سوق المآزر ينتعش مع نهاية أوت والمدارس تقرع أجراسها
تغيّر مشهد الأسواق في النصف الثاني من شهر أوت، من المحلات الصغيرة إلى الساحات التجارية الكبرى، وطغى عليه اللونان الأزرق والوردي، فلا تكاد ترى لونا غيرهما، فالمآزر هنا وأيضا هناك، والتنافس يقتصر على النوعية والثمن فقط. الجميل في المآزر كما في غالبية الأدوات المدرسية أن عبارة “منتج في الجزائر” هي الطاغية، فورشات الخياطة صارت تحرك […] The post سوق المآزر ينتعش مع نهاية أوت والمدارس تقرع أجراسها appeared first on الشروق أونلاين.


تغيّر مشهد الأسواق في النصف الثاني من شهر أوت، من المحلات الصغيرة إلى الساحات التجارية الكبرى، وطغى عليه اللونان الأزرق والوردي، فلا تكاد ترى لونا غيرهما، فالمآزر هنا وأيضا هناك، والتنافس يقتصر على النوعية والثمن فقط.
الجميل في المآزر كما في غالبية الأدوات المدرسية أن عبارة “منتج في الجزائر” هي الطاغية، فورشات الخياطة صارت تحرك دواليبها منذ الربيع استعدادا للموسم الدراسي الجديد، من خلال إنتاج الكمية والنوعية التي تتماشى مع قدسية الدراسة، وحتى مع الموضة الطفولية، فقط يجب أن لا تخرج عن اللون الأزرق للذكور وعن الوردي بالنسبة للإناث، بل لا يجب أن تضاف بكثرة ألوان أخرى حتى لا تخرج عن المراد فتتكدس سلعتك.
في قلب مدينة قسنطينة، توجد ورشة السيد كمال الدين لمزاودة، وهو خياط قديم، في الستينات من العمر، قال بفرح كان واضح على محياه: “الحمد لله أخيرا وجدنا متنفسا تجاريا راقيا وحساسا، فالورشة تشتغل والزبون موجود، الجميل أيضا، أننا نكتفي بهامش ربح متدني جدا، بدليل أن بعض المآزر تباع دون 500 دج في أسواق التجزئة مما يعني أنها خرجت من عندنا دون 250 دج للمئزر الواحد”.
وعن النوعية، يشرح السيد كمال الدين: “في فترات تعليمية سابقة، لم يكن اللون مشروطا، فكانت المآزر تدخل من فرنسا ومن سوريا ومن شرق آسيا، بكمية ضخمة جدا، فغاب المحلي حينها، لكن مؤخرا صار الخياطون عندنا يقدمون تشكيلات متنوعة، وبعضها من تصاميم عالمية مترجمة للون والطبيعة الجزائرية مناخيا وثقافيا، كما أن الورشات في عمومها على تواصل دائم مع الزبون ومع بائع التجزئة بالخصوص”.
ولاحظنا في قلب الورشة تنوع كبير وأشكال متنوعة منها الصيفي ومنها الشتوي، بعضها مطرز في يساره علم الجزائر يكون في جهة القلب، وأخرى بها كلمات، بل إن البعض كُتب عليها أسماء حسب الطلب طبعا.
عائلات لا تكتفي بالمئزر الواحد
في المدينة الجديدة علي منجلي بولاية قسنطينة، وفي مساحاتها الكبرى حيث صارت قبلة للزبائن من كامل الشرق الجزائري، “اليافطات” المكتوب عليها الأسعار الحقيقية وبـ”الصولد”، تكاد تخفي المآزر وهي في الغالب دون الألف دج، وهناك عائلات لا تكتفي بالمئزر الواحد، بل تزيد عليه قطعة أو قطعتين.
السيدة منيرة تشرح الأمر: “طبعا التلميذ صغير ومن المنطقي أن يعود إلى البيت بمئزر ملطخ بالحبر أو حتى بمرق وجبة الغذاء أو اللمجة التي يأخذها معه، أو بسبب لعبه مع رفاقه وهو عائد إلى البيت أو حتى ممزق، ويجب على الأم أن تكون مستعدة لتغيير المئزر في الحال، بمئزر آخر نظيف، إلى غاية توضيب المئزر الأول، لأجل ذلك شراء مئزرين أو ثلاثة مع تغير الفصول ضروري”.
ويشرح ويُشرّح رسيم المشهد التجاري في محله المتواجد بأحد بازارات المدينة القديمة بقسنطينة في شارع العربي بن مهيدي: “لألبسة الأطفال بما في ذلك المآزر خصوصية، فالطفل يتغيّر جسده في ظرف سنة بشكل كلي، فالمئزر قد لا تبقى صلاحيته أكثر من شهور قليلة، لأجل ذلك الأولياء يصطحبون أبناءهم، ولا يعترفون بالسن الموجود على المئزر، ونادرا ما يتوافق رقم السن الموجود على المئزر مع السن الحقيقي للطفل أو للطفلة، وهو ما يفسر الزحام، حيث تدخل ربة البيت أو الزوج إلى المحل ومعه طفلين أو أكثر، ويقضي دقائق معدودات في إلباس ابنه هذا المئزر أو ذاك، قبالة المرآة”.
وعموما، فإن الزبون لا يشتكي أبدا من أسعار المآزر، وهو أيضا لا يناقش النوعية، فالمئزر هو لباس القسم، ولا علاقة له بالبيت أو الشارع، واستعماله يقتصر على أربع ساعات في اليوم من دون نهاية الأسبوع والعطل المدرسية، ثم إن الزرقة والوردي اللونين الطاغيين المفروضين، يجعلان جميع التلاميذ سواسية في اللون وفي الصناعة المحلية، التي لا يختلف فيها ابن الثري عن ابن الفقير، كما تقول السيدة منيرة وهي نفسها أستاذة في المتوسط: “أجد صعوبة في شراء مستلزمات أبنائي وبناتي، من لباس وحقائب وأدوات مدرسية، ولكن في المآزر لا يستغرق وقت التسوّق عندي أكثر من ساعة من الزمن”.
مازال في الصيف بقية، ومازالت الأعراس تصنع الأفراح والليالي الملاح، ومازال أبناء الجالية الجزائرية في الخارج هنا للتفسح والتسوّق، وما زال للمرح والتسلية أيام معدودات ومازالت الشواطئ تتلوّن براياتها من الأخضر إلى البرتقالي إلى الأحمر، ولكن السوق تلونت بلونين لا ثالث لهما، أزرق المئزر الذكوري ووردي المئزر الأنوثي.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post سوق المآزر ينتعش مع نهاية أوت والمدارس تقرع أجراسها appeared first on الشروق أونلاين.