أطفال غزة: والحرب المجنونة
أ.د حجيبة أحمد شيدخ/ كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب الأطفال ويشفق عليهم ويحرص على مشاعرهم، فكان يحمل الحسن والحسين على كتفيه، ويختصر الصلاة رحمة بالأطفال، ومن المواقف التي رويت عنه تعزيته لعمير مازحا معه وقد أخذه الحزن على عصفوره قائلا: يا عمير ماذا فعل النغير؟ وقد كان يدعو إلى تعليم الأطفال مبادئ الدين، …

أ.د حجيبة أحمد شيدخ/
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب الأطفال ويشفق عليهم ويحرص على مشاعرهم، فكان يحمل الحسن والحسين على كتفيه، ويختصر الصلاة رحمة بالأطفال، ومن المواقف التي رويت عنه تعزيته لعمير مازحا معه وقد أخذه الحزن على عصفوره قائلا: يا عمير ماذا فعل النغير؟ وقد كان يدعو إلى تعليم الأطفال مبادئ الدين، لأنهم مستقبل الأمة…وفي الحروب كان يوصي بعدم إلحاق الأذى بالأطفال والنساء، والشيوخ … في القرن العشرين ظهر ما يسمى بحقوق الطفل الذي تبنته الأمم المتحدة، لكن هذه الحقوق تحطمت على عتبات غزة، وأصبحت مجرد شعارات فارغة من المعاني القيّمة…
مشاهد الحرب على غزة التي تُنقَل إلينا عبر الإعلام مؤلمة، وأشدّها إيلاما مشاهد الأطفال، بكل حالاتها: أطفال يودعون آباءهم، وأطفال مصابون بجروح بالغة الخطورة، وأطفال بُترت أعضاء من أجسادهم، وحاليا تفاقم المجاعة عليهم ومعاناة النزوح المتكرر.
لم يشهد الوجدان المسلم ألما كالذي يعيشه هذه الأيام، فهو يرى الظلم والعدوان، ولا يستطيع ردّه، يتواطأ حكّامنا على أطفال باسم المعاداة لحماس والإخوان المسلمين، فيستهدفون مع أعدائهم مستقبل أمتهم ممثلا في طفولة بريئة. إن الشيء الفظيع الذي نستغرب منه هو: كيف استطاع سرطان العداوة للإسلام أن يتفاقم في أمتنا، فيصبح الأخ يتواطأ مع العدو الصهيوني ضد المسلم، ولو كان امرأة أو طفلا؟
لقد أعلن اليهود حربهم على أطفال غزة بدعوى أنهم سيكبرون ويحملون السلاح ضدهم فهم الأعداء منذ الولادة، منطلقين في ذلك من دين محرف صاغه أعداء البشر …فقد ورد في كتابهم: (اقتلوا على السواء الرجل والمرأة، والطفل والرضيع، بقرا وغنما، جملا وحمارا)، وكم رأينا من الصور البشعة، يتلذذ جنودهم بتعذيب وقتل أطفال غزة، وتدمير بيوتهم وتحطيم ألعابهم وأحلامهم.
تَلاَ، أنجبتها والدتها بعد ثماني سنوات من الانتظار، فقدت يدها، لكنها لازالت تأمل أن تنتهي الحرب وتذهب لوضع يد اصطناعية، تقول أخذوا يدي فراحت على الجنة. وواحدة أخرى تسأل والدها: يدي حتطلع ثاني؟ …
مصاصو الدماء لم يشبعوا بعد؛ لقد استشهد حوالي 20 ألف طفل، ويُتّمَ حوالي 19ألف طفل، يعيشون الجوع والنزوح، لا يعرفون أمنا ولا استقرارا، كل يوم يستهدفون، منذ أيام في فاجعة كبيرة فقدت دكتورة الأطفال: (آلاء النجار) أولادها الثمانية وزوجها. هزت الحادثة العالم لكن الظاهر أن جبروت الظلم لا يستطيع أحد إيقافه ….مناظر بشعة تعبر عن انحدار إنسانية إنسان القرن الواحد والعشرين أسفل سافلين: ترى أطفالا يجتمعون على أمهاتهم وآبائهم الشهداء يودعونهم بألم كبير، في مناجاة حزينة تختلف من ابن إلى آخر: بعضهم يقول لأمه مع السلامة يمّا وبعضهم يبكي ولا يستطيع التعبير، وبعضهم، يبكي والده قائلا: من سيوقظني لصلاة الفجر، وبعضهم ينجو وحيدا، وقد رأينا صورة الطفلة (ورد الشيخ خليل ) التي أكلت النيران أسرتها بقصف صاروخي وهي تتفرج، وكانت الناجية الوحيدة و … وفي معاناة أخرى تجد نساء ورجالا يودّعون أطفالهم، فهذا يقول: ما ذنبه، والله مات جائعا، وبعضهم تلتقط أبناءها أشلاء من اللحم، وبعضهم ينجو بأعجوبة ينقله الاستهداف من عمارة إلى أخرى، ومن أشد العذابات نزوح الأطفال حفاة بأثواب رثة، وتحمّل كثير منهم مسؤولية إخوته لأن الوالدين استشهدا، وقد رأينا حالات كثيرة من ذلك…
إن استهداف أطفال غزة استهداف للأمة المسلمة، بقتل جيل من أبنائها، تميزوا بحبهم للإسلام، وبتربيتهم في بيئة نظيفة تشبعت بروحه، فقد كانت غزة، موطنا للقرآن وتفسيره وتعليم الرجولة من الصغر …