ركن يوهمونك إذ يقولون (6)

أ.د. بلخير عمراني/

يوهمونك إذ يقولون عن زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة ذاك زمن وهذا زمن، وهم يريدون منك أثناء المحاججة أن تترك تلك النماذج في صورتها البراقة بعيدة عن إمكانية التأسي بها، وبعيدة عن كل محاولة للعودة إليها، وكلما سقت لهم مثالا من سيرة المصطفى المختار أو صورة من صور الصحابة الأطهار واجهوك بهذه المقولة الباطلة « ذاك زمن وهذا زمن «. ما جاء محمد صلى الله عليه وسلم للناس ليكون صورة يستحيل التأسي بها، وما كان صلى الله عليه وسلم ملكا من الملائكة أو خلقا نازلا من السماء من غير طينة البشر بل كان بشرا رسولا، يمشي في الأسواق وياكل الطعام ويصلي وينام، وإنما الحكمة من بشريته أن يكون مثالا قريب التطبيق، ولذلك قال عز وجل: « لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا « الأحزاب 21. وما قيل في رسول الله كإنسان يقال في الصحابة كمجتمع. إنهم لا يريدون من هذه المقولة إلا ترك العمل بسنته إن كانوا من العلمانيين، أو تبرير مواقفهم ومعاصيهم إن كانوا من العامّيين، أو القعود عن تصحيح ما بالنفس وما بالأمة من باب التوهين والخذلان والركون إلى أهواء النفس وشهواتها. ستأتي خلافة على منهاج النبوة كما بشر بذلك صلى الله عليه وسلم وهو دليل تكرر الحكم الراشد، وسيأتي زمان تكون السجدة فيه خيرا للمسلم من الدنيا وما فيها كما بشر بذلك أيضا وهو دليل تكرر المجتمع الصالح، وسيأتي في كل زمان أناس أجر الواحد فيهم كأجر خمسين صحابيا، « ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ « الواقعة 39، 40. فاللهم اجعلنا منهم بكرمك.