من التعاون العسكري إلى الاقتصاد.. تعاون جزائري أمريكي مثمر ومستدام

تأخذ العلاقات الجزائرية الأمريكية أبعادًا ومستويات جديدة خلال السنوات الأخيرة، تماشيًا مع مساعي وطموحات البلدين لبناء شراكات استراتيجية ومستدامة في كافة القطاعات، من السياسة والدبلوماسية، إلى التعاون العسكري، وصولاً إلى الشراكات الاقتصادية والتجارية، بما في ذلك الاستثمارات في مجال النفط والغاز الطبيعي، بما يعكف على رسم معالم علاقات جديدة مبنية على التفاهم والمصالح المشتركة، في […] The post من التعاون العسكري إلى الاقتصاد.. تعاون جزائري أمريكي مثمر ومستدام appeared first on الجزائر الجديدة.

يوليو 27, 2025 - 17:37
 0
من التعاون العسكري إلى الاقتصاد.. تعاون جزائري أمريكي مثمر ومستدام

تأخذ العلاقات الجزائرية الأمريكية أبعادًا ومستويات جديدة خلال السنوات الأخيرة، تماشيًا مع مساعي وطموحات البلدين لبناء شراكات استراتيجية ومستدامة في كافة القطاعات، من السياسة والدبلوماسية، إلى التعاون العسكري، وصولاً إلى الشراكات الاقتصادية والتجارية، بما في ذلك الاستثمارات في مجال النفط والغاز الطبيعي، بما يعكف على رسم معالم علاقات جديدة مبنية على التفاهم والمصالح المشتركة، في ظل تنامي حجم التحديات والتهديدات التي الإقليمية والعالمية.

وباعتبار أن الجزائر شريك “بارز” ومحوري للولايات المتحدة في المنطقة، فقد ترجمت هذه الشراكة ميدانيًا من خلال عدة لقاءات ومكالمات تبادلها زعماء ومسؤولي الدولتين. آخرها استقبال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون مسعد بولوس، المستشار الرفيع للرئيس الأمريكي لإفريقيا والشؤون العربية والشرق الأوسط، الذي ترأس وفد هام.

حضر اللقاء عن الجانب الجزائري أحمد عطاف وزير دولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، محمد عرقاب وزير دول وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، عمار عبة، مستشار لدى رئيس الجمهورية مكلف بالشؤون الدبلوماسية، وسفير الجزائر بواشنطن صبري بوقادوم. وعن الجانب الأمريكي، ديفيد لينفيلد، رئيس ديوان المستشار الرفيع، للرئيس الأمريكي لإفريقيا والشؤون العربية والشرق الأوسط، جوشوا هاريس نائب مساعد كاتب الدولة الأمريكي، وسفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر، إليزابيت مور أوبين.

وقبل استقباله من طرف الرئيس تبون، كان وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، قد استقبل بولس، بمقر الوزارة، حيث استُهل اللقاء بجلسة على انفراد بين الطرفين، تلتها جلسة محادثات موسعة شارك فيها وفدا البلدين، وشكلت فرصة لتقييم واقع العلاقات الجزائرية –الأمريكية و”بحث آفاق الارتقاء بها إلى أسمى المصاف المتاحة”.

وعبر الطرفان بالمناسبة عن ارتياحهما لـ”الحوار الاستراتيجي القائم بين الجزائر والولايات المتحدة”، كما أشادا بـ”الحركية الإيجابية التي تعرفها الشراكة الثنائية في عدد من المجالات الحيوية ذات الطابع الأولوي بالنسبة للطرفين، على غرار الدفاع، والطاقة، والفلاحة، والتعليم العالي والبحث العلمي”. كما شهدت المحادثات أيضًا تبادلًا معمقًا للآراء حول القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما “تطورات الأوضاع في ليبيا وفي الصحراء الغربية وفي منطقتي الساحل الصحراوي والبحيرات الكبرى.

