الحاجة إلى تفعيل قيمة التقدير في حياتنا المدارس الصيفية نموذجا
أ. حسن خليفة/ في هذا الحرّ القائظ والذي نحس به جميعا، تفتح الجمعية مدارسها ونواديها للبنين والبنات من جديد تحت مسمّى «المدرسة الصيفية»، وذلك بعد أيام قليلة من إنهاء العام التربوي، واختتام أشغال السنة الدراسية باحتفاءات وتكريمات وسرور وحبور رأيناه في صور الأبناء والبنات وأوليائهم المبتهجين. لكن ما الذي يدعو المربين والمربيات، ومن ورائهم المشرفين …

أ. حسن خليفة/
في هذا الحرّ القائظ والذي نحس به جميعا، تفتح الجمعية مدارسها ونواديها للبنين والبنات من جديد تحت مسمّى «المدرسة الصيفية»، وذلك بعد أيام قليلة من إنهاء العام التربوي، واختتام أشغال السنة الدراسية باحتفاءات وتكريمات وسرور وحبور رأيناه في صور الأبناء والبنات وأوليائهم المبتهجين.
لكن ما الذي يدعو المربين والمربيات، ومن ورائهم المشرفين والمشرفات وأعضاء الجمعية في شُعب الولايات والبلديات أن يعيدوا فتح المجال لاستقبال الأبناء والبنات لمدد قد تطول وتقصر (من شهرين إلى عشرين يوما كأقل فترة) في صيغة «المدرسة الصيفية»؟
الجواب: إنه الشعور بالواجب، انطلاقا من أن العطلة هي في الأساس فترة فراغ، والفراغ مفسدة أي مفسدة، الفراغ قاتل وبيئة جاذبة للملل، معينة على الشرّ، إذا لم تُعمر الأوقات بالنافع عمرت بالضار دون ريب.
نعم .. إذا لم تُعمر أوقات الأبناء والبنات بالخير، والعلم، والثقافة، والقرآن والحديث، والترفيه النظيف عمُرت بالسيء والضّار، وأقله الانغماس في حمأة الإدمان الإلكتروني بمختلف أشكاله وصيغه ومآلاته كلها فساد وإفساد، وقتل للمواهب وإيغال في التوحد والعزلة وضعف في القوى العقلية، كما دلت عليه الدراسات العلمية الكثيرة،. فإن لم يكن الإدمان فهناك الصحبة السيئة في الشارع، والشارع لا يرحم كما يقولون.
كل هذه الأموراستحضرها المربون والمربيات ومن معهم من أعضاء الجمعية، وهم يحضّرون البيئة لاستقبال الوافدين والوافدات إلى المدرسة الصيفية، ببرامج متنوعة، وفقرات مفيدة، وفي جو إيماني عائلي دافء.
ومن المهم هنا أن نقول: أن القصد بيّن في عون الأسر والاولياء على أبنائهم، باحتضانهم وإحسان توجيههم، وتعليمهم ما ينفعهم، سواء بحفظ القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، أو بدراسة خفيفة لبعض المواد ذات الصلة بحياتهم وتحسين أخلاقهم وتزيين آدابهم، وإعدادهم للحياة كما ينبغي.
في هذه الفترة التي يقضيها الأبناء في رحاب النوادي والمدارس تفريغ لأوقات الأولياء للانشغال بأمور أخرى تهم الأسرة في معاشها وحياتها وعلاقاتها؛ فهم مطمئنون على أبنائهم وبناتهم في تلك المحاضن، التي فيها دعم لهم على حسن التوجيه وجميل التربية، وتلك نعمة ولله الحمد.
إذن.. ما المطلوب هنا؟
ذلك ما دعونا وندعو إليه باستمرار…أن تنشأ بين الجمعية والأولياء صلات طيبة، وتبرز قيّم تنمو وتتطور حتى يصل الأمر إلى التعاون الوثيق في تربية الأبناء وحسن أعدادهم بالصلاح والاستقامة، وهذا جزء من منهج الجمعية المنضوي تحت مسمّى «التهذيب».. وهي مهمة جليلة عظيمة القدر، وهي أيضا وظيفة شاقة ومتعبة، تحتاج الى الجهد، واليقظة، والانتباه، والمتابعة، والتقييم، والتصويب، وحسن المعاملة، والصبر والتحمل، والصدق والإخلاص، والمعنى أنها ليست سهلة أبدا.
أمام ما يُبذل من جهود كبيرة مأجورة متَقبّلة إن شاء الله تعالى .. ما الذي ينبغي أن يكون:
فلنكن صرحاء… ما ينبغي أن يكون هو «التقدير» والتقدير قيمة إنسانية وإسلامية عظيمة، وهي من الأخلاق الرفيعة في المجتمع المسلم ويمكن أن تعني في أبسط مظاهرها حفظ القيمة لمن يستحقها؛ خاصة من أهل العلم والتعليم، والبذل والاجتهاد.
ويعني التقدير ـ أيضا ـ الاعتراف بجهود الآخرين؛ وذلك من شأنه تشجيعهم، وإشعارهم بأهمية ما يقومون به، على النحو الذي يجعلهم أكثر تحفّزا وأكثر نشاطا، وهذا ملحوظ ومشاهد في حياتنا.
أردتُ أن أجعل هذه الكلمات مدخلا إلى القلوب لتعزيز العلاقة في مجتمعنا بين أعضاء الجمعية وأبناء المجتمع عامة، والأولياء منهم بصورة خاصة، نظرا لصلتهم المباشرة واليومية مع النوادي والمدارس.
إن «تثمين «و«تقدير» جهود المربين والمربيات وإشعارهم بمكانتهم ومكانتهن بالخطاب الجميل والثناء الطيب، له من الآثار الكريمة حسّا ومعنى ما يعلمه الله وحده، وهو يدفع نحو أفق أقوى وأكبر في بذل الجهود وتعزيزها، ونتائجه مثمرة زكية بحول الله، ونفس الأمر ينسحب على مجموع أعضاء الجمعية في كل ولاية وبلدية وفرع، كلما اقتربنا من هؤلاء الإخوة والأخوات، وتشاركنا معهم الاهتمام وتبادلنا معهم التقدير كان العائد أفضل فأفضل..
وبالطبع لا يغفل المرء هنا التفاوت في البذل والصدق بين العاملين هنا وهناك، ولكن نستطيع بتفعيل «التقدير» وإبداء الاهتمام والاقتراب الانساني الإيماني أن نحقق جميعا المرتضى بعون الله تعالى، فيتحسّن الأداء ونقترب أكثر فأكثر من تحقيق مجتمع «الجسد الواحد».. المتوافق المتناصر المتعاون والله من وراء القصد .