هكذا يواجه التلاميذ الامتحانات بدون خوف
ضرورة توفير بيئة داعمة تعتبر الفترة التي تسبق الامتحانات خاصة في نهاية السنة الدراسية من أكثر الفترات توترا وضغطا على التلاميذ، أين يتعرضون لمختلف الضغوطات النفسية والأسرية نتيجة هذه الامتحانات التي يصفونها بالمصيرية كونها تحدد أحيانا مستقبلهم الدراسي خاصة ما تعلق بأصحاب المعدلات الضعيفة والمتوسطة، حيث شخصت الأستاذة والباحثة …

ضرورة توفير بيئة داعمة
تعتبر الفترة التي تسبق الامتحانات خاصة في نهاية السنة الدراسية من أكثر الفترات توترا وضغطا على التلاميذ، أين يتعرضون لمختلف الضغوطات النفسية والأسرية نتيجة هذه الامتحانات التي يصفونها بالمصيرية كونها تحدد أحيانا مستقبلهم الدراسي خاصة ما تعلق بأصحاب المعدلات الضعيفة والمتوسطة، حيث شخصت الأستاذة والباحثة “هاجر طاهري” في لقاء جمعها مع جريدة “الوسط” هذه الظاهرة وقدمت النصائح والإرشادات للتلاميذ من أجل تفادي حالات الخوف والقلق التي تطبع هذه الفترة الحساسة، حيث شددت على الدور الهام للأولياء في مصاحبة أبنائهم لتخفيف حدة الضغط عليهم وغرس الثقة في أنفسهم لمواجهة الامتحانات بكل عزيمة وتركيز.
وفي السياق، أكدت الأستاذة والباحثة “هاجر طاهري” في تصريحها لنا أنه في الوقت الذي تسدل فيه السنة الدراسية ستارها وتشرف امتحانات نهاية السنة على البدء، نجد أنّ التلاميذ يعانون من التشتت وقلّة التركيز وكذا الخوف المسبق من الرسوب أو إعادة السنة. تتمازج هذه المشاعر بكثرة عند فئة المعدلات الضعيفة وتتزايد حدّتها عند تلاميذ الأقسام النهائية، حيث يتبنون سلوكيات نابعة من رغبتهم الجامحة في النجاح لكنهم متغافلين عن مدى سبيتها وعن تداعياتها الوخيمة على نفسيتهم وأجسادهم والذي ينعكس بدوره سلبا على التركيز المعرفي لحظة الامتحان ومنها نذكر: تأخير المراجعة لعشية الامتحان أو قبله بفترة قصيرة، ويعتبر هذا السلوك خاطئ جملة وتفصيلا، وأخص بالذكر هنا أقسام السنوات النهائية، إذ تعد هذه الامتحانات ثمرة جهد امتدّ لتراكم سنوات من المعارف والمعلومات لذلك يجب توخي الحذر وإيلاء الأهمية للمراجعة والتحضير منذ بداية الموسم الدراسي. والنقطة الثانية هي الدخول في هوس الامتحانات والمراجعة والحفظ بدون انقطاع ظنا منهم أنهم بذلك يقومون بواجب التحضير على أكمل وجه ،في الوقت الذي ينهكون فيه أدمغتهم وتحميلها فوق ما تطيق الأمر الذي سيؤثر سلبا عليهم يوم الامتحان ويصّعب عليهم استرجاع المعلومة؛ يفسّره أيضا سلوك إقصاء المواد ذات المعامل الضعيف على حساب المواد الأساسية ربحًا للوقت ، والأجدر الاهتمام بكل المواد على حدٍّ سواء واقتناص أمل النجاح من كل مادة.
كما حذرت المتحدثة من إدمان الدروس الخصوصية في أكثر من مادة، قائلة:” من هذا المنبر ننوّه إلى أنّ الدروس الخصوصية لها من الفائدة في معالجة نقاط الضعف، ولها إمكانية مساعدة المتعلم على ترسيخ الدروس ، لكن حين يزيد الشيء عن حده فالأكيد أنّه ينقلب لضده، لذا على الأولياء الاعتدال في دمج أبنائهم في الدروس الخصوصية لما يتجاوز الثلاث مواد…..ماذا تنتظرون سادتي تلميذ مجهد عقليا، جسميا نفسيا….طيلة أيّام الأسبوع في المتوسطة أو الثانوية وعند عطلة نهاية الأسبوع التي من المفروض أن تكون استراحة محارب، يتنفس فيها بعضا من الصعداء ويقوم بواجباته ويحضر نفسه لأسبوع جديد ….تزجون به للدروس الخصوصية، للأسف مثل هذه السلوكيات التي تتعب نفسية المتعلم والعامل النفسي هو دعامة أي نجاح.”