إشادة بتطور العلاقات

في خضم التحول البارز في العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة، كان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهي مجموعة تفكير أمريكية، أبرز في تقرير حديث صدر منتصف جويلية الماضي، المزايا التي تمتلكها الجزائر و”الفرص الكبيرة” التي تتيحها، مركزا بشكل خاص على التزامها لصالح الوساطة والحوار الدبلوماسيين ومواردها الطبيعية وشبابها المفعم بالحيوية.

وجاء في التقرير أن الجزائر بلد “يتيح فرصا كبيرة ويمتلك الكثير من المزايا، لاسيما التزامه لصالح الوساطة والحوار الدبلوماسيين، وموارده الطبيعية وشبابه المفعم بالحيوية”، مضيفًا أنه “ينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية تكريس موارد لبلورة علاقات ثنائية بشكل يضمن ترقية الاستقرار”. كما يوصي التقرير بشدة الحكومة الأمريكية بتعزيز علاقاتها مع الجزائر، بالنظر إلى أهميتها الاستراتيجية، وثرواتها الهائلة من مختلف الموارد الطبيعية والمنجمية، والتزامها كذلك في إطار السلم على المستويين الاقليمي والدولي.

وشدّد التقرير أنه “في ظل حالة اللااستقرار المتزايد في منطقة الساحل، يتعين على واشنطن أن تستثمر في إرادة الجزائر كرائد اقليمي في مجال السلم والأمن من أجل الاستفادة من خبرتها في مكافحة الإرهاب”، مشيرًا إلى وجود ثلاثة محاور رئيسية للتعاون الواعد بين البلدين، وهي الاقتصاد، ومكافحة الإرهاب، والتبادلات الثقافية”. وإلى جانب الفلاحة والصحة، تعتبر المناجم والصناعات الغذائية من القطاعات الرئيسية خارج مجال المحروقات، التي يسعى الجانب الجزائري إلى تطويرها” بالتعاون مع الولايات المتحدة، وفق التقرير ذاته.

 

شراكة “جزائرية أمريكية” مستدامة

 

ورغم المزاعم والإدعاءات التي روجت بعض الأطراف المعادية، بشأن تدهور العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة بعد تولي الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب سدة الحكم، إلاّ أن الواقع برهن عكس ذلك تمامًا، فقد أرسل البيت الأبيض الأمريكي في 8 جويلية الماضي رسالة تهنئة إلى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بمناسبة الذكرى الـ 63 لعيد الاستقلال.

وجاء في رسالة التهنئة: “الرئيس العزيز، باسم الولايات المتحدة الأمريكية، أبلغكم تهاني الحارة بمناسبة الذكرى الـ 63 لليوم الوطني للاستقلال، المصادف لـ 5 جويلية”، مضيفًا: “وإذ نحيي معا، الولايات المتحدة الأمريكية والجزائر، ذكرى الاستقلال في اليوم نفسه، نستحضر بهذه المناسبة، شراكتنا المستدامة بين أمتينا”. وتابع الرئيس الأمريكي: “إننا نطمح في أن تواصل علاقتنا الازدهار وعلى وجه الخصوص في المجالات التجارية والمبادلات الثقافية، إذ نستطيع رسم معالم مستقبل أكثر إشعاعا لبلدينا”.

كما هنأ وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الجزائر حكومةً وشعبًا بمناسبة الذكرى الـ63 لعيد الاستقلال، مستذكرًا “الشراكة المتينة والدائمة بين البلدين، والتطلعات إلى مواصلة مستوى التعاون، لا سيما في مجالي الفرص التجارية والتبادل بين الشعوب”.

وفي جانفي الماضي، أشاد قائد القيادة العسكرية الأمريكية إفريقيا “أفريكوم”، الفريق أول مايكل لانغلي، عقب استقباله من قبل الرئيس تبون، بالروابط العميقة و التعاون العسكري بين الجزائر والولايات المتحدة، قائلاً أن الجزائر “بلد رائد في المنطقة” وأن “كل الدول الأخرى ستستفيد من هذه الريادة”، ليتابع قائلا: “سويًا، الولايات المتحدة الأمريكية والجزائر ستزدهران وستواصلان حماية وسلامة الشعوب”.

كما تطرق في هذا الإطار إلى مذكرة التفاهم في التعاون العسكري التي وقع عليها رفقة الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، والتي أكد بشأنها أنها “تؤسس لجميع الأهداف الأمنية المشتركة لاسيما التعاون العسكري التي تم بناؤها بين البلدين منذ سنوات”، حيث ستسمح بـ “تعميق أكبر لهذه العلاقة من أجل تعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي”.

الدفع بالاستثمارات في مجال النفط والغاز

وعلى الصعيد الاقتصادي والتجاري، لا سيما الاستثمارات في قطاع النفط والغاز، استقبل الرئيس تبون، نهاية جوان الماضي، وفدًا عن الشركة الأمريكية “إكسون موبيل”، حيث أعرب نائب رئيس المجموعة النفطية الأمريكية، المكلف بالتنقيب العالمي، جون أدريل، عن ارادة الشركة في المضي قدمًا وسريعًا في الاستثمار بالجزائر، في ظل الامكانات الكبيرة التي تعود بالفائدة على الجزائر وبالأخص لسوناطراك وإكسون موبيل”. وتابع بالقول: “أحرزنا تقدما في تحقيق إنتاج آمن للغاية ومنخفض الانبعاثات للنفط والغاز، مما يحل مشكلة زيادة انتاج النفط والغاز والطاقة ويحمي البيئة”.

إلى جانب “إكسون موبيل”، كان الرئيس تبون قد استقبل أواخر جوان الماضي، وفدًا عن مجموعة “شيفرون” النفطية الأمريكية. عقب الاستقبال، أكد نائب الرئيس للتطوير التجاري لـ”شيفرون”، جو كوك، أن “هذا اللقاء يشجعنا اذ أنه يتطابق مع الاتفاق المبدئي من أجل التفاوض ومباشرة العمل، وقد لمسنا أن هناك تجاوبا لمواصلة المباحثات”.

وفي ماي الماضي، شارك وفد اقتصادي جزائري هام، يقوده رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري (CREA) كمال مولى، في “قمة الاستثمار الأمريكية 2025” بولاية ميريلاند الأمريكية. وجاء الوفد الجزائري المكوّن من 35 رجل أعمال، في المراتب العشرة الأولى بين أكبر الوفود المشاركة في هذا الحدث الاقتصادي الدولي، الذي جمع أكثر من 4500 مشارك من مختلف أنحاء العالم. وتعد قمة الاستثمار الأمريكية، التي تأسست سنة 2014، حدثًا دوليا بارزًا للمستثمرين، يهدف إلى تعزيز الفرص الاقتصادية والتعاون بين الشركات من مختلف الدول.

التعليم العالي والنشاطات الاجتماعية

وفي مجال التعليم العالي والنشاطات الاجتماعية، أبرمت جامعة “بلحاج بوشعيب” لعين تموشنت، مطلع جوان الماضي، اتفاقية تعاون علمي وأكاديمي مع جامعة هيوستن الأمريكية تهدف إلى تعزيز مشاريع البحث العلمي المشتركة ودعم التبادل الأكاديمي للطلبة والأساتذة وتطوير برامج التكوين المتخصص، بالإضافة إلى تنظيم لقاءات ومؤتمرات علمية ثنائية. كما استقبلت رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني، ابتسام حملاوي، مطلع جويلية الماضي، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر، إليزابيث مور أوبين، حيث تم التطرق إلى آفاق دعم المجتمع المدني وترقية مشاركة النساء والشباب في العمل الجمعوي من خلال التكوين والتسيير والمرافقة المحلية للمبادرات المجتمعية”.

عبدو.ح

The post من التعاون العسكري إلى الاقتصاد.. تعاون جزائري أمريكي مثمر ومستدام appeared first on الجزائر الجديدة.