باللغة الفرنسية وديوان مترجم إلى العربية – كما ذكرت سابقا، وهناك أيضا ديوان رابع في انتظار النشر، وكتاب قصص مصغرة مستنبطة من الواقع على وشك الإنتهاء.

ختاما هل لكم من كلمة توجهونها كنصيحة للجزائريين ولقراء جريدة البصائر خاصة .
– في رأيي، يجب بذل جهود مستدامة لتحفيز مجتمعنا على القراءة بعيدا عن الأجهزة الإلكترونية، خاصة الهواتف الذكية التي أبعدت شبابنا عن الكتاب، وهذا أمر مؤسف بالطبع.
ختاما؛ أود أن أقول للجزائريين ولقراء جريدة البصائر خاصة ،لا تيأسوا أبدا من قدرة بلادكم على التطور والتقدم , كونوا فخورين بتاريخكم وثقافتكم، واعملوا معا لبناء مستقبل أفضل،..
استثمروا في التعليم والعمل الجاد لتحقيق أهدافكم، وتذكروا دائما أن الوحدة والتضامن هما أساس النجاح والتقدم..؛ أنا جد سعيدة بمساحة التعبير التي خصصتها لي جريدة البصائر، شكرا جزيلا.

من إصدارات الدكتورة