تتجه العلاقة بين السلطات الانقلابية في مالي، والمرتزقة الروس في هذا البلد الى التأزم وذلك بالرغم من محاولات اظهار الانسجام بين الطرفين بداعي الحفاظ على المصلحة التي يكرسها الوضع الراهن، والتي لا يستفيد منها الشعب المالي في شيء.
وتضمن وثائقي مطوّل مدته ساعتان وأربعون دقيقة، أظهر تسعة من قدامى مقاتلي مجموعة
فاغنر الروسية ليرووا تجربتهم في مالي خلال أكثر من 3 سنوات من العمليات العسكرية، في شمال مالي، والذي كان مسرحا لانتكاسات عديدة تعرض لها المرتزقة الروس والجيش المالي، كما حصل في صيف 2024، عندما قتل العشرات من مرتزقة فاغنر (حوالي 80 مرتزق)، على يد الحركات الأزوادية المطالبة بحقوقها السياسية والتنموية.
هذه الشهادات، التي بثتها قناة على “تليغرام” مقربة من المرتزقة الروس، تضمنت اعترافات بارتكاب جرائم حرب، وانتقادات لاذعة للجيش المالي الذي وصفوه بـ”الجبان” و”غير الكفؤ”، في سابقة تعتبر الأولى من نوعها منذ نزول المرتزقة الروس على الاراضي المالية قبل أزيد من ثلاث سنوات.
وتحدث المرتزقة الروس وكانوا ملثمين عن معارك خاضوها في شمال مالي، و أظهرت مقاطع الفيديو المرفقة وهم يقومون بعمليات وحشية بحق سكان الأزواد، حيث قاموا باقتحام وحرق لمخيمات، وإطلاق نار عشوائيا من مركبات وطائرات تابعة للقوات المسلحة المالية، على مدنيين عزل.
وتعلقت شهادات المرتزقة بمعركة تنزاواتين الشهيرة التي وقعت في جويلية 2024، حين خسر المرتزقة الروس نحو 80 مقاتلا في مواجهة مع مقاتلي
جبهة تحرير أزواد، حيث تداول ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات لمرتزقة روس وهم بين أيدي مقاتلي جبهة تحرير الأزواد جرحى يعدون ما بقي من ثواني حياتهم، وهي المشاهد التي هزت الرأي العام في روسيا وتسببت في جدل سياسي كبير بسبب قساوتها، فضلا عن جهل الشعب الروسي لذلك.
وتسببت تلك الأحداث الدامية في خلافات حادة بين المرتزقة الروس من جهة و الجيش المالي من جهة أخرى، بعدما اتُّهم هذا الأخير بالفرار من أرض المعركة والتقاعس عن استعادة جثث القتلى من المرتزقة وتركهم يواجهون مصيرهم المحتوم أمام مقاتلي حركات الأزواد، وهو ما يؤكد تضرر الثقة بين الطرفين.
وقال أحد المرتزقة الروس وهو يهاجم الجيش المالي “كلما رأونا على الجبهة، حاولوا الاحتماء بنا والتظاهر بالبطولة”، الامر الذي قد يكون وراء قرار روسيا استبدال عناصر “الفيلق الأفريقي” التابع لوزارة الدفاع الروسية بها، رغبة منها في تخفيف الجو المتوتر بين فاغنر والجيش المالي.
وتأتي هذه التطورات غير السارة بالنسبة للانقلابيين في مالي وحلفائهم الروس، في وقت أكدت منظمات دولية مثل “ذا سنتري” و”أسليد” أن وجود مرتزقة فاغنر في مالي، لم يحقق الاستقرار الموعود، بل أدى إلى تصاعد غير مسبوق في العنف ضد المدنيين.
The post شرخ كبير في الثقة بين الانقلابيين في مالي والجيش الروسي appeared first on الجزائر الجديدة.