رسالة إلى الشيخ جاب الله وعدنان إبراهيم
عندما استمعت إلى الحوار: “البودكاست” الذي أجري مع الشيخ عبد الله جاب الله، وجدتني راغبا في التوضيح والرد على ما قال وعلى ما اعترى كلامه من شطحات وتناقضات، وكذلك وقع لي قبل أشهر عندما استمعت إلى محاضرة عدنان إبراهيم في الإمارات المتحدة، عندما شرع في إطلاق النار على جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها الشيخ حسن البنا، […] The post رسالة إلى الشيخ جاب الله وعدنان إبراهيم appeared first on الشروق أونلاين.


عندما استمعت إلى الحوار: “البودكاست” الذي أجري مع الشيخ عبد الله جاب الله، وجدتني راغبا في التوضيح والرد على ما قال وعلى ما اعترى كلامه من شطحات وتناقضات، وكذلك وقع لي قبل أشهر عندما استمعت إلى محاضرة عدنان إبراهيم في الإمارات المتحدة، عندما شرع في إطلاق النار على جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها الشيخ حسن البنا، وذلك جريا على عادتي في كتابة المقال الأسبوعي التحليلي منذ أربعين سنة: في “العالم المعاصر” و”العالم السياسي” و”السفير” و”البصائر” و”الشروق اليومي”، وقد كتبت الكثير من الردود على الكثير من الدعاوى والادعاءات في مجالات سياسية وتاريخية…
لكن هذه المرة ومنذ قصة عدنان إبراهيم، عدلت على الخوض في الردود والردود على الردود، باعتبار أن ذلك من تبديد الطاقات الثقافية والفكرية التي يمكن استثمارها فيما ينفع الأمة، والانشغال بقضايا الكثيرة… ولاعتبار آخر هو أن هذه الردود والتعليقات لا سيما فيما يكون كذبا صريحا مثل تصريحات عدنان إبراهيم، أو تصريحات مرجوحة أو محتملة مثل تصريحات الشيخ عبد الله جاب الله، قد تترك من الخدوش والجروح العميقة في العلاقات وفي النفوس، مثل الخدوش التي بقيت في نفس الشيخ عبد الله جاب الله تجاه إخوانه.
ونتيجة لذلك شغل بالي أمرٌ آخر، أهم وأخطر، من شطحات هذا وادّعاءاته، وأكاذيب ذاك وتناقضاته، فتساءلت بيني وبين نفسي: لماذا لم يقم الشيخ جاب الله بعملية نقدية لمساره الدعوي والسياسي، بدل أن يسرد لنا من التاريخ ما له فيه شركاء كثيرون، لا يُكتفى فيه برأي واحد ورواية واحدة وموقف واحد؟ ولماذا تحوَّل الدكتور عدنان إبراهيم من داعية متميز في الغرب إلى مجرد بوق من الأبواق التي لا يهمها إلا مطاردة الخير وأهله؟ بل ولماذا ينشغل غيرُهم بالردود عليهم وتكذيبهم وتسفيههم؟
والجميع من المفروض أنّ لهم ما يشغلهم مما تحتاج إليه الأمة في آنها ومستقبلها، وهم مطالبون بالقيام به سواء في بناء الذات أو في إصلاح المجتمع ومواجهة القوى الغربية المتغطرسة.
إن الطاقة البشرية محدودة، إذ أنّ كل فرد يتربع على قدر من الطاقة، إذا صرفها في جانب لا يمكن أن يبقى له ما يصرفه في باقي ما يتعرض إليه من تحديات لا تتوقف عن التوالد، والشيخ جاب الله قد يلتمس لنفسه العذر فيما قال، لكونه صاحب حقيقة يتعين عليه بيانها، ولكن كداعية وسياسي يحمل مشروعا إصلاحيا، هل من الإصلاح ألا يكون في جعبته من قضايا الإصلاح إلا الكشف عن خلافاته مع إخوانه التي لا ينتفع بها الشباب الذين عفاهم الله من مصائب جيلنا، فاستدعاها لهم الشيخ عبد الله ليُغرقهم فيها؟.
وفي تقديري أن الزمن الذي نعيش فيه هو زمن الفاعلية الاستثنائية، وليس من حق كل من يدَّعي أنه يريد الإصلاح في بلاده، أن يشغل الناس بأوهامه، وإذا كان حريصا على الحقائق، فليكتب مذكّراته ويدعها للأجيال، ولا يظلم الناس بحشرهم فيما ليس من همومهم وأولوياتهم.
ثم إن المعلومات التي أدلى بها الشيخ عبد الله جاب الله، أو التي أعلن عنها عدنان إبراهيم، هما مسؤولان عنها، وعلى كل من كان في موقعهما ومكانتهما أن يدوّن مذكراته ويحفظها للأجيال، ويترك للتاريخ الحكم عليها صدقا أو كذبا؛ لأن التاريخ لا يقبل الخديعة… أما الاشتغال بالتصريح والرد على التصريح والرد على الرد، ثم الانتقال إلى التسفيه والمعايرة والمحاسبة والاتهام والتخوين… فكل ذلك من معرقلات الأمة في نهضتها ومقاومتها للفساد الواقع والمتوقع، لاسيما وأن قوى “البروباغندا” وصناع الرأي وتزييف الوعي، من أعلم الناس بالاشتغال على مثل هذه الأمور؛ لأنها من أكثر الأمور فاعلية في تمزيق الصف وبعثرة الطاقة والجهود المعدَّة للانفجار في وجه العدو وتمدداته في البلاد الإسلامية.
لماذا لم يقم الشيخ جاب الله بعملية نقدية لمساره الدعوي والسياسي، بدل أن يسرد لنا من التاريخ ما له فيه شركاء كثيرون، لا يُكتفى فيه برأي واحد ورواية واحدة وموقف واحد؟ ولماذا تحوَّل الدكتور عدنان إبراهيم من داعية متميز في الغرب إلى مجرد بوق من الأبواق التي لا يهمها إلا مطاردة الخير وأهله؟ بل ولماذا ينشغل غيرُهم بالردود عليهم وتكذيبهم وتسفيههم؟
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post رسالة إلى الشيخ جاب الله وعدنان إبراهيم appeared first on الشروق أونلاين.