وهنا تستطرد الباحثة “هاجر طاهري” أن من بين أكثر المشاكل النفسية التي يعاني منها الممتحنون هي “الخوف”. إذا كان الخوف ضده الاسترخاء فمرادفاته: رعشة،توتر،تعرق،إسهال، آلام في البطن،غثيان،تشتت الانتباه وفقدان التركيز، و بالتالي فإنّ الخوف يقتل الإبداع ويدفن النجاح لذلك فإن توفير بيئة أمان وتعزيز مشاعر الثقة عند أولادنا مهم جدا ،سواء كان ذلك من النواة الأولى وهي الأسرة حيث من الواجب على الأولياء ترسيخ فكرة “الحب اللامشروط” لأبنائهم،ذلك أنّ نجاحهم أو رسوبهم ليس معيار لحبهم لأنّهم قبل كل شيء فلذات أكبادهم وحبهم لهم قائم مهمًا كانت النتائج، و للمعلم أيضا تأثير كبير على التلميذ كيف لا وهو المثل الأعلى …وكم لكل واحدٍ منّا في مخيلته أستاذ حاضر من بين الجميع .
قم للمعلم وفّه تبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
لذلك يجب نشر ثقافة الثقة في النفس وتعميمها، فلا ضير أن تخصص بين الفينة والأخرى دقائق توعوية لأبنائنا التلاميذ حول أسئلة الامتحانات أنها ليست بالاعتباطية لكنها عملية دقيقة يقوم بتحضيرها متخصصون ،تخضع لإجراءات تصحيح ورقابة، وتصمم وفق ما جاء في المنهاج الدراسي وتناسب جميع المستويات، والامتحانات ليست بأسطورة “تقرير المصير” على قدر ماهي امتحانات طبيعية للانتقال والتدرج.
وفي هذا الصدد شددت الأستاذة “هاجر طاهري” على ضرورة توفير البيئة الداعمة التي يمكن أيضا أن يوفرها الممتحنون لبعضهم البعض وانطلاقا من مقولة “قل لي من تصاحب أقل لك من أنت”، فإنّ الأصدقاء إذا ما كانوا يتحلون بالاجتهاد والإصرار والرغبة الجامحة في النجاح وتحقيق أفضل النتائج فيمكن أن تصبح عدوى النجاح بين الأصدقاء الممتحنين قابلة للانتشار وتحقيق الدعم لذلك احرصوا على اختيار أصدقاء أولادكم، كما أوصت التلاميذ باتباع بعض السلوكيات المثلى قبيل يوم الامتحان :
فلأن العقل السليم في الجسم السليم، وجب اعتماد غذاء صحي متكامل ومتوازن غني بالفيتامينات والمعادن والألياف وتجنب الأكلات السريعة والمشروبات الطاقوية الخالية من أي قيمة غذائية، كما أنها تحفز الجسم خارج نطاقه الطبيعي، ما يمكن أن يكون له مضاعفات صحية أخرى، و كذا عدم السهر لساعات متأخرة والمراجعة في الدقائق الأخيرة قبيل الامتحان، تجنبا للنسيان والاستنزاف النفسي الذهني والمعرفي، وتحضير الوثائق والأدوات اللازمة ليلة يوم الامتحان، والتوجه للامتحان بهمم عالية وثقة في الله وقناعة توظيف الكم المعرفي والجهود المبذولة طيلة الموسم الدراسي، مع الاسترخاء والتنفس العميق وقراءات آيات قرآنية للتيسير والتسهيل لمنح الهدوء والسكينة.
كما شددت الأستاذة طاهري على قراءة موضوع الامتحان جيدا ومرارا وتكرارا قبل البدء في الإجابة، الإقرار أنّ مواضيع الامتحان مدروسة ومحاضرة بشكل جيد وحتى الحجم الساعي المخصص كافي ومضبوط علميا، الابتعاد عن المشتتات والتركيز على أسئلة الامتحان والتعامل مع الوقت بتأني وحذر، و البدء في الإجابة على الأسئلة السهلة وترقيمها ربحا للوقت وتجنبا لنسيانها في حال أخذ السؤال الرئيسي وقتا أكبر، و لا ضير في قراءة الإجابات وتعديلها قبل وضع ورقة الامتحان، و تجنب النقاش والكلام حول الإجابات، لأنها تؤثر على النفسية وتثبطها للامتحان القادم بل يجب استغلال فترة ما بين الامتحانات للراحة واسترجاع الطاقة، و العمل على التركيز على كل المواد على حد سواء أساسية كانت أو ثانوية.
وختمت الباحثة بالقول إن اليقين أنّه في نهاية المطاف يبقى امتحان وليس عنده تتوقف الحياة…قد يكون أحيانا الرسوب، نقطة انطلاق لبداية جديدة أقوى وأنجح ، ونتمنى اليسر والتوفيق لكل أبنائنا .
أحسن مرزوق