شعبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين -سطيف تنظم: ملتقى الأسرة قبل التكوين: الواقع والتحدّيات والآفاق
متابعة: عبد النور خبابة/ نظمت شعبة جمعية العلماء لولاية سطيف يوم السبت 2 محرم 1447 موافق 28 جوان 2025، بدار الثقافة هواري بومدين سطيف، ملتقى حول الأسرة بعنوان: “ملتقى الأسرة/الأسرة قبل التكوين-الواقع- التحديات- الأفاق” بمشاركة ثلة من الأساتذة المختصين في العلوم الانسانية والإسلامية، من جامعات جزائرية مختلفة، تناولوا الموضوع من مختلف جوانبه الاجتماعية والتربوية، وقد …

متابعة: عبد النور خبابة/
نظمت شعبة جمعية العلماء لولاية سطيف يوم السبت 2 محرم 1447 موافق 28 جوان 2025، بدار الثقافة هواري بومدين سطيف، ملتقى حول الأسرة بعنوان: “ملتقى الأسرة/الأسرة قبل التكوين-الواقع- التحديات- الأفاق” بمشاركة ثلة من الأساتذة المختصين في العلوم الانسانية والإسلامية، من جامعات جزائرية مختلفة، تناولوا الموضوع من مختلف جوانبه الاجتماعية والتربوية، وقد سلطت مداخلات الملتقى الضّوء على محاور عديدة تهمّ الأسرة والمجتمع معا وأسست لمنهجيّة صلبة تحدّد القواعد والأسس التي تبنى عليها الأسرة قبل تكوينها وتعيد للأسرة توازنها، وتطرّق إلى أهمّ التّحديات التي تواجهها قبل التّكوين، وتأهيل المقبلين على الزّواج من أجل تكوين أسر مهيّأة لبناء مجتمع متماسك.
افتتح الملتقى بآيات بيّنات من الذّكر الحكيم أفضى سكينته المعتادة على الأجواء من تلاوة القارئ عماد الدّين مقيدش، بعدها تمّ الاستماع للنشيد الوطني الجزائري، ألقى بعدها رئيس المكتب الولائي كلمة طيّبة رحّب فيها بالحاضرين الذين يصنعون الجمال العلمي والفكري بوفائهم، وقد ترأس الجلسة العلميّة الأولى البروفيسورة زبيدة الطيب من جامعة الأمير عبد القادر، تمّ فيها عرض مداخلات الأساتذة الأفاضل، البداية كانت مع الدكتور علي حليتيم مدير مركز الشّهاب بمداخلة عنوانها: المركز والأطراف ما يريد الغرب من الشرق الذي شرّح بدقّة ذاك التّأثّر الرّهيب للعالم الإسلامي بالغرب منذ حملة نابوليون بونابرت على مصر فشكّل صداما حضاريا كبيرا في الشّرق نقل أفكاره الجديدة الداعية إلى الفردانية والحرية الشخصية وفلسفات الجندر التي تدعو إلى تفكيك مفهوم الأنثى وتبنّي أفكار فرويد التي تجعل من الدافع الجنسي أهم محرك للحياة الإنسانية.
ثم محاضرة الدكتور عبد الفتاح داودي من جامعة المسيلة وقدّم مداخلة بعنوان: “الأسرة المسلمة بين سمو المقاصد والغايات وقصر النظر والتّصورات” حيث تناول في مداخلته التوتر القائم بين المقاصد العليا التي جاء بها الإسلام لتأسيس الأسرة كترسيخ مبدأ السكينة وبناء الإنسان المتوازن روحيا، وبين التّصوّرات القاصرة التي تسربت إلى الوعي المجتمعي المحافظ كضعف الوعي بمقاصد الزواج وسيطرة النزعة الفردانية على الحياة الزوجية، وقد ضبط مفهوم الأسرة لأنّها مؤسسة ربانية ذات أبعاد روحية تربوية واجتماعية تحقّق أهدافها السامية كالطمأنينة والمودة والرحمة. وقد اقترح في نهاية مداخلته بعض التوصيات لإعادة البوصة إلى مسارها السليم.
ثمّ تناول الكلمة البروفسور بدر الدين زواقة أستاذ الدعوة وفلسفة التواصل بجامعة باتنة بمداخلة عنوانها: “الأسرة والناشئة الاجتماعية مقاربات واستراتيجيات”، حيث قدم تعريفا للأسرة واعتبرها حجر الزاوية في المجتمعات، حدّد أنواع الأسر وتحدّث عن أهمية الأسرة في بناء المجتمعات وتطرق إلى دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية والعوامل المؤثّرة في التّنشئة، وقد حدّد أساليبها وتأثيرها على الفرد، ثمّ تحدث عن التحديات التي تواجه الأسرة وقدّم في الأخير استراتيجيات تعزيز التنشئة الاجتماعية الإيجابية.
فتحت من بعده البروفسور فتيحة محمد بوشعالة من جامعة الأمير عبد القادر ناشطة في المجال الدعوي والتّأهيل الأسري مفكّرتها العلمية بمداخلة عنوانها: “القواعد السليمة التي تبنى عليها الأسرة المسلمة” حيث سلّطت الضّوء على الانحراف غير المسبوق عن الفطرة البشرية وإنكار الفوارق الطبيعية والبيولوجية بين الذكر والأنثى جرّاء الموجات الشرسة للحداثة والنسوية والمثلية التي جرفت كلّ الوظائف الأسرية ولإنقاذ الأسرة المسلمة من هذا الانحراف لابدّ من ضبطها بضوابط الشّرع وتصحيح مفاهيمها.
اختتمت الجلسة بمناقشات وأسئلة ومداخلات قيّمة قدّمها أساتذة وبعض الحضور.
أما الجلسة العلمية الثانية فترأستها الدكتورة سهيلة مازة، استهلّت الجلسة بمداخلة عنوانها: “الاحتياجات التربوية المستجدة للأسرة المسلمة” من تقديم الدكتورة فاطمة الزهراء القشيري أستاذة الشريعة والقانون بجامعة سكيكدة وناشطة في التخطيط والإرشاد الأسري التي نبّهت إلى التغييرات الهامة في البيئة التربوية التي ينشأ فيها الجيل الحالي منذ انتشار الوسائط الإعلامية الحديثة الذي أدت إلى اختلال المرجعية في تحديد المفاهيم الأساسية التي تبنى عليها مفاهيمنا الإسلامية فانجرّ عن كل ذلك عدم القدرة على تحمّل المسؤولية والهشاشة النفسية.
تلتها مداخلة بعنوان: “تربية الأبناء الأساس الأول والجوهري للتّأهيل الزّوجي” من تقديم البروفيسور تريكي آيت شاوش أستاذة قانون الأسرة والميراث بجامعة عبر الرحمن ميرة ببجاية، أكّدت من خلالها أنّ التّأهيل النفسي والاجتماعي لا يقتصر على المقبلين على الزواج والمتزوجين إذ لابدّ أن يبدأ من مرحلة الطّفولة، فسبب التّفكك الأسري عائد إلى عقد الماضي نتيجة التربية الخاطئة التي خلفت آثارا مدمّرة، وقد تمحورت المداخلة حول أثر تربية الأبناء على مسارهم الأسري وتؤكد على أن نجاح أي دورة في التّأهيل الزواجي يقابلها محو آثار ماض مؤلم.
الدكتور عبد الحفيظ بكيس أستاذ قانون الأسرة بجامعة البشير الإبراهيمي ببرج بوعريريج قدم مداخلة ثريّة بعنوان: “التّأهيل القانوني للمقبلين على الزواج حماية للأسرة أم زيادة في وعي الانفصال”،.حيث تكتمل التنشئة السوية بمنظومة أخلاقية وأسرية قيمة عمادها الدين القويم وبرعاية قانونية إذ يقدم أطرا تشريعية لحماية المجتمع من التدخل والانجراف وتحديد الأولويات والأهداف كمجتمع مسلم سوي للتّخفيف من خطر ارتفاع معدلات الطلاق وتنصيب لجان متخصصة في تكوين الشباب المقبل على الزواج تكوينا شاملا ومتكاملا من عدة نواحي اجتماعية وشرعية وأسرية وقانونية.
انتهت هذه الجلسة بمناقشة ثانية فتحت الأبواب لتلاحم الأفكار وتلاقح الخبرات والتجارب التي تزكّي ما قيل بوعي وحكمة متناهية وضعت يدها على الجراح وقدّمت لها وصفات علاجيّة مناسبة.
في الأخير نشكر الأستاذة عتيقة نابتي رئيسة الملتقى ولجنة المرأة والأسرة والطفولة على مجهوداتها الجبّارة من أجل المرأة والأسرة، وعلى حرصها الثّمين في التّغيير والتّأثير وكلّ الامتنان اللغوي والتقدير مجازا وبلاغة للمنشط هشام بوعروري المبدع في التنشيط والتّقديم وإدارة الملتقيات الفكرية.
//////////////
ملاحظات مركزية حول الملتقى الأسئلة الحارقة… الملتقى الذي نظمته شُعبة سطيف خطوة جبارة ورائعة نحو معالجة أفضل وأمثل لمشكلات وأخطار وتحديات الأسرة المسلمة عموما، والأسرة الجزائرية خصوصا. حسن خليفة